هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تخرج الجولة الثامنة من محادثات الدستور السوري، التي اختتمت قبل
يومين في جنيف، بمشاركة وفود المعارضة والنظام والمجتمع المدني، من حالة المراوحة
في المكان، لتضاف الجولة هذه إلى سبع جولات سابقة "صفرية" النتائج.
وباعتراف أعضاء في "اللجنة الدستورية"، فإن صياغة دستور جديد
للبلاد تبدو مهمة مستحيلة قبل التوصل إلى اتفاق سياسي يجبر النظام السوري على
الانتهاء من حالة التعطيل.
وفي ختام الجولة، قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، إن
"الجولة تمكنت من إحراز تقدم طفيف، لكنه غير كافٍ".
وباستثناء الاتفاق على موعد الجولة التاسعة، المحدد في أواخر
تموز/ يوليو المقبل، خيمت أجواء خلافية على الجولة، حسب مصادر "عربي21"،
وسط خلافات على المبادئ التي تمت مناقشتها، وهي الإجراءات القسرية أحادية الجانب من
منطلق دستوري، والحفاظ على مؤسسات الدولة، وسمو الدستور موقع الاتفاقيات الدولية،
ومبدأ العدالة الانتقالي.
وحسب بيدرسون، فإن التنقيحات المقدمة من الوفود حول النصوص، كشفت عن
وجود اختلافات كبيرة في مناطق، وفي مناطق أخرى يمكن أن تكون هناك أرضية مشتركة،
مضيفاً: "يوجد بطء بوتيرة العمل، فضلاً عن العجز المستمر عن تحديد وإبرام
المجالات الملموسة للاتفاق المؤقت كمجالات يوجد فيها مجال كبير للتحسين".
وعن السبل المتوفرة للخروج من هذه الحالة، ترى عضو "اللجنة
الدستورية" عن المجتمع المدني، الدكتورة سميرة مبيض، أن المطلوب هو تناغم
الرؤى السورية المستقلة مع توافق إقليمي ودولي حول مستقبل المنطقة، بما يضمن تحقيق
الأمن والاستقرار لجميع الأطراف، وهذا ما لا يمكن للأطر الحالية تحقيقه.
وتضيف لـ"عربي21"، وهي التي أعلنت مقاطعتها الجولة الأخيرة،
بسبب عدم تحقيق أي تقدم في مسار عمل اللجنة، أن "الوضع الحالي في اللجنة
الدستورية المصغرة يتسم بحالة استقطاب بين تيارات متصارعة، وهذا المسار عدمي
النتائج بشكل بديهي كما كانت المفاوضات الجارية قبله، لأن الطرفين (النظام
والمعارضة) يحاولان تثبيت مكتسبات الصراع الميداني والعسكري على حساب الشعب
السوري".
وأضافت مبيض، أنه في حال تفعيل مسار يرغب في التغيير، خصوصا في تأسيس
دولة حيادية، فإن ذلك يتطلب الاعتماد على الروافع المدنية خارج إطار الاستقطاب الأيديولوجي
والعسكري، وتحرير هذه الأداة الهامة، اللجنة الدستورية، من أن تكون ملحقة بالحرب
والتبعية، بل العمل على ضمان استقلاليتها المدنية والفكرية لاعتماد مرتكزات معرفية
وواقعية للتغيير.
اقرأ أيضا: هل تنجح الجولة الثامنة للجنة "الدستورية" السورية بجنيف؟
من جانبه، وصف عضو "هيئة القانونيين السوريين"، المحامي عبد
الناصر حوشان، مباحثات الدستور بـ"الملهاة" التي اعتمدها المجتمع الدولي
بضغط روسي لتمرير الوقت؛ حتى يتمكن النظام من القضاء على الثورة وإعادة إنتاج ذاته،
وهي "مُقامَرة" خاسرة من قبل المعارضة.
وأضاف لـ"عربي21" أن التركيز على الدستور واللجنة الدستورية
هو لتمرير إسقاط سلة "هيئة الحكم الانتقالي" التي ينص عليها القرار رقم
2118 لعام 2013، والقرار رقم 2254 لعام 2015، القاضيان بوجوب نقل السلطة إلى هيئة
حكم انتقالية تقوم بمهام الحكم والسلطة، وإعداد الأرضية الدستورية والقانونية
للانتقال إلى إجراء انتخابات تؤدي إلى حكم ديمقراطي.
وتابع حوشان بأن كل ما يتم نقاشه من قبل اللجنة الدستورية سابق
لأوانه، وهو سببٌ كافٍ لبطلان هذه اللجنة وهذه المفاوضات، مدللاً على ذلك بعدم تحقيق
اللجنة أي منجز وتقدم يذكر رغم مرور أكثر من عامين على انطلاقها.
وقال عضو "هيئة القانونيين السوريين" إن الجولة الأخيرة
مهزلة من خلال الطروحات التي تمت مناقشتها، وهي بعيدة كل البعد عن مضامين الدساتير.
وحول الحل للخروج من كل ذلك، يؤكد حوشان أن الحل يتطلب إسقاط اللجنة
الدستورية و"هيئة التفاوض"، والتركيز على الخيار العسكري، على أمل أن
يعيد المجتمع الدولي حساباته.
في المقابل، يطالب البعض المعارضة بتعليق مشاركتها في محادثات
الدستور، تحت اعتبار أن الاستمرار في هذا المسار يخدم أهداف النظام السوري الذي
يدعي امتثاله للقرارات الأممية.
وعقدت اللجنة الدستورية السورية أول اجتماعاتها في أواخر عام 2019
برعاية أممية، وفشلت حتى الوقت الحالي في كتابة مادة دستورية واحدة، بسبب عدم
انخراط النظام، وتضييع الوقت، وفق مصادر المعارضة.