عندما
طلب الرئيس السادات في إحدى المناسبات من الشيخ
النقشبندي والموسيقار
بليغ حمدي؛
ضرورة التعاون
الفني فيما بينهما، ظن الكثيرون أن هذا التعاون مصيره الفشل، أي أنه
جواز على ورقة طلاق تيمنا بمسرحية "جواز على ورقة طلاق" للكبير ألفريد
فرج.
فمشروع
التعاون سينتهي قبل أن يبدأ، بل أدرك أحد أطراف الثنائي الموكل إليه المشروع، وهو
الشيخ النقشبندى الذي تعجب في نفسه وتندر بل وتهكم، عبثية هذا التعاون.
وقد
كان الشيخ النقشبندي في توجسه من وجهة نظره محقا، فهو مقرئ القرآن الكريم بصوته
السمح الجميل، ويرتله ترتيلا بديعا بترنيمات صوته الأخاذة، فكيف يلتقي مع "مزيكاتي"
من طراز بليغ حمدي؟ فبليغ حسب تصورات شيخنا الجليل يصلح لأغاني العواطف والحب
والهيام، فكيف له أن يقدم أدعية روحانية تحمل نفحات السماء؟ فلا بد أن النتيجة
ستكون كارثية.
وانتظر
شيخنا بفارغ الصبر موعد سماع الأدعية ملحنة ونفسه تحدثه بالفشل المحقق، إلى
أن جاء اليوم الموعود ودخل الشيخ النقشبندي، وكله تحفز وقلق وتوتر أيضا من المجهول
المقبل عليه.
وجاء
إليه المبدع بليغ حمدي لكي يخبره أنه صنع له لحنا سيعيش مائة سنة. وتحفظ شيخنا
وأومأ بتحفظ للشروع في سماع اللحن، وبمجرد سماع الشيخ اللحن، حتى خلع عمامته
وقفطانه استعدادا للتسجيل بشهية مفتوحة وأسارير منفرجة ونفس راضية.
وبالطبع
أثمرت هذه الروح في التعاون رائعة رمضان "مولاى إني ببابك". وتحقق وعد
بليغ لشيخنا أنها سيكتب لها الخلود، وبالفعل، فلا يأتي شهر رمضان على مدار سنين
طويلة إلى يومنا هذا إلا يجد الوعي الجمعي
المصري أدعية النقشبندي وبليغ حاضرة على
مائدة رمضان.
ولا
يستطيع أي مصري أن يتخيل رمضان إلا وأدعية النقشبندي بصوته حاضرة، وألحان المبدع
بليغ حمدي حاضرة معها.
ولهذا
أحبط عنوان هذا التعاون المسمى "جواز على ورقة طلاق"، وانتصرت قيم الحق
والخير والجمال.