اقتصاد عربي

ارتفاع كبير بأسعار المحروقات في المغرب.. ما الأسباب؟

تأثرت عديد القطاعات بارتفاع أسعار المحروقات في المغرب- الأناضول
تأثرت عديد القطاعات بارتفاع أسعار المحروقات في المغرب- الأناضول

تشهد سوق المحروقات بالمغرب ارتفاعا بالغا في الأسعار ينعكس على مستوى معيشة المواطن العادي، فضلا عن القطاعات الأخرى ذات العلاقة بالنفط، وفي مقدمتهم خدمات النقل.


ويرى محللون أن ارتفاع أسعار المحروقات ليس بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية بسبب الحرب الأوكرانية بالأساس كما يرى المسؤولون الأمر، بل إنه بسبب توقف مصفاة التكرير الوحيدة بالبلاد، ووقف الدعم من قبل الحكومة.


كان المغرب يعوّل على مصفاة "سامير" في توفير أكثر من 80 في المئة من احتياجاته البترولية، إلى حدود عام 2015 حيث توقفت عن العمل، بعد أن تراكمت عليها الديون بسبب سوء الإدارة خلال فترة خصخصتها وبيعها لرجل الأعمال السعودي محمد حسين العامودي.


وكان المغرب يدعم المنتجات البترولية حتى عام 2015 حين تخلت حكومته في عهد رئيس الوزراء السابق عبد الإله بنكيران عن دعم جميع المحروقات باستثناء غاز البوتان، بسبب التكلفة الكبيرة التي كانت تتكبدها الموازنة العامة.


وقال الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ومنسق "جبهة إنقاذ مصفاة سامير" لرويترز: "المغرب كان يبني حاجياته على تكرير مصفاة سامير التي كانت تمثل في الأصل 80 في المئة من الاستهلاك الوطني زائد 20 أو 15 في المئة كانت تُستورد من الخارج".


وتابع قائلا: "ارتفاع سعر البرميل في السوق الدولية ما هو إلا قميص يوسف. أسعار البترول ارتفعت في المغرب بسبب وقف دعم البترول من طرف الدولة في 2015 من صندوق المقاصة (الموازنة)".


وقال اليماني: "في فترة الدعم لم يتجاوز سعر الغازوال (السولار) الثمانية دراهم للتر. الآن تجاوز الـ14 درهما".


وارتفعت أسعار المحروقات مؤخرا في المغرب بطريقة غير مسبوقة، حيث بلغ سعر الغازوال (السولار) أكثر من 15 درهما (1.6 دولار أمريكي)؛ الأمر الذي دفع المهنيين إلى خوض إضرابات.


وأدى ارتفاع المحروقات إلى زيادات شملت أسعار عدد من المواد الاستهلاكية بالمغرب، ما ينعكس على جيوب المواطنين، خاصة الفئات الهشة منهم التي تضررت من تداعيات جائحة كورونا.


وفي مقدمة مواد الاستهلاك التي شهدت ارتفاعا المواد الغذائية، حيث ارتفع سعر "زيت المائدة" بـ 23 درهما (2.5 دولار) بالنسبة للقارورة من فئة 5 لترات، كما ارتفع سعر قارورة 5 لترات من "الزيوت النباتية" بـ 27 درهما (3 دولارات) والذي شمل جميع العلامات التجارية.


أيضا عرف سعر السميد (نوع من الدقيق) من فئة 25 كيلوغراما ارتفاعا بـ 50 درهما (نحو 5 دولارات).
وفي حين يطالب نقابيون وحقوقيون بإعادة تشغيل مصفاة "سامير" لكبح ارتفاع الأسعار وانعكاساته على مختلف السلع، يرى البعض أن المصفاة اهترأت ومن الصعب إعادة تشغيلها.


ومع تعالي الأصوات المطالبة بإعادة تشغيل مصفاة "سامير"، قال رئيس الوزراء عزيز أخنوش هذا الشهر أمام البرلمان: "الدولة لم توقف سامير، بل لديها إشكال قانوني مع المالك السابق لشركة سامير، حيث يعرض الأمر على المحاكم الدولية".


وانعكس ارتفاع أسعار المحروقات على أسعار السلع بصفة عامة والقدرة الشرائية للمواطنين، مما اضطر الحكومة إلى تخصيص ميزانية لدعم 180 ألف وسيلة نقل منها حافلات وشاحنات وسيارات أجرة.


وفي مداخلة أمام مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان المغربي) قالت ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة إن مخزون البلاد من المحروقات يكفي لما بين 30 و40 يوما فقط. وكانت قد قالت في وقت سابق من الشهر إن المخزون لا يكفي إلا لتغطية 26 يوما.


وتابعت: "بالرغم من الظرفية العالمية الصعبة، تم التوصل إلى عقود مع شركات عالمية للتزود بالغاز الطبيعي". وأضافت أن الوزارة تعمل على رفع القدرة على "تخزين المواد البترولية باستثمار يناهز الثلاثة ملايين درهم في أفق 2023".


وفي عرض سابق قدمته أمام البرلمان قالت إن "الاستهلاك الوطني من المواد البترولية ارتفع في 2021 بنسبة 23 في المئة مقارنة مع 2009". كما أشارت إلى أن استهلاك المواد البترولية شهد ارتفاعا في أول شهرين من 2022 مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، باستثناء وقود الطائرات الذي انخفض نظرا لأزمة كورونا.


وعلّق اليماني: "الحل هو إعادة افتتاح محطة تكرير البترول لأنها كانت توفر على الأقل مليونا و200 ألف طن أو مليونا و300 ألف طن، أما طاقتها القصوى فكانت تصل إلى مليون و800 ألف طن وهذا يكفي لشهرين ونصف لاستهلاك المغرب".


وأضاف: "استيراد المغرب للنفط المكرر مكلف جدا، واستيراده خاما وتكريره في المغرب سيوفر ملايين الدراهم، كما أن الحرب الروسية الأوكرانية تزيد الأمر تعقيدا خاصة إذا طالت".


من جانب آخر طالب نائب برلماني من حزب التقدم والاشتراكية المعارضة "ببناء مصفاة جديدة لتكرير النفط بالموازاة مع ضرورة تسوية وضعية سامير".

 

اقرأ أيضا: نقابة النقل بالمغرب تعلق إضراب الخميس بعد تعهدات حكومية

وقال النائب رشيد حموني في رسالة إلى رئيس الحكومة: "من أجل مواكبة حاجيات اقتصادنا الوطني من الطاقة فإنه يتعين على بلادنا، بالإضافة إلى مجهودات تنويع مصادر الطاقة وإعطاء دفعة قوية للطاقات المتجددة، العمل على توفير الشروط اللازمة في ما يتعلق بالتكرير والتخزين".


من جهته تساءل اليماني أين ذهبت أموال الدعم مع ما يشهده المغرب من تراجع في الصحة والتعليم على حد قوله.


وقال إنه تجري معاينة لمصفاة سامير كل ثلاثة أشهر "والمعاينة التي أجريناها في نهاية 2021 تقول إن 1.8 مليار درهم (182.8 مليون دولار) قادرة على إعادة تشغيل سامير بصفة كلية في منظومة التكرير والتخزين، وعندنا التفاصيل لكل قطعة غيار كم ثمنها".


التعليقات (0)