هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناول تقرير في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الدعم الأوروبي لنظام عبد الفتاح السيسي من خلال ما قال إنه صفقة بينهما قائمة على "السلاح مقابل الصمت".
ونشر أحمد شمس التقرير بعنوان "السلاح مقابل الصمت: صفقة مصر السرية مع الاتحاد الأوروبي"، منتقدا التجاهل الأوروبي لسجل حقوق الإنسان السيئ في مصر بهدف تحقيق مصالح لها.
وتاليا النص الكامل للتقرير كما ترجمته "عربي21":
زادت دول الاتحاد الأوروبي مبيعاتها من الأسلحة إلى مصر بشكل كبير منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة بعد انقلاب عسكري في 2013.
وعلى الرغم من سجل مصر السيئ في مجال حقوق الإنسان؛ فقد قامت دول الاتحاد الأوروبي -بما في ذلك المملكة المتحدة- بتصدير أو ترخيص ما لا يقل عن 11 مليار دولار من الأسلحة إلى مصر بين عامي 2013 و2020.
منذ توليه السلطة في انقلاب عسكري عام 2013؛ حاولت القيادة العسكرية المصرية تشكيل اتفاقية فريدة وغير رسمية إلى حد كبير مع القادة الأوروبيين؛ فإذا قاموا بحمايتها من الانتقادات بشأن سجلاتها في مجال حقوق الإنسان، فستواصل شراء أسلحتها.
ومنذ عام 2011؛ بدأت الحكومة المصرية في تعزيز وارداتها من الأسلحة بشكل كبير.
تقليديّا؛ دائما ما كان مصدر هذه الأسلحة الرئيسي هو الولايات المتحدة، والتي قدمت على مدى عقود مليارات الدولارات كمساعدات للبلاد وجيشها.
لكن على مدى العقد الماضي؛ بدأ ذلك يتغير عندما بدأت مصر تزيد تركيز علاقاتها مع جيرانها في أوروبا.
وحصل موقع "ميدل إيست دايري" على مذكرة داخلية من وزارة الخارجية المصرية تسلط الضوء على الأسباب الكامنة وراء ذلك.
ففي تلك المذكرة؛ يقول دبلوماسيون إنهم قلقون بشأن الانتقادات التي تتلقاها مصر في الأمم المتحدة، وفي المقام الأول تلك التي تأتي من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي؛ حيث ترى الحكومة في تصريحات تلك الدول بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر أداة ضغط لفرض تغيير السياسة.
وتقول إنه كان هناك نقص في المصالح المباشرة والحيوية التي تحفز الاتحاد الأوروبي على التعاون مع مصر؛ مثل عقود الأسلحة التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات، واتفاقيات لاستضافة مئات الآلاف من اللاجئين الأجانب، ودور عسكري أو أمني في التعامل مع أزمة معينة.
وهذه المذكرة مؤرخة في أيار/ مايو 2017، وريتشارد -رجلي في في مكتب وزير الخارجية الحالي سامح شكري- أضاف ملاحظات مكتوبة بخط اليد إلى الوثيقة ووقع عليها.
يمكن رؤية هذا النهج ينعكس في الواردات العسكرية المصرية على مدى العقد الماضي؛ حيث يتجلى هذا في الشراكة الأمنية المتزايدة بين مصر وفرنسا..
في الواقع؛ لقد تجاوزت فرنسا الآن الولايات المتحدة.. وأصبحت ثاني أكبر مورد للأسلحة للبلاد بعد روسيا.
وبين عامي 2010 و2019، استوردت مصر معدات عسكرية بأكثر من 7.5 مليار يورو من فرنسا، والتي تضمنت صفقة وقعت عام 2015 لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز داسو رافال الفرنسية.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2020؛ أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه لن يجعل مبيعات الأسلحة لمصر مشروطة بحقوق الإنسان لأنه لا يريد إضعاف قدرتها على مكافحة التشدد في المنطقة.
وصوت الرئيس الفرنسي: "لن أشير في مسائل الدفاع والتعاون الاقتصادي إلى هذه الخلافات [حول حقوق الإنسان]؛ فمن الأكثر فاعلية أن يكون لديك سياسة المطالبة أكثر من المقاطعة التي تقلل فقط من الفعالية".
وتبع ذلك صفقة بقيمة 4 مليارات يورو في أيار/ مايو 2021؛ حيث حصلت مصر على 30 طائرة مقاتلة جديدة أخرى.
وارتفعت واردات الأسلحة الألمانية إلى مصر بنسبة 205 بالمئة منذ عام 2013؛ وذلك وفقًا لتحليل أجراه معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط.
فقبل أيام قليلة من مغادرتها منصبها؛ وافقت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل على صفقة أسلحة بقيمة 5 مليارات يورو، وتشكل مصر غالبية مبيعات تصدير الأسلحة القياسية في ألمانيا التي تمت في عام 2021.
وفي عام 2020؛ وقعت مصر صفقة بقيمة 10 مليارات يورو مع إيطاليا؛ تضمنت شراء ست فرقاطات من طراز إم 3 24، وست طائرات تدريب، و24 طائرة قتالية من طراز يورو فايتر تايفون، و20 زورقًا صاروخيًّا من طراز فالاج II أو بي في، بالإضافة إلى قمر صناعي عسكري.
وصدرت إسبانيا قطع سلاح إلى مصر بأكثر من 50 مليون يورو منذ عام 2012، كما وافقت على 46 رخصة لتصدير الأسلحة.. إضافة إلى 93 مليون يورو أخرى.
ثم في شباط/ فبراير 2014؛ رفضت لجنة الدفاع بالبرلمان الإسباني طلبًا قدمه حزب اليسار الجمهوري الكتالوني لتعليق صفقات الأسلحة مع مصر بسبب انتهاك الحكومة المصرية لحقوق الإنسان.
ورفض حزب التقارب والاتحاد الطلب المقدم قائلًا إن العلاقات مع مصر يجب أن تظل كما هي؛ حيث لا ينبغي أن يحدث التغيير في السياسات الخارجية فجأة ودون تفكير في عام 2021.
ووقعت شركة تصنيع الأسلحة الإسبانية "إيسكريبانو".. اتفاقية تعاون لتزويد مصر بالمنظومات البحرية والبرية التي يتم التحكم فيها عن بعد.
وزودت المملكة المتحدة مصر بمجموعة من المعدات العسكرية التي تقول جماعات حقوقية إن جيش البلاد استخدمها لقمع مواطنيها.
وتشمل هذه المعدات المدافع الرشاشة والمروحيات العسكرية وقطع غيار المركبات القتالية.
وحددت إدارة صادرات الدفاع والأمن في المملكة المتحدة مصر كسوق رئيسي؛ حيث زار مصر عدد من رؤساء الوزراء ووزراء التجارة البريطانيين واستضافوا عددًا من الاجتماعات رفيعة المستوى مع المسؤولين المصريين على مدار العقد الماضي. وبين عامي 2013 و2020، وقعت المملكة المتحدة 229 ترخيصًا وصدرت أكثر من 232.85 مليون معدة عسكرية إلى مصر.
ويخضع سجل مصر في مجال حقوق الإنسان لتدقيق شديد منذ عام 2013، بعد الاستيلاء العسكري على البلاد في يوليو وأغسطس 2013؛ حيث قُتل أكثر من ألف متظاهر على أيدي قوات الأمن، فيما وصف بأنه أكبر مذبحة في تاريخ مصر الحديث في ظل حكم – المشير سابقُا - الرئيس عبد الفتاح السيسي.
واعتقلت الحكومة أكثر من 60,000 سجين سياسي؛ من بينهم صحفيون ونشطاء وشخصيات سياسية..
وتم احتجاز العديد منهم قبل المحاكمة إلى أجل غير مسمى في ظروف تقول جماعات حقوقية إنها ترقى إلى مستوى التعذيب..
وهو ما يمثل انتهاكًا للنظام القانوني في مصر.
وشهدت مصر أيضا زيادة غير مسبوقة في عقوبة الإعدام؛ لتصبح ثالث أعلى الدور في تطبيق تلك العقوبة في العالم بعد الصين وإيران.
واعتبارا من عام 2020؛ بدأت لجنة حماية الصحفيين في وصف مصر بأنها ثالث أسوأ "سجان" للصحفيين في العالم.
وفي آب/ أغسطس 2013؛ تم تعليق تراخيص تصدير الأسلحة إلى مصر لفترة وجيزة من مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، الذي أعلن أن تصرفات قوات الأمن في حملة رابعة غير مناسبة.
ووافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت -بما في ذلك المملكة المتحدة- على وقف بيع أي معدات يمكن استخدامها للقمع الداخلي ووعدت بإعادة تقييم شراكاتها الأمنية مع الحكومة المصرية الجديدة.
ومع ذلك؛ فإن اتفاق المجلس لم يرق إلى مستوى التنظيم، وبالتالي فإنه لم يكن ملزمًا بل كان التزاما سياسيا من أعضائه..
ونتيجة لذلك؛ تم رفع معظم حالات التعليق بعد فترة وجيزة.
في شباط/ فبراير 2022؛ وقع ما يقرب من 200 سياسي أوروبي رسالة تدعو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إنشاء آلية مراقبة وإبلاغ بشأن مصر لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في البلاد.
وحثت الرسالة المفوضية على اتخاذ إجراءات حازمة قبل جلسة المجلس المقبلة في مارس.. لكن الحكومات الأوروبية نفسها التزمت الصمت إلى حد كبير.
وكلما استمرت مبيعات الأسلحة في الزيادة؛ زادت كذلك "مصلحتهم الحيوية" في إبقاء القادة العسكريين في مصر في مأمن من النقد.