قالت مجلة
فورين أفيرز، إن تحولا
جذريا طرأ على البيروقراطية الأمنية في
روسيا، بعد تنشيط جهاز الأمن الفيدرالي
لملاحقة المعارضين للحرب على أوكرانيا، في شكل يعيد الدولة البوليسية التي كانت
تشهدها الحقبة السوفيتية.
ويعد جهاز الأمن الفيدرالي FSB، "الوكالة الأقرب" للرئيس الروسي، فلاديمير
بوتين، واعتمد عليه بشكل أساسي في وضع "خطط الغزو السريع لأوكرانيا"،
والتي تعثرت لاحقا، وفقا للمجلة.
ويدير الجهاز من خلال أفرعه المختلفة
"عمليات القمع الجديدة في روسيا"، واستهداف الجنود الأوكرانيين داخل
أوكرانيا وخارجها، وتجنيد "عملاء أوكرانيين"، وهو ما تصفه المجلة بتحول
ذي آثار عميقة على طبيعة حكم بوتين.
بحسب المجلة، فقد تحول الجهاز في عهد
بوتين من شبيه لسابقه السوفيتي "كي جي بي" إلى نسخة جديدة من الشرطة
السرية سيئة السمعة في عهد جوزيف ستالين، والمسمى بـ"المفوضية الشعبية
للشؤون الداخلية" (NKVD
ونفذ ذلك الجهاز السوفيتي عمليات
التطهير الكبرى في ثلاثينيات القرن الماضي، وفرض ستارا حديديا على المجتمع الروسي
خلال السنوات الأولى من الحرب الباردة، وفقا للمجلة.
وقبل الغزو الروسي، اقتصر جهاز الأمن
الفيدرالي على التجسس على الصحفيين والمعارضين الذين ينتقدون الحكومة، وتشجيعهم على
مغادرة البلاد.
لكن في أعقاب الحرب، كان مكتب الأمن
الفيدرالي يزور عائلات المنفيين الروس؛ لإيصال رسالة مفادها أن" الحكومة
الروسية مستعدة للترحيب بالمنفيين من جديد".
وبذلك تحولت استراتيجية الجهاز من
"إجبار المعارضين على مغادرة البلاد"، إلى "إبقائهم تحت المراقبة
الدقيقة في روسيا"، وهو النهج الذي استخدمه الكرملين آخر مرة خلال المراحل
الأولى من الحرب الباردة.
وحسب تحليل لـ"مركز تحليل
السياسة الأوروبية"، فإن بوتين يستخدم تكتيكات قاسية بشكل متزايد
لـ"استهداف خصومه المحتملين"، عبر جهاز الأمن الفيدرالي.
وأصبح مكتب الأمن الفيدرالي أكثر
جرأة في ملاحقته من كانوا في المنفى لفترة طويلة، من خلال "اتهامات بنشر
أخبار كاذبة عن الحرب، وتجميد بعض الحسابات المصرفية، وإصدار أوامر دولية باعتقال
بعضهم وتسليمهم لروسيا"، بهدف زيادة الضغط على أقاربهم الذين يعيشون في الداخل
الروسي، وفقا لـ""فورين أفيرز".
وأصبح الجهاز الأمني أكثر
"شراسة وعدوانية" مع العلماء والمحامين وغيرهم من الروس الذين شاركوا في
أنشطة يعتبرها النظام الآن مشبوهة، بحسب المجلة.
وتعرض العالم الروسي ديمتري كولكر،
الذي يرأس مختبر التقنيات البصرية الكمية في جامعة ولاية نوفوسيبيرسك بسيبيريا،
للموت بعد اعتقاله من قبل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي بتهمة "الخيانة".
وكان العالم، الذي يبلغ من العمر 54 عاما، يعاني من سرطان البنكرياس المتقدم عندما تم اعتقاله من المستشفى في 30 يونيو،
ونُقل جوا إلى موسكو؛ للاشتباه في قيامه بـ"التجسس لصالح الصين"، واتهم
نجله الجهاز الأمن الروسي بـ"قتله".
وتعرض النظام الصحي في روسيا لضغوط
من الجهاز الأمني، بعد التحقيق مع مسؤولين في عيادات طبية؛ بسبب "وصفهم أدوية
غربية بدلا من الروسية" للمرضى.
وتم تقديم الحملة للجمهور على أنها
"تضييق الخناق على مخططات شركات الأدوية الأجنبية التي تبيع أدويتها من خلال
أطباء روس".
وطلب الكرملين من مكتب الأمن
الفيدرالي التحقيق في البيروقراطيين الذين "فشلوا" في استبدال المنتجات
الروسية، مثل تقنيات تكنولوجيا المعلومات، بمنتجات أجنبية.
وطالت عمليات التطهير التابعة لجهاز
الأمن الفيدرالي "النخبة الروسية"، بما في ذلك كبار المسؤولين الأمنيين
أنفسهم، وقد تم القبض على ثلاثة من كبار الجنرالات في وزارة الداخلية بتهمة
الاختلاس، حسب "فورين أفيرز".