هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
واصل
الجنيه المصري رحلة الهبوط أمام الدولار وسلة العملات الأجنبية الأخرى أكثر من المتوقع،
رغم قرار البنك المركزي في نهاية آذار/ مارس بخفض قيمته بنحو 15% استجابة لتوصيات مؤسسات
وبنوك مالية دولية، إلا أنه تجاوز هذه النسبة بكثير.
وقال
متعاملون في السوق السوداء إن "السوق يشهد اضطرابا كبيرا في سعر الدولار خاصة
بعد قرار الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة 0.5% قبل أيام، وقيام الكثير من دول المنطقة
برفع الفائدة وانتظار المركزي المصري انقضاء إجازة عيد الفطر".
وقبل
أيام قليلة من قرار المركزي المصري رفع الفائدة في آذار/ مارس الماضي 1 بالمئة سجل
متوسط سعر الدولار رسميا نحو 15.66 جنيها للشراء، و15.77 جنيها للبيع، قبل أن يقفز بنسبة
12 بالمئة إلى 17.50 جنيها ثم بنسبة 17 بالمئة إلى 18.30 جنيها، ثم بنسبة 20 بالمئة
إلى 18.70 جنيها بالبنوك المحلية.
ويبدو
أن هذا الخفض- الذي جاء أكثر من المتوقع والمطلوب– لم يكن كافيا لعودة المستثمرين
الأجانب للشراء في أدوات الدين المحلية، وواصل الجنيه الانخفاض إلى 20 جنيها في السوق
الموازي أي ما نسبته 28 بالمئة، وسط توقعات باستمرار رحلة الهبوط إلى 22 جنيها لكل دولار
قريبا ما لم يتدخل المركزي المصري لإنقاذ الجنيه من التدهور السريع.
وكان
بنك الاستثمار الأمريكي جيه.بي مورغان (JPM)، وغيره من بنوك الاستثمار المحلية والعالمية،
توقع قبل أسبوعين من قرار خفض قيمة الجنيه انخفاض قيمته بشكل كبير على خلفية تفاقم
الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد.
وقدر
مورغان حينها أن الجنيه المصري حاليا أعلى من قيمته بأكثر من 15 بالمئة، وأن الدولة
قد تحتاج مزيدا من المساعدة من صندوق النقد الدولي إذا استمر تزايد ضغوط الأسواق المالية،
وهو ما حدث في وقت لاحق.
ووصف
تجار عملة ووسطاء في تصريحات لـ"عربي21" ما يجري "بأنه تخبط غير مسبوق
في سوق العملة، والمشكلة الرئيسية ليست في شراء الدولار بل في توافره، لا أحد يريد
أن يبيع بانتظار ما تسفر عنه الأيام المقبلة، أو أن الكميات المتوافرة من الدولار قليلة
بالفعل، وهذا هو السيناريو الأسوأ لأننا سنرى الجنيه في قاع أبعد".
اقرأ أيضا: بنك فرنسي يتوقع قرارات مؤلمة بمصر خلال أيام.. هذه أبرزها
انفلات
سعر الصرف
في سياق
تعليقه على تدهور قيمة الجنيه رغم قرار خفضه رسميا بنحو 20%، قال الخبير الاقتصادي
ورجل الأعمال المصري الدكتور محمد رزق: "السبب الرئيسي فيما يحدث للجنيه هو أن
المركزي المصري هو من يتحكم في قيمة الجنيه وليس السوق، وهو ما يسمى بسعر الصرف المدار،
وتعتمد قيمة الجنيه على توافر الدولار ومواعيد استحقاق أقساط الديون، ومدة تغطية فاتورة
استيراد السلع الأساسية".
ورأى
في تصريحات لـ"عربي21" أن "أسوأ سيناريو من منظوري هو محاولة إسناد
الجنيه وبالتالي فقدان الاحتياطي النقدي الأجنبي، وأفضل سيناريو هو تعيين مستشار مالي
وإعلان التوقف عن السداد في حال استمر نقص الموارد الدولارية"، مشيرا إلى أن
"أكثر ما يقلق السوق هو انفلات سعر الصرف".
وأرجع
رزق أسباب الأزمة إلى "انخفاض عائدات الدولار بما فيها الأموال الساخنة، والصادرات،
والسياحة، وزيادة الواردات، وتداعيات جائحة كورونا، وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا،
وعجز الميزانية العامة للدولة المزمن، وارتفاع حجم أقساط وفوائد الديون الخارجية".
محاولات
دعم الجنيه
ورغم
حالة الترقب في السوق المصري لانتهاء إجازة عيد الفطر، أكد مصدر مسؤول بالبنك المركزي
المصري أن لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي ستجتمع في موعدها الطبيعي المحدد له
19 أيار/ مايو الجاري.
وقال
المصدر -في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية- إنه لا يوجد ما يستجد من أحداث
تستدعي تعديل موعد انعقاد الاجتماع، على حد تعبيره.
ومن
أجل دعم قيمة الجنيه، قام البنك المركزي المصري بشراء 44.4 طنا من الذهب خلال شهر شباط/
فبراير الماضي، في خطوة وصفت بالنادرة، ليصبح أكبر مشتر للمعدن الأصفر بين البنوك المركزية
العالمية في الربع الأول من العام الجاري، بحسب مجلس الذهب العالمي.
وبلغ
حجم الذهب لدى المركزي المصري 125.3 طنا، وهذه أكبر زيادة في احتياطي الذهب بمعدل
55% أو ما يعادل 19.4% من إجمالي احتياطات النقد الأجنبي، وبذلك قفزت مصر إلى المرتبة
33 عالميا، والرابعة عربيا بعد (السعودية، ولبنان، والجزائر).
في غضون
ذلك، باعت مصر سندات توازي قيمتها الإجمالية 45.7 مليار دولار منذ بداية العام حتى
4 آيار/ مايو، وفقاً لحسابات "بلومبرغ" استناداً إلى بيانات رسمية، ما يمثل
انخفاضاً في إصدار أوراق الدَّين بنسبة 29% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.