هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تمض سوى أيام قليلة على مظاهرة أنصار التيار الصدري في العراق، واقتحام المنطقة الخضراء؛ رفضا لمرشح قوى "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، حتى بدأ "التيار" بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر التحشيد إلى مظاهرة أخرى يوم غد السبت.
تحريك الصدر للشارع أثار تساؤلات عن الأهداف التي يسعى إليها: هل هو الضغط على "الإطار" لسحب ترشيح السوداني واستبدال آخر به؟ أم أن الأمر يتعدى ذلك إلى إبقاء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحلّ البرلمان، والذهاب لانتخابات برلمانية مبكرة؟
تغيير الواقع
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي أثير الشرع لـ"عربي21"، إنه "من خلال تصريحات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وأتباعه من القيادات الصدرية، فإنه يبدو أن هناك نية لإعادة الانتخابات البرلمانية في غضون مدة أدناها ستة أشهر وأقصاها عام واحد".
وأضاف الشرع أن "الصدر لم يحبذ اختيار أي شخصية كانت ضمن حزب الدعوة أو تبوأت مناصب حكومية سابقا، لذلك رفض ترشيح محمد شياع السوداني، رغم نزاهته وقدرته على الإدارة وترميم الصدع الحاصل في النظام السياسي".
وأشار إلى أن "الصدر كان لديه مشروع الأغلبية بعد الانتخابات البرلمانية، وذلك بحصر الحكومة في كتل سياسية محددة، لذلك يريد الأخير ألا تعود العملية السياسية كالسابق بوجود شراكة ومحاصصة وفشل سياسي، رغم أنه لا يمكن لأحد التنصل عن الفشل؛ لأن الجميع شارك بالحكومات السابقة".
اقرأ أيضا: المالكي يتجول بالسلاح بعد اقتحام الصدريين للمنطقة الخضراء
وأوضح الشرع أن "الصدر عازم اليوم على تغيير الواقع السياسي، لكن لا أحد يعلم كيف سيتغير الواقع، فهل يوجد مشروع وطني؛ لأن الجميع كانوا مشاركين في العملية السياسية السابقة، لذلك يبدو أن هناك نية لإجراء انتخابات جديدة؟".
واستبعد المحلل السياسي أن يعقد البرلمان غدا السبت جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية"، متوقعا في الوقت ذاته "سحب السوداني ترشيحه بفعل الضغوطات ،وربما حتى الكاظمي يستقيل ويتولى إدارة الحكومة نائبه وزير المالية علي علاوي لحين إجراء انتخابات خلال 6 أشهر أو سنة".
ورأى الشرع أنه "من الممكن أن نشهد انقساما داخل الإطار التنسيقي بين المتشددين والمعتدلين، فمن المتوقع أن تنسحب بعض الأطراف من الإطار، وبالتالي يصبح خيار الذهاب إلى الانتخابات أمرا حتميا".
ووصف الخبير الوضع في العراق بأنه "حرج جدا"، ولا يمكن لأحد التكهن لما يمكن أن يجري خلال أسبوعين، لكن بعد اقتحام الخضراء والتحشيد لمظاهرة السبت المقبل، فإن الأمور ذاهبة لانتخابات برلمانية جديدة"، لافتا إلى تدخل أطراف خارجية، لا سيما إيران، لإنهاء الأزمة".
ودعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الأربعاء، أنصاره إلى العودة بعد التظاهرة التي شهدتها العاصمة العراقية بغداد واقتحام مبنى البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء المحصنة، وقال إن التظاهرة كانت "جرة إذن"، وإن المتظاهرين "أرعبوا الفاسدين".
"تمرين أولي"
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي فلاح المشعل لـ"عربي21"، إن "المظاهرة التي حصلت الأربعاء كانت عبارة عن تمرين أولي لمشروع إصلاح جذري للعملية السياسية، كما جاءت في تغريدات الصدر ووزيره والشخصيات المقربة من التيار الصدري".
وأشار إلى أن "المظاهرة كانت تحمل العديد من الرسائل، واحدة منها هي سحب الإطار التنسيقي ترشيح السوداني وإيجاد بدائل أخرى، وأيضا هي رسالة للفاسدين، وكذلك رسالة للقضاء، وكل من وقف في طريق تشكيل حكومة الأغلبية التي حاول التيار الصدري تشكيلها".
وأضاف المشعل أن "الصدر لن يتدخل في سحب المتظاهرين خلال المظاهرات المقبلة، وإنما سيترك القرار للشارع يقود نفسه، كما صرح بذلك وزيره صالح محمد العراقي، وهذا يدل على أن المظاهرات المقبلة حينما تنطلق سوف تستمر حتى يسقط المعبد على أصنامه".
وبحسب الخبير العراقي، فإن "الحديث حاليا عن نصب خيم للمتظاهرين أمام المنطقة الخضراء وحتى في داخلها، وهذا يعني أن الصدر سيستمر هو وجمهوره ومن معهم من التشرينيين (متظاهرين تشرين عام 2019) والمؤيدين للمشاركة في إنجاز تغيير سياسي، لا بد أن يحدث".
وأشار المشعل إلى أن "الإطار التنسيقي لا يزال مصرا على ترشيح السوداني حتى الآن، وإذا أجرينا مقاربة دقيقة في الواقع الشيعي -لأن الأزمة الحالية شيعية شيعية- فإنه لا تستطيع قوة أن تقف أمام الجحافل البشرية للتيار الصدري، لأن الصدر يمتلك الجمهور الأوسع في الشارع الشيعي العراقي، ويحظى بتعاطف واسع النطاق من قطاعات شعبية أخرى".
اقرأ أيضا: لمَ حشد الصدر مئات الآلاف من أتباعه ببغداد؟.. محللون يجيبون
الشيء الآخر، كما يضيف المشعل، هو أن "إصرار الإطار التنسيقي على التمسك بترشيح السوداني، يعني أنهم اختاروا التصادم مع التيار الصدري، وهذا الموضوع ليس في صالحهم، وأن الأجدى هو بقاء الكاظمي في الحكومة لمدة ستة أشهر لاحقة، لإعادة الانتخابات".
وأكد المشعل أن "انشطار الإطار التنسيقي على نفسه أمر وارد جدا، بل إن أحد السيناريوهات أن ينهار الإطار، لأنه ليس كتلة سياسية كما التيار الصدري، وإنما تنسيق بين عدد من الكتل".
وشدد المحلل السياسي على أن "الخطوة التي اتخذها الإطار (ترشيح رئيس للوزراء) ما زالت مبكرة، لأنه لم يحصل اتفاق على رئيس للجمهورية، ثم من هي الكتلة الأكبر التي سترشح، لذلك هذه كلها مخالفات دستورية وأزمة سياسية حقيقية تحتاج إلى تغيير بنيوي".
وأعلن "الإطار التنسيقي" في العراق على لسان زعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم، أنه ماضٍ في تشكيل حكومة يرأسها النائب محمد شياع السوداني، رغم اقتحام أنصار الصدر الرافضين لذلك مقر البرلمان داخل المنطقة الخضراء في بغداد الأربعاء الماضي.
وقال الحكيم خلال مقابلة مع قناة "بي بي سي"، الخميس، إن قوى الإطار التنسيقي متمسكة بمرشحها لمنصب رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، مشيرا إلى أنه "ليس من المنطقي أو من سياقات العمل الديمقراطي أن نغير مرشح من أجل مظاهرة هنا أو اعتصام هناك".
وأضاف الحكيم أن "التيار الصدري قد يعترض على أي مرشح آخر إن تم تغير السوداني"، منتقدا في الوقت ذاته "تبني تيار سياسي (الصدريين) لهذه المظاهرة التي اقتحمت المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، لأنها انتهكت الأطر القانونية للتظاهر السلمي".