قضايا وآراء

جمال مبارك وأسامة مرسي وما بينهما

قطب العربي
1300x600
1300x600

جمال مبارك وأسامة مرسى ابنا رئيسين سابقين، لكن الفوارق بينهما كثيرة، فجمال مبارك عاد للأضواء مؤخرا على خلفية ظهوره الإعلامي في عزاء حاكم الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد، ثم في تسجيل مصور لتبرئة ذمة أسرته من اتهامات مالية في أوروبا؛ حجبت أموالها لسنوات قبل أن تفرج عنها نظرا لعدم كفاية الأدلة المقدمة ضده وأسرته، بينما يرزح أسامة مرسي في ظلمات السجن محروما من أبسط حقوقه الإنسانية، فقط لكونه نجل الرئيس الشهيد محمد مرسي ومحاميه.

ظهور جمال مبارك كان ظاهره تبرئة نفسه وعائلته من الفساد المالي، لكن باطنه هو إيصال رسالة بأنه عاد منتصرا، وقد عبر هو جزئيا عن ذلك في نهاية كلمته حين قال مخاطبا والده في قبره: "لقد انتصرنا يا أبي فلترقد في سلام". هذا النصر لا يسلّم به غالبية المصريين الذين يثقون تماما أن الملايين التي جمعها جمال وشقيقه وأودعاها بنوك الخارج جاءت بطرق غير مشروعة، مستغلين في ذلك اسم وصفة والدهما على مدار ثلاثين عاما حكم فيها مصر، ناهيك عن أنهما مدانان بالفساد المالي في قضية القصور الرئاسية بحكم قضائي نهائي في مصر، وهذا الحكم وحده كاف لنزع الشرف عنهما.

هذا النصر لا يسلّم به غالبية المصريين الذين يثقون تماما أن الملايين التي جمعها جمال وشقيقه وأودعاها بنوك الخارج جاءت بطرق غير مشروعة، مستغلين في ذلك اسم وصفة والدهما على مدار ثلاثين عاما حكم فيها مصر، ناهيك عن أنهما مدانان بالفساد المالي في قضية القصور الرئاسية بحكم قضائي نهائي في مصر، وهذا الحكم وحده كاف لنزع الشرف عنهما

قبل 11 عاما فقط كان جمال هو الحاكم الفعلي لمصر، يسير الوزراء خلفه بخطوات، ويتحدث فينصت الجميع، ويقرر فيلتزم الجميع. هكذا وضع وفر لجمال وشقيقه مزايا أغوت البنوك الدولية الكبرى بالتعاون معهما لتسهيل مهامها وصفقاتها، وحصلا مقابل ذلك على مكافآت مالية ضخمة أودعاها بنوكا أجنبية بعيدا عن مصر رغم أنهما ووالدهما كانوا حكام الدولة الذين لم يتوقعوا يوما الإطاحة بهم بالشكل الذي تم..

يعيد جمال مبارك تقديم نفسه للمصريين أملا في نسيان جرائمه السياسية والمالية، وربما تمهيدا لطرح نفسه مرشحا رئاسيا في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2024. وقد سارع أنصاره بإطلاق صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لهذا الهدف، ولهذا السبب تحديدا فتحت الأذرع الإعلامية لنظام السيسي نيرانها عليه، محاولة وأد حلمه في مهده، فالنظام المصري يدرك جيدا أن جمال مبارك ينازعه على القاعدة الشعبية نفسها.

رغم أن جمال مبارك حبس مع والده وشقيقه علاء، إلا أنهم جميعا لم يتعرضوا لمعاملة قاسية في السجن كما هو الحال مع عائلة مرسي التي قدمت شهيدين؛ أولهما الرئيس نفسه في محبسه وأمام قاضيه الذي لم يتدخل لإنقاذه، وتركه يصارع الموت، ونجله الأصغر عبد الله الذي مات كمدا من هول ما لاقاه من ضغوط وتلفيقات وحبس أيضا، كما قدمت سجينا آخر هو أسامة، النجل الأوسط والذي لا يزال محبوسا منذ العام 2016، محروما من زيارات أسرته ومقابلة محاميه. في المقابل كان جمال وشقيقه يتنعمان في محبسهما، بينما قضى والدهما غالبية أيام حبسه في مستشفيات شرم الشيخ والمعادي العسكري والمركز الطبي العالمي، وكانت طائرة عسكرية تقله إلى المحكمة في كل جلسة، كما كان حراس المحكمة يقدمون التحية له ولنجليه.
يختلف مبارك عن مرسي، كون الأول ابن قائد للمؤسسة العسكرية، بينما الثاني رئيس مدني حكم مصر شعبا وجيشا لمدة عام فقط، لأول مرة بعد 60 عاما من الحكم العسكري، أي أنه جاء من خارج أحشاء الدولة العسكرية، ولذا كانت الفروق الكبيرة في معاملة كليهما عقب إبعادهما عن السلطة

يختلف مبارك عن مرسي، كون الأول ابن قائد للمؤسسة العسكرية، بينما الثاني رئيس مدني حكم مصر شعبا وجيشا لمدة عام فقط، لأول مرة بعد 60 عاما من الحكم العسكري، أي أنه جاء من خارج أحشاء الدولة العسكرية، ولذا كانت الفروق الكبيرة في معاملة كليهما عقب إبعادهما عن السلطة، الأول بثورة شعبية والثاني بانقلاب عسكري.

قد يتمكن جمال من الترشح لرئاسيات 2024، وقد لا يتمكن وفقا لحجج قانونية متضاربة، وقد يلفق له السيسي قضية أو قضايا جديدة تعيق مسعاه، ويحبسه مجددا بموجبها، وهو ليس أعز عليه من رئيسه المباشر الفريق سامي عنان، رئيس الأركان السابق، وقد يقنع جمال بتأسيس حزب سياسي.

ويستند جمال في مسعاه سواء للانتخابات أو لتأسيس حزب؛ إلى الفشل السياسي المتواصل والمتصاعد لنظام السيسي، كما يستند إلى بقايا دولته ووالده، وإلى دعم الإمارات ذات التأثير الكبير في المشهد السياسي المصري، والتي ترى فيه بديلا مناسبا حال اشتدت الضغوط المحلية والدولية على السيسي، وإن كانت العقبة الكبرى أمام ترشحه هي رفض القوات المسلحة لحاكم مدني حتى لو كان ابن مبارك، كما أن تيار ثورة يناير بإسلامييه وعلمانييه لن يقبل بعودة مبارك الابن منتصرا عليهم.
الزخم الذي صاحب ظهور جمال مبارك هو الذي دفع لتسليط الضوء على ما يتعرض له أسامة مرسي، الذي يعيش ظروفا مغايرة في ظلمات السجن، وهو ما يدعو كل أصحاب الضمائر الحرة للسعي لإنقاذه من محبسه، ومنحه فرصة الحياة الكريمة كنجل لأول رئيس مدني لمصر

لم يكن ظهور جمال مبارك بعيدا عن تيار الثورة المضادة الذي أعاد إلى الواجهة أبناء الحكام الذين أطاحت بهم ثورات الربيع، فقد سبقه إلى هذا الظهور بعد طول اختفاء سيف الإسلام القذافي، والذي تجاسر بالفعل على الترشح للانتخابات الرئاسية الملغاة، وأحدث ترشيحه دويا هائلا في الساحة الليبية، كما حافظ الابن الأكبر للرئيس اليمني السابق (أحمد علي عبد الله صالح) على دوره السياسي المؤثر من خلال عمله سفيرا لوطنه في الإمارات حتى بعد مقتل والده، في حين عاد إلى الواجهة مجددا ابن عمه طارق عفاش، قائد الحرس الخاص السابق للرئيس، والذي تم تعيينه في 7 نيسان/ أبريل الماضي عضوا في المجلس الرئاسي الجديد، في حين لم يظهر وريث لابن علي في تونس الذي أنجب عدة بنات، وظهر لاحقا ابن غير شرعي له أثناء محاكمته، كما أنقذ القدر كلا من الجزائر والسودان نظرا لعدم وجود أبناء لكل من بوتفليقة والبشير.

الزخم الذي صاحب ظهور جمال مبارك هو الذي دفع لتسليط الضوء على ما يتعرض له أسامة مرسي، الذي يعيش ظروفا مغايرة في ظلمات السجن، وهو ما يدعو كل أصحاب الضمائر الحرة للسعي لإنقاذه من محبسه، ومنحه فرصة الحياة الكريمة كنجل لأول رئيس مدني لمصر.

 

twitter.com/kotbelaraby
التعليقات (1)
عابر
الأحد، 22-05-2022 06:51 م
لقد انتصرنا يا أبي فلترقد في سلام سترقدون في جهنم خالدين فيها أنتم و أبوكم إن شاء الله