هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بات واضحا أن قرار النظام السوري بتعطيل العمل في مطار دمشق الدولي، عقب استهدافه من الطيران الإسرائيلي، شكل قفزة كبيرة في العدوان المستمر منذ 2013، ما يعني الانتقال من ضرب الأهداف والقواعد العسكرية الإيرانية في قلب الأراضي السورية، إلى استهداف المواقع الاستراتيجية في الدولة، كالمطارات والموانئ البحرية.
صحيح أن تعطيل المطار يعتبر تصعيدا إسرائيليا كبيرا، ولم يكن مثل مئات الاعتداءات التي وقعت في سوريا في العقد الماضي، فالضربة مختلفة عن سابقاتها، لكنه في الوقت ذاته يثير بعض الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها بعد، لا سيما أن الحديث يدور عن تسبب الجيش الإسرائيلي بإغلاق المطار المركزي لدولة ذات سيادة، ما يستلزم مناقشة عامة حول تبعات ونتائج ضرب المواقع المدنية.
جاكي خوجي محرر الشؤون العربية في الإذاعة الإسرائيلية ذكر في مقال بصحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أن "الإعلان عن تعطيل مطار دمشق تزامن مع كلمة لقائد الجيش أفيف كوخافي ألقاها في مؤتمر عن استعداد الجبهة الداخلية للحرب القادمة، أعلن فيها عن سياسة الجيش في ما يتعلق بمهاجمة أهداف مدنية في أي مواجهة عسكرية.. ورغم أنه أرسل رسائله لحزب الله، فمن المحتمل أن تنطبق ملاحظاته على الساحات الأخرى أيضًا، بزعم أنه في الحرب القادمة ستتم مهاجمة أي هدف مدني يساعد المسلحين، ولذلك فإن الجيش يجمع المعلومات حول هذه الأهداف، وننصح سكان مناطق الصراع في لبنان بمغادرة منازلهم".
وأضاف أن "إغلاق شركة طيران دولة مجاورة هو بكل المقاييس عمل بعيد المدى، فقد صعدت إسرائيل خطوة، وربما غيرت سياستها من الآن فصاعدًا، بحيث تسمح لنفسها بمهاجمة منشآت البنية التحتية المدنية في الدول المجاورة، بزعم أن مطار دمشق تمت مهاجمته لأنه يستخدم منذ سنوات كنقطة عبور للذخيرة والمعدات العسكرية من طهران لحزب الله، ما يطرح أسئلة حول استخدام الجيش في هذا الهجوم قوة غير متناسبة، أم إنه تصرف بشكل غير متناسب.. وبعد هذا الهجوم ألا يمكن تعرض مطار بن غوريون لهجوم مماثل، من خلال وابل واحد من الصواريخ، بما يهدد الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل؟".
اقرأ أيضا: توتر إسرائيلي روسي عقب قصف مطار دمشق الدولي
يبدو طرح هذه التساؤلات أمرا لافتا، لا سيما أن الأوساط العسكرية والأمنية الإسرائيلية لم تأخذ مهاجمة مطار دمشق بهذه الخطورة، ربما لأن لديهم قناعة مفادها أن سوريا وحلفاءها لن يردوا على الاحتلال بنفس القوة، وفق قاعدة "الجزاء من جنس العمل"، رغم أن ذلك لا يعطي الاحتلال بوليصة تأمين بأن تبقى منشآته المدنية وبناه التحتية في مأمن من أي استهداف قادم.
مع العلم أن المقاومة الفلسطينية سبق لها أن عطلت العمل، بشكل مؤقت، في مطار بن غوريون الدولي، وتم تحويل مسار الرحلات الجوية الى مطار آخر، خلال العدوانات الأخيرة على غزة، الأمر الذي شكل ضغطا على دولة الاحتلال، ربما لأنها المرة الأولى التي يتم فيها تعطيل المطار منذ عقود طويلة، ما تسبب في خسائر مالية باهظة، وتبدد صورة الردع الإسرائيلية أمام الفلسطينيين، الذين أكدوا في حينه أنه لا خطوط حُمرا أمامهم في التصدي للعدوان الذي يستهدفهم جميعا، دون استثناء.