آراء ثقافية

جيمس ماثيو باري.. تحويل الألم إلى الجمال

جيمس ماثيو باري
جيمس ماثيو باري
لا تكاد تخلو طفولةُ أي أحدٍ منّا من الحكايات والقصصِ الخياليّة، سواءً تلك التي شاهدناها أو حتى التي سمعنا عنها ورُويت لنا أو قرأناها بأنفسِنا، ولا شكّ بأنّ تلك الحكايات أو بعضًا منها قد لامست بدفءٍ عقولنا البريئة وسلبت قلوبَنا بما فيها من شخصياتٍ وعوالمَ خياليّة وأحداث مشوّقة، خصوصًا أنّ للحكايا تأثيرًا ساحرًا تمتازُ بهِ عن باقي الفنون الأدبيّة عندما يتعلّقُ الأمرُ بالأطفال، فهي تُعتبر من أقربِ الفنونِ إلى قلوبِهم وعقولِهم، إذ تعملُ على إثارةِ مخيّلتهم وتغذيها وتأخذُ بأيديهم ليخلقوا عالمَهم الخاصّ الذي يحلمون بهِ ويعيشُ في أذهانِهم ربما إلى الأبد.. 

عندما أعادت دار تكوين الكويتية ترجمة الحكاياتِ العالميّة الشهيرة، والتي سبقَ وأن نُشرت في المجلاتِ والكتبِ بل وعُرِضَت كأفلامٍ ومسلسلاتٍ كرتونيّة، كصاحبِ الظلّ الطويل، عهد الأصدقاء، هايدي، جزيرة الكنز وغيرها الكثير، اندفعَ لشرائها البالغون- وأنا منهم- قبل الأطفال، لقد كان كل واحدٍ منهم كالمغتربِ الذين انطلقَ بفرحٍ غامرٍ عائدًا إلى حضنِ وطنِه الطفوليّ الذي يسكن في داخِله منذ ذلك الوقت وحتى الآن، فولجوا جميعا عالمَ الطفولةِ مرةً أخرى من خلالِ تلك الحكاياتِ الجميلة والدافئة، وإلا ما الذي سيدفعهم إلى شراءِ حكاياتٍ يعرفونها مسبقًا سوى حالة من الحنينِ إلى ذلك الزمن الذي عاشوا فيه أيامًا بسيطة وهانئة.. 

لكن، وبما أننا لم نعُد أطفالًا، فبالطبعِ سوف نعيدُ قراءة تلك الحكاياتِ بنظرةٍ وطريقةٍ مختلفة عما كانت لدينا ونحن أطفال، وسنجدُ أنّ وراءَ تلك الحكاياتِ السعيدة والحالمة الكثير من الرسائلِ العميقة والخفيّة والتي غابت عن أذهاننا ونحن صغار وصرنا بأمسّ الحاجةِ إليها ونحنُ نعيشُ في زمنٍ عصيب، ليس ذلك فحسب، بل مع الأسف سنعرفُ أيضًا أن وراء هذه الحكاياتِ الرائعة الكثير من الألم والمعاناة، إذ إن هذه الأعمال لم تُكتب في عالمٍ تعيشُ فيهِ الجنيّاتُ والأبطال الشجعان وينتصرُ الخيرُ فيه على الشرّ ويحظى الناس فيه بنهاية سعيدة، بل على العكسِ تمامًا، ومثالا على ذلك سأذكرُ حكاية بيتر بان الشهيرة، والتي عُدت لقراءتِها ثانيةً.

تدورُ حكاية بيتر بان الشهيرة عن الصبيّ بيتر الذي رفضَ أن يكبُر وأراد أن يبقى صغيرًا للأبد، فهجر والديهِ وعاش في جزيرةٍ بعيدةٍ تُدعى نيفرلاند "اتجه نحو المنعطف الثاني نحو اليمين، ثم تقدّم للأمام حتى الصباح"، وإذا قُمت بقراءةِ حكاية بيتر بان أو شاهدت أحد أفلامه المصوّرة فستجدها حكاية ظريفة ومليئة بالمغامراتِ المدهشة والمواقف المضحكة، لكنّ الحقيقة هي أنّ الحكاية كانت عبارة عن انعكاس لمأساةٍ سوداويّة عاشها مؤلّفها جيمس ماثيو باري في حياته.

استمدّ الكاتبُ جيمس ماثيو باري حكاية بيتر بان من واقعِ طفولتِه التي عاشها، فقد فُجعت أسرته بفقدانِ أخيه، مما جعل والدته تدخل في حالةٍ من الحزنِ الشديد والكآبة، لم يحتمل جيمس أن يقف مكتوف اليدين وهو يرى والديه يعيشان هذه التعاسة، فقرر أن يجسد دور أخيه، فقام بارتداء ملابسه ومحاولة تقليده في كل شيء، وبالطبع فإن هذا الفعل ترك في داخله ألما فظيعا، خصوصًا وأنه كان يسمع والدته تقول بأنّ ابنها المتوفى لا يزال على قيدِ الحياةِ في مكانٍ بعيد حيث لن يموت وسيبقى طفلًا للأبد.

ومن هنا ظلت فكرة أرض الخلود أو نيفرلاند تلاحقه حتى بعدما كبُر، ولم يتوقف الأمرُ عند فقدان أخيه فحسب، بل فشل في زواجه أيضًا وخلّف ذلك لديه شعورًا بالخيبةِ، كما أنه لم يكن راضٍ عن الأعمالِ المسرحيةِ التي كتبها، لكن بعد وفاةِ صديقِهِ دافيس، التقى جيمس بأطفال صديقه الخمسة وأرملتِهِ، وقد ألهمه الأطفال من خلالِ زيارتِه اليوميّةِ لمنزلهم ومشاهدتهم وهم يلعبون واستماعه إلى أحاديثهم المسليّة حكايةَ الصبي بيتر الذي لا يكبر أبدا ويواجه كل يومٍ مغامرة مع القراصنة والجنيات والهنود الحُمر، حيث كان بيتر طفلًا يرفض أن يصبح رجلًا، ويلتقي بالأطفال التائهين أو الهاربين بطفولتِهم فيعلمهم القتال والطيران، وبالمناسبة فإن اسم بيتر كان في الواقع اسم أصغر أبناء دايفس، لقد عُرضت مسرحية بيتر بان بالرغم من كل الصعوباتِ أثناء تنفيذها بسبب الحاجة إلى مؤثراتٍ معقدة وأدواتٍ وديكوراتٍ ضخمة، وقد لاقت المسرحيّة إعجابا كبيرًا.

إن حكاية بيتر بان تمثل مشاعرًا مأساوية من الفقدِ والألم، حتى أنّ حب جيمس لوالدتِه وتعلّقه الشديد بها ظهر بوضوحٍ من خلال رسمه لشخصية ويندي التي تحب أمها كثيرًا، لكن بيتر كان قد علمها الطيران وأخذها مع إخوتها بعيدًا إلى نيفرلاند، لكن الأم أبقت نافذة غرفةِ نومِهم مفتوحة أملًا في عودتِهم يومًا ما، وبالنسبةِ لأمّ ويندي فقد كانت شخصيّة كتومة ومن المستحيل أن يحظى أحد بقُبلتِها، لكنّ جيمس يذكر أنّ بيتر كان الوحيد الذي حصل عليها بسهولة، وربما قصد المؤلّف أنّ والدته أغدقت كلّ محبّتها على أخيه، فبيتر يمثل شخصية الفقيد الذي لن يكبر أبدا وسيبقى طفلا كما كانت تهذي أمه الحزينة.

لقد خبأ جيمس كل هذه المشاعر خلف ستارٍ من الضحك والبهجة، محولا بذلك واقعه المرير وتجربته القاسية إلى حكايةٍ خالدة تُسلّي الأطفال وتسعدهم، لكنّ جيمس لم يعرف السعادة أبدًا حيث فقد أخاه وعاش طفولة كئيبة فرضتها عليه صدمة والديه وحزنهما الشديد، حتى بعد تبنيه لأطفالِ صديقه الخمسة كان قد أحب والدتهم وطلب يدها للزواج لكن الموت كان منها أقرب، ولتكتمل المأساة انتحر الطفلُ بيتر أصغر أبنائها، وعاش الإخوة الأربعةُ في تعاسةٍ أبديّة!  

من الجدير بالذكر أن الفنان جوني ديب كان قد جسّد شخصية الكاتب جيمس باري في فيلم العثور على نيفرلاند أو Finding Neverland 2004، حيث يتناول الفيلم صداقة جيمس مع الأطفال الخمسة وأرملة صديقه المتوفى دايفس وكيف ألهمه الصغار شخصية بيتر بان، وقد أبدع جوني ديب في أداء الشخصية وتحولاتها بين حالاتِ البهجةِ والحزن وأضفى عليها كالمعتاد جاذبيته وبصمته الخاصة مثلما يفعل في كل الشخصيات التي يؤديها، وهو ما دفعني إلى إعادة قراءة الرواية في ظلّ الحقيقةِ التي عاشها المؤلف مما جعل رؤيتي لها تختلف كليّا عن السابق..

بالرغم من الحزن الكبير الذي يحيط بكواليس الحكايات السعيدة إلا أن جيمس باري كان قد علّمنا كيف يمكن للإنسانِ أن يحوّل أحزانه بطريقةٍ ما إلى شيءٍ جميلٍ، وهذه بعض الاقتباسات التي أعجبتني من رواية بيتر بان: 

" فقط أولئك الأبرياء والأنقياء الذين يشعرون بالبهجة يمكنهم الطيران".

" يمكن لفتاة أن تكون أكثر فائدة من عشرين شابًا".

" عندما يضحك الطفل ضحكته الأولى تتحول إلى جنّية، هكذا تولد الجنيات من ضحكات الأطفال، وعندما يفقد طفل إيمانه بوجودهنّ تموت جنّية في مكانٍ ما في العالم".

" لقد أعطاهم جهلهم ساعة واحدة من السعادة".
التعليقات (1)
نسيت إسمي
الأربعاء، 03-08-2022 08:19 م
1 ـ '' رسالة مخيفة على قشرة الموز '' الكتابة على الموز أمر بسيط، وربما يكون وسيلة للمرح وعمل المقالب، مثلما حدث مع الإعلامي الأمريكي "كيفن بيغل"، الذي نشر على تويتر صور لعدد من ثمار الموز بتاريخ : الأحد، 08 يوليو 2018 ، بعد أن اشترى عشرات الموز من السوبر ماركت، واكتشف رسالة مخيفة على قشرة الموز. الأولى هي : تحطيم الأشياء المؤلمة في الموز عند العلامة لذلك عندما يأخذ الناس إلى المنزل بعد ساعات وتظهر الكلمات ، فإنهم يعتقدون أن الشبح يعرف أسرارهم .. نشر بيغل صورتين للموزة ذاتها، واحدة قبل أن تظهر الرسالة حين اشترى الموز، والثاني بعد مرور بعض الوقت حيث يظهر على القشر بعض الكتابات، لتيدبو وكأنها رسالة مخيفة! عندما نكتب شيئا على قشر الموز، فإنه لا يظهر على الفور، عندما ينضج الموز تصبح الرسالة أكثر قتامة، وتبدأ في الظهور بشكلٍ واضح، عند إلقاء نظرة فاحصة على الصور هنا، نفترض أن الصورة على اليمين أخذت بعد ساعات بعد أن تحولت الحروف إلى اللون البني، وتحمل عبارة: "أعرف ما فعلت". 2 ـ (العسل هو البصل و البصل هو العسل) زوج شاعر يريد أن يغازل زوجته: خاصمتها إثر ذنب بالمسا حصل، ورحت دون وداع أقصد العمل، وفي الظهيرة عدت البيت مكتئبا، وصلت لكن سرور الروح ما وصل، رأيتها عند فتح الباب باكية، ودمعها أغرق الخدين والمقل، عانقتها عند ظني أنها ندمت، وصرت أسرد في توصيفها غزل، يا أقرب الناس من قلبي كفا ألماً، فدمع عينيك لولا الحب ما نزل، ففارقتني وقالت: لم يكن ألماً بل كنت أقطع بالسكينة البصل. 3 ـ ("بانانا جو") هذا الفيلم الكوميدي الهادف، من فكرة الممثل الكبير بود سبنسر يتماشى مع الأسلوب العام المتبع في الأفلام الثنائية البطولة مع ترانس هيل أراد الممثل من خلال الفيلم، أن يرسل رسالة إلى الجمهور يدين فيها الوجه البشع للرأسمالية خاصة تجاه تدمير الطبيعة، كما يحيل على مشكل البيروقراطية أيضاً . الفيلم من إخراج: ستيفانو فانزينا المشهور فنّيا ب "ستينو" .أحداث الفيلم تدور حول شخصية تدعى "بانانا جو"، الذي يعيش في قرية استوائية صغيرة بعيداً عن الفساد ومشاكل المجتمع الحديث، يزرع الموز ويبيعه في أحد القرى المجاورة مقابل الطعام، مستعيناً بمركبه البخاري. يحمل على عاتقه تكاليف أبنائه و قريته بالكامل غير أن شخصية متنفذة ذات تاريخ إجرامي، حطت في القرية لبناء مصنع لإستنزاف ثرواتها جعلت بطل الفيلم يخضع لسلطة قانونية، أجبرته على التخبط في بيروقراطية من أجل الحصول على رخصة، لبيع محاصيل الموز المزروعة في قريته وكذا أحقيته في إستغلال مزارعها. 4 ـ (الجميلة والوحش) وهي قصة خيالية كان ياما كان في قديم الزمان، فتاة جميلة المنظر والخلق اسمها بل، كانت تعيش مع والدها التاجر وأختيها. كانت تحب والدها كثيراً وتطيعه في كل أوامره وكان والدها أيضاً يحبها كثيراً، ومع الأسف كانت أختاها تغيران منها بشدة بسبب جمالها وحب والدها لها بالرغم من أن “بل كانت تحبهم للغاية. وفي يوم من الأيام قرر والدهم السفر للتجارة وسأل بناته : ماذا يردن هدايا؟، قالت الأختان: نريد مجوهرات. أما بل فقالت :”أريدك سالماً يا أبي. ولكن الأب أصر فقالت: وبعد أن انتهى التاجر من عمله، وفي طريق العودة للبيت، مر ببستان قصر وأراد أن يقطف منه وردة، وهنا ظهر له وحش مخيف وقال له: ماذا تفعل هنا في بستاني؟ لم يقدر الرجل على الكلام، وسقط فاقدا الوعي، فحمله الوحش إلى داخل القصر. مرت أيام ولم يعد التاجر، وهنا قررت بل أن تذهب للبحث عنه حتى وصلت إلى قصر الوحش. وهناك رحب الوحش بها وقال لها إنه يعتني بوالدها. لم تصدق بل ما سمعت حتى رأت أباها، واطمأنت عليه. ومرت أيام والوحش يعاون بل في رعاية والدها، وفي يوم من الأيام قالت ” بل لوالدها : إن هذا الوحش طيب القلب يا أبي. فقال لها الوالد : نعم بالرغم من مظهره فهو طيب، ولكن أخبريه أننا سنسافر غدا واشكريه. ذهبت بل وأخبرت الوحش بسفرهم غدا وشكرته. جلس الوحش خارج القصر في الليل وحيدا حزينا لفراقهم وأثناء ذلك هاجمه ذئب. وفي الصباح نظرت بل من نافذة القصر فوجدت الوحش مصابا فجرت نحوه. وأخذت تقول باكية : أرجوك رد على ، تكلم، لن تغادر القصر ونتركك وحيدا. وسقطت دموعها، وفجأة تحول الوحش إلى أمير وسيم ، سألته بل أين الوحش؟ ابتسم الأمير وقال : لقد حولني ساحرة شرير إلى وحش، ولقد ذهب سحره بسبب دموعك الصادقة. ثم قال الأمير : هل تقبلين الزواج مني؟ فوافقت بل، واحتفلا بزواجهما في حفلة كبيرة، وعاشا سعداء في القصر. و هناك مسلسل "الجميلة والوحش" من مواليد "1987 ـ 1990" له ثلاثة مواسم المسلسل يعكس بقوة موجة الرومانسية في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات التي إجتاحت الثقافة الأمريكية في قصة حب مستحيل بين إمرأة تعمل في الشرطة وبين وحش يعيش في عالم سري من الأنفاق تحت مدينة نيويورك مخرج ومنتج المسلسل هو رون كوسلو والذي له أعمال كثيرة أخرى بين مسلسلات وأفلام المسلسل مناسب لكل أفراد العائلة ولكن لن يقدره إلا القدماء. كما قدمت ديزني 1991 الجميلة والوحش هو فيلم الرسوم المتحركة رقم ثلاثون بين أفلام والت ديزني الكلاسيكية المرسومة وثالث فيلم في عصر نهضة ديزني. تم اقتباس الفيلم من القصة الخيالية الجميلة والوحش للكاتبة الفرنسية جان ماري ليبرينس دي بومون "والتي كانت مقتبسة من قصة اخرى بنفس العنوان والأحداث ولكن بتفاصيل أكثر من كتابة جابرييل سوزان باربو دي فيلنوف" ويستخدم بعض الأفكار من فيلم تم إنتاجه عام 1946 يحمل نفس العنوان. يحكي الفيلم قصة أمير تحول إلى وحش بسبب لعنة سحرية، وفتاة جميلة تدعى بِيل يقوم الوحش بسجنها في قلعته. ولكي يعود أميراً مجدداً، يتوجب على الوحش ان يقع في حب بِيل وأن يكسب حبها في المقابل، وإلا سيظل وحشاً إلى الأبد.
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل