صحافة دولية

روسيا تتقدم ببطء في دونباس وكييف بحاجة للمزيد من الأسلحة

القوات الروسية منتشرة بشكل ضئيل عبر الكثير من الخطوط الأمامية التي تسيطر عليها- جيتي
القوات الروسية منتشرة بشكل ضئيل عبر الكثير من الخطوط الأمامية التي تسيطر عليها- جيتي

في ظل استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، تبقى التساؤلات مطروحة حول مآلات تلك الحرب ومصيرها، وآثارها، ليس فقط على الدولتين، بل وعلى العالم بأسره، خاصة مع تزايد الحديث دوليًا عن انزلاق الحرب لتكون حربًا "عالمية".

وفي تقرير نشرته مجلة "ذي سباكتيتور" البريطانية، ترجمته "عربي 21"، قالت فيه إنه بعد الفشل الحاسم لمحاولة روسيا للإطاحة بحكومة أوكرانيا من خلال الاستيلاء على كييف وخاركيف ومدن رئيسية أخرى في شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2022، قامت روسيا بتكثيف قواتها المستنزفة في دونباس، ووضعت لنفسها أهدافًا محدودة للغاية. وفي غضون شهرين منذ انسحابها من شمال أوكرانيا، قامت روسيا أخيرًا بإخضاع المدافعين عن ماريوبول، الذين كانوا محاصرين منذ اليوم الثاني من الغزو، واستولت ببطء على أراضي في دونباس.

وحسب ما أفادت المجلة، فإنه منذ ذلك الحين بقي النصر الأكثر بروزًا لروسيا صغيرًا، ولكن ذو أهمية، وهو الاستيلاء على بلدة بوباسنا والأراضي المرتفعة المحيطة التي تطل على طرق الإمداد الرئيسية المؤدية إلى مدينة سيفيرودونيتسك، حيث تشير المجلة إلى أن روسيا تتقدم ببطء في دونباس، ولكن يجب فهم تقدمها كجزء من السياق الأوسع للحرب كلها.

وأوضحت المجلة أنه منذ بداية الغزو، ألحقت القوات الأوكرانية خسائر فادحة بالقوات البرية الروسية، حيث قُتل ما يقرب من 18000 إلى 20000 جندي في القتال، وحوالي 60.000 ضحية وأكثر من 4350 مركبة تم تدميرها أو أسرها. ولفهم حجم هذه الخسائر، فقد خصصت روسيا 160.000 جندي نظامي و50.000 من القوات غير النظامية للغزو، كما بيّنت المجلة أن الـ775 دبابة التي تم تأكيد فقدانها تشكل حوالي نصف إجمالي قوة الدبابات للقوات النظامية الروسية، مبينة أن الخسائر الروسية البالغة حوالي 60.000 بين أطقم المشاة والمركبات التي تعتبر قوة الخط الأمامي القتالية للبلاد.

ولفتت المجلة إلى أنه نتيجة لهذه الخسائر كافحت روسيا لتحقيق نجاحات أكبر خلال المرحلة الثانية من الحرب، لذا شهدت حملة دونباس انخفاضًا ثابتًا في أهداف الحرب الروسية، كما فشلت محاولات تطويق أو اقتحام مدن دونيتسك أو بلاست، مشيرة إلى أن الجيش الروسي يركز الآن بشكل حصري على الاستيلاء على المدينة التي تدافع عنها أوكرانيا في لوهانسك أوبلاست: سيفيرودونيتسك.

وأفادت المجلة بأنه في سيفيرو دونيتسك، تتكون القوات الروسية الآن من وحدات مركبة تشكلت من بقايا مجموعة كتيبة تكتيكية تدعى (بي تي جيز)، وتشكيلات أكبر تكبدت خسائر فادحة، لدرجة أنها لم تعد وحدات متماسكة، ولذلك لم يعودوا قادرين على إجراء مناورات هجومية واسعة لتجاوز أو تطويق المواقع الدفاعية.

من ناحية أخرى، أكّدت المجلة أنه لا يزال لدى روسيا قوة نارية هائلة لتمزيق دفاعات أوكرانيا في مواقع محددة مع الوقت والذخيرة الكافية. ونتيجة لذلك، ومع تركيز عملياتها الهجومية الآن عبر منطقة ضيقة لخط المواجهة، تستفيد روسيا بالكامل من قوتها المدفعية لسحق المواقع الدفاعية الأوكرانية الفردية واحدة تلو الأخرى، مبينة أن هذا النهج في غاية الصعوبة بالنسبة لأوكرانيا كي تقاومه بشكل فعال، لأن روسيا لديها قوة مدفعية أكبر بكثير، ومخزون ذخيرة أكبر بكثير، ويتوجب على القوات الأوكرانية البقاء في مواقع تحت القصف من أجل الاحتفاظ بها. لذا، كانت روسيا تحرز تقدمًا مستمرًا خلال الأسابيع القليلة الماضية حول سيفيرو دونيتسك، حيث تتقدم لمسافة كيلومتر واحد يوميًا في بعض المناطق.

وبينت المجلة أنه في محاولة للاحتفاظ بمواقع ضد هذه القوة النارية الروسية المكثفة، تكبدت القوات الأوكرانية خسائر أكبر بكثير في هذه المرحلة من الحرب، مع مقتل ما بين 100 و200 قتيل يوميا، كما أن هناك أيضًا مشاكل خطيرة أخرى تواجه القوات الأوكرانية، أخطرها هو النقص في ذخيرة المدفعية، حيث تستخدم أوكرانيا الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات التي قدمها الغرب طوال فترة الصراع لإعاقة التقدم الروسي وإيقاف المركبات الثقيلة.

ومع ذلك، فقد اعتمدت أيضًا بشكل كبير على المدفعية السوفيتية عيار 152 ملم وأنظمة المدفعية الصاروخية عيار 122 ملم للقيام بمعظم العمليات. لذلك، فقد تم استهلاك مخزونات الذخيرة مع بدء الحرب بسرعة، فيما يمتلك الناتو مخزونًا محدودًا للغاية من الذخيرة المتبقية من الحقبة السوفيتية من عيار 152 ملم و122 ملم، والتي يمكنه توفيرها، ولم يتم حتى الآن تسليم سوى عدد قليل نسبيًا من مدافع هاوتزر عيار 155 ملم وأنظمة مدفعية صاروخية عيار 227 ملم إلى أوكرانيا.

وشددت المجلة على أن القوات الروسية منتشرة بشكل ضئيل عبر الكثير من الخطوط الأمامية التي تسيطر عليها، وإذا تمكنت القوات الأوكرانية من الاستمرار في ممارسة ضغوط كبيرة على مناطق أخرى مثل محيط خيرسون، فإن الوضع بالنسبة لروسيا يبدو خطيرًا، حيث لا يمكنها احتواء الأوكرانيين والحفاظ على تركيز معظم قواتها حول سيفيرودونيتسك، ولكن إذا كانت الخسائر الأوكرانية ونقص الأسلحة الثقيلة تمنعهم من شن الهجوم على المدى القصير، فقد يُترك كلا الجانبين في حالة استنزاف مرهقة على الخطوط الأمامية الحالية في المستقبل.

وتناشد المجلة -في ختام التقرير- الدول الغربية بإرسال ما يمكنها من أسلحة ثقيلة وذخيرة بشكل طارئ، لمنح أوكرانيا فرصة لصد الجيش الروسي المنهك، حيث يحتاج الغرب أن يتذكر أن الروس لا يزال لديهم قدر هائل من القوة النارية في أوكرانيا، وسوف ينجحون إذا تمكنوا من خوض الحرب بشروطهم.

 

اقرأ أيضا: الناتو: حرب أوكرانيا قد تمتد لسنوات.. ومعارك عنيفه بخاركيف

التعليقات (0)