هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع تسمية قوى "الإطار التنسيقي" في العراق، النائب محمد
شياع السوداني، مرشحا لرئاسة الوزراء، برزت تساؤلات عن مدى تمريره في البرلمان من
الكتل السياسية، كونه مرفوضا من الحراك الشعبي عام 2019، وحتى من التيار الصدري بقيادة
مقتدى الصدر.
وأعلن "الإطار" الشيعي بعد اجتماع قيادته، الاثنين، عن
اختيار محمد شياع السوداني مرشحا رسميا لرئاسة الوزراء، مشيرا إلى أن ذلك
"جرى في أجواء إيجابية اتفق خلالها قادة الإطار التنسيقي وبالإجماع على
ترشيحه"، بحسب ما جاء في نص البيان.
"رجل المالكي"
وتعليقا على ذلك، رأى المحلل السياسي العراقي الدكتور عقيل عباس، في
حديثه مع "عربي21" أن "احتمالية قبول ترشيح محمد شياع السوداني،
وأن يصبح رئيسا للوزراء خلال المرحلة المقبلة، بدأت تتراجع، وذلك بسبب رفض التيار
الصدري له".
وأوضح عباس أن "الإشكالية التي يواجهها السوداني هو أنه مرتبط
بالمالكي (رئيس الوزراء الأسبق) جدا طيلة فترة عمله في الحكومات السابقة وبدعم من
حزب الدعوة"، لافتا إلى أن "المالكي هو الذي رشح السوداني في الجلسة
الأخيرة للإطار التنسيقي".
وتابع: "لذلك يُفهم من الصدريين أنه رجل المالكي رغم أنه خرج من
حزب الدعوة في عام 2019، وهذا الربط مع المالكي سيؤثر عليه (السوداني) كثيرا ويدفع
الصدريين إلى معارضة ترشيحه بشدة".
وأشار عقيل إلى أنه "إذا عارضه الصدريون بشدة فإن بعض المعارضة
ستظهر في الإطار التنسيقي نفسه، لأنه منقسم وبعضهم ذاهب إلى التهدئة والترضية مع
التيار الصدري، بمعنى أن مرشح رئيس الوزراء يجب أن يحظى بقبول التيار حتى يُمرر،
وهذا الجزء يمثله زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم وحيدر العبادي رئيس تحالف
النصر".
وأردف: "البعض الآخر داخل الإطار التنسيقي هم الصقور، الذين يرون
أن لهم الحق الدستوري في ترشيح رئيس الوزراء وأن على التيار الصدري القبول بالأمر
الواقع، وهؤلاء يمثلهم ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي و(عصائب أهل الحق)
بزعامة قيس الخزعلي وبعض الفصائل المسلحة".
وأفاد عباس بأن "ترشيح السوداني يصب في صالح معسكر الصقور حتى
وإن لم يكن الرجل نفسه من الصقور أو يريد المواجهة مع التيار الصدري، لكن عندما
يصبح رئيسا للوزراء فإن عليه أن يعمل بأجندة الإطار التنسيقي، وهذا يصعب مهمته وتمريره
ليصبح رئيسا للوزراء".
اقرأ أيضا: التفكك يهدد "الإطار الشيعي" بسبب مرشح رئاسة وزراء العراق
ملاذ للفاسدين
من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، أحمد المنصوري، في
حديث لـ"عربي21" إن "محمد شياع السوداني جرب حظه وفشل في مدى
مقبوليته لدى الشارع العراقي ولا سيما من متظاهري تشرين عام 2019".
وبيّن المنصوري أن "رفض الشارع للسوداني كونه جزءا من المنظومة السياسية
الفاسدة التي تقود السلطة منذ عام 2003، خصوصا أنه كان عضوا في حزب الدعوة الذي
تولى الحكم في العراق 15 عاما".
ورأى الباحث أن "الإطار التنسيقي عندما رشح السوداني أراد أن
يكون الأخير ملاذا لهم فلا تطالهم أي محاسبة ولا يقترب من المليشيات المسلحة لنزع سلاحها
وفرض هيبة الدولة، فالإطار -باستثناء القليل منهم- يضم عتاة الفاسدين وقادة
المليشيات الذين عاثوا فسادا في العراق طيلة 19 عاما".
ولفت المنصوري إلى أن "السوداني ربما يكون سببا في خروج مظاهرات
يحركها التيار الصدري لأن الأخير سبق أن رفضه أيضا، وحتى إن تعليق من يعرف بوزير
الصدر (صالح محمد العراقي) كان ساخرا من ترشيح السوداني، وألمح فيه إلى أنه ظل
للمالكي، أي إنه يمتثل لما يمليه عليه الأخير".
ورأى الباحث أن "تشريح السوداني يثير القلق لدى العراقيين، لأن
الإطار التنسيقي لا يأبه للشارع الذي طالب بانتخابات مبكرة حتى تأتي شخصيات مستقلة
لا علاقة لها بالأحزاب التي تمسك بالسلطة منذ 19 عاما".
وشدد المنصوري على أن "النواب المستقلين وقوى تشرين في البرلمان
هم أمام اختبار حقيقي بخصوص موقفهم من تمرير السوداني، وحتى باقي القوى السياسية
خارج الإطار، كلها مطالبة بموقف مساند لتطلعات العراقيين من خلال مجيء شخصية تدير شؤون
البلد لا تنتمي إلى طغمة الفساد".
وكان قيس الخزعلي زعيم مليشيا "العصائب" المنضوية ضمن
الإطار التنسيقي، قد أعلن الاثنين أنه لا بديل لـ"الإطار" عن محمد شياع
السوداني لمنصب رئاسة الوزراء، حتى لو رفضته بقية القوى السياسية في البرلمان
العراقي، نافيا أن تكون إيران قد تدخلت في خيارات "الإطار".
مواقف متباينة
وعلى صعيد القوى السياسية وموقفها من مرشح "الإطار"، فقد
رحب حليفا الأخير من السنة والأكراد، والمتمثلان في تحالف "العزم" بزعامة
مثنى السامرائي و"الاتحاد الوطني الكردستاني" بقيادة بافل الطالباني،
بتسمية محمد شياع السوداني مرشحا لمنصب رئيس الوزراء.
وقال تحالف "العزم" (السني) في بيان، الاثنين، إنه يعرب عن
"دعمه وتأييده لترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء"، مشيرا إلى
أنه "يجد في شخصية السوداني المتزنة والوطنية والنزيهة الخيار الأمثل لهذه
المرحلة الصعبة والحساسة من تاريخ الوطن".
وفي السياق ذاته، قال "الاتحاد الوطني" إن "ترشيح
التنسيقي للسوداني قرار مهم لتفعيل العملية السياسية في البلد"، مؤكدا
ضرورة "تعزيز التنسيق والاستمرار بالعلاقات الوطنية، من أجل إنجاح عملية الإصلاح
وتشكيل حكومة وطنية خدمية".
وأعرب الحزب الكردي خلال بيان، الاثنين، عن أمله في أن "يساهم
ترشيح محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء في تسريع استكمال الإجراءات
الدستورية والقانونية لتشكيل الحكومة الجديدة".
ولم يصدر موقف صريح من التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدري عقب إعلان
ترشيح السوداني، لكن حساب "صالح محمد العراقي"، المعروف بوزير الصدر نشر
تغريدة استخدم فيها صورة رمزية لشخص يصافح ظله، وتهكم عليها، قائلا: "سوداني
يصافح ظله"، في إشارة إلى علاقته برئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وعلى صعيد حلفاء الصدر وتحديدا تحالف السيادة (السني) بقيادة خميس
الخنجر ومحمد الحلبوسي رئيس البرلمان، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود
البارزاني، فإنه لم يصدر منهم أي موقف رسمي- حتى وقت كتابة التقرير- بخصوص ترشيح
السوداني لرئاسة الحكومة.
ولم تتمكن القوى السياسية من تشكيل الحكومة، وذلك بعد مضي 9 أشهر على
الانتخابات البرلمانية التي جرت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وأظهرت فوز
التيار الصدري بـ"73 نائبا" قبل أن يستقيلوا الشهر الماضي بأمر من
الصدر، لعدم تمكنه من تشكيل حكومة أغلبية سياسية.