هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
منذ عقد من الزمن أو يزيد، ومطالب إلغاء عقوبة الإعدام من القوانين الجنائية العربية، باتت مطلب عدد مهم من الجمعيات الحقوقية، التي تنتصر للحق في الحياة، وترى أن عقوبة القتل هي عقوبة وحشية، تناسب العصور الوسطى، ولا تناسب الواقع المعاصر الذي بدا يتجه أكثر نحو العقوبات البديلة، عن عقوبات سلب الحرية.
لكن جمهور علماء الأمة، لم يسايروا هذه الدعوى، وبقوا متحفظين منها، وذلك لاعتبارات عدة، بعضها مرتبط بثابت التمسك بالنصوص القطيعة، وبعضها آخر مرتبط بتحصين المقاصد الشرعية من نظام العقوبات في الإسلام، وكونها تحقق الأمن والاستقرار والردع للجناة الذين يتجرأون على الدماء والأموال والأعراض.
الإسلاميون، في معظمهم، قاموا دعوات هؤلاء الناشطين الحقوقيين، والتموا الموقف نفسه الذي تشبث به علماء الأمة، إلا قلة منهم، بدأت بوحي من الاشتباك مع إكراهات التدبير السياسي، تطرح فكرة مراجعة عقوبة الإعدام، وتحاول أن تبحث في التراث الفقهي عن سند لهذه المراجعة.
في هذا المقال، نحاول أن نناقش أفكار وردت في مقالة للأستاذ محمد يتيم، نشرت في "عربي21" على حلقتين، تقرأ في مقاصد التشريع الإسلامي في مجال العقوبات توجها يضيق على ثقافة القتل والقصاص، وتؤول بعض النصوص القرآنية في هذا المتجه، بالاستناد إلى التخيير الوارد في عدد من الآيات المتعلقة بالقصاص، وتقحم بمفهوم تصرف الإمام، إما لنقل الحد إلى تعزير، أو "نسخه" بما يعني تعطيل تنفيذه، بالشكل الذي يستقر عنده التوجه العام الذي ارتأى أنه يحكم الشريعة في تأطيرها لموضوع العقوبات الجنائية.
في مقاصد الشريعة من نظام العقوبات:
ربما كان الطاهر بن عاشور من أبرز من فصل في المقاصد الخاصة، وأحاطها بمقاصدها التفصيلية، فبعد أن أشار إلى المقصد الكلي من إقامة نظام الأمة، ذكر القصد من نظام العقوبات في الإسلام وأنها جاءت لتخدم هذا المقصد الكلي (حفظ نظام الأمة)، وأشار لمقاصد ثلاث يحققها نظام العقوبات في الإسلام، "تأديب الدجاني، وإرضاء المجني عليه، وزجر المقتدي بالجناة"، فذكر الطاهر بن عاشور، أن أعلى درجات التأديب أتت في الحدود لأنها تخص جنايات عظيمة، وأن قصد الشريعة من التشديد فيها هو انزجار الناس، وإزالة خبث الجاني، ولذل يرتفه الحد متى ما تبين أن في ال الجناية كانت خطأ، وأيضا متى ظهرت شبهة للجاني، فإن الجناية تلتحق بالخطأ وتسقط الحدود، أو إذا ظهر في الخطأ شيء من التفريط في أخذ الحذر، يؤدب المفرط بما يفرض من ألأدب لمثله.
وأما إرضاء المجني عليه، فالقصد من ذلك ـ حسب الطاهر بن عاشور هو إطفاء الغضب ومنع المجني عليه من الانتقام غير العادل، وحتى لا يقع الإسراف في القتل، فلا تكاد تنتهي الثارات والجنايات وينفرط بذلك حال نظام الأمة، فكان القصد من القصاص ـ حسب الطاهر بن عاشور-هو إبطال اثارات القديمة.
وأما القصد الثالث المتعلق بردع المقتدين بالجناة، فيرى الطاهر بان عاشور ان حكمة الشريعة اقتضت جعل عقوبة الجاني لزجر غيره، لأن إقامة الحدود والقصاص والعقوبات يحصل بها الانزجار عن الاقتداء بالجناة، ولا يحصل ذلك بعفو المجني عليه في بعض الأحوال، لندرة وقوعه، فلا يعول عليه، وأنه لهذا السبب لا تعتبر الشريعة العفو في الجنايات التي لا يكون فيها حق لأحد معين، مثل السرقة وشرب الخمر، فإن فيها انتهاكا للتشريع وكذلك الحرابة.
نأتي بهذا النص، الذي يشرح المقاصد الخاصة لنظام العقوبة في الإسلام، حتى نفتح نقاشا مهما، هو مقاصد الشريعة في هذا الباب؟ وهل تحصل بالقصاص في بعض الجنايات؟ أم أن القصاص هو مسايرة للثقافة السائرة، وتمهيد بيداغوجي للقضاء عليها على شاكلة ما فعل الشريعة مع نظام الرق والتسري وملك اليمين؟ أم أن فلسفة الإسلام من القصاص، هي فلسفة دائمة وليست زمنية، قصدها، إقامة نظام الأمة، والقطع بيد من حديد على أسباب الجرائم والجنايات، وقطع دابر العصابات التي تعتدي على الأنفس والأموال والأعراض؟
في العلاقة بين القصاص وثقافة القتل
يحاول الأستاذ محمد يتيم أن يبني مراجعته بالاستناد إلى مفهوم التضييق على ثقافة القتل التي كانت شائعة عند العرب، ويحاول أن يقرأ آية القصاص وآيات التخيير في القتل العمد وفي الحرابة على أساس أنها وسائل لتحقيق مقاصد أقرتها الشريعة، وهي محاصرة ثقافة القتل والانتقام والقضاء على الثارات التي كانت سائدة أيام الجاهلية.
والواقع، أن هذه القراءة، أو هذا التعليل ـ إن استعملنا الاصطلاح الأصولي، لم يذكره أحد من الأصوليين أو الفقهاء في شأن القصاص، بل على العكس من ذلك، شدد المفسرون والأصوليون والفقهاء على أن مقصد الشريعة من قرار القصاص، هو القضاء على الثارات والانتقام غير العادل. فقد ذكر الزمخشري في الكشاف أن العرب كانوا يقتلون بالواحد الجماعة، وأن مهلهل قتل بأخيه كليب حتى كاد يفني بكر بن وائل، وكان يُقتل بالمقتول غير قاتله، فتثور الفتنة ويقع بينهم التناحر، "فلما جاء الإسلام بشرع القصاص، كانت فيه حياة أيّ حياة، أو نوع من الحياة، وهي الحياة الحاصلة بالارتداع عن القتل لوقوع العلم بالاقتصاص من القاتل، لأنّه إذا همّ بالقتل فعلم أنه يقتصّ فارتدع منه سلم صاحبه من القتل، وسلم هو من القود، فكان القصاص سبب حياة نفسين".
وذكر الرازي في مفاتيح الغيب أن شرع القصاص يفضي إلى الحياة في حق من يريد أن يكون قاتلاً، وفي حق من يراد جعله مقتولاً، وفي حق غيرهما أيضاً، ويشرح ذلك بالقول: "أما في حق من يريد أن يكون قاتلاً، فلأنه إذا علم أنه لو قتل قتل، ترك القتل فلا يقتل فيبقى حياً. وأما في حق من يراد جعله مقتولاً، فلأن من أراد قتله إذا خاف من القصاص ترك قتله فيبقى غير مقتول. وأما في حق غيرهما، فلأن في شرع القصاص بقاء من هم بالقتل، أو من يهم به وفي بقائهما بقاء من يتعصب لهما، لأن الفتنة تعظم بسبب القتل فتؤدي إلى المحاربة التي تنتهي إلى قتل عالم من الناس وفي تصور كون القصاص مشروعاً زوال كل ذلك وفي زواله حياة الكل".
وللطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير، كلام نفيس يشرح علاقة القصاص بالتضييق على ثقافة القتل، فيرى رحمه الله أن الشريعة لو تركت الأمر للأخذ بالثأر كما كان عليه في الجاهلية لأفرطوا في القتل وتسلسل الأمر، فكان في مشروعية القصاص حياة عظيمة من الجانبين".
ليس قصد الشريعة مسايرة الثقافة الحقوقية، ولا تقديم هدية لهم بمراجعات تظهر بعض الخفة في النظر المقاصدي، ولكن، قصد الشريعة هو تثبيت الاستقرار والنظام في الأمة، والقضاء على الجرائم الكبيرة، أو على الأقل تحقيق سياسة الردع والزجر (على حد اصطلاح شيخ الإسلام ابن تيمية)،
وقد فصل ابن تيمية في "السياسة الشرعية" القول في عادة الإسراف في القتل التي كانت مستحكمة عند العرب في الجاهلية، فذكر قول العلماء أن أولياء المقتول تغلي قلبهم من الغيظ، حتى يؤثروا أن يقتلوا القاتل وأولياءه، وربما لم يرضوا بقتل القاتل بل يقتلون كثيرا من حاص القاتل كسيد القبيلة وقدم الطائفة فيكون القاتل قد تعدى في الابتداء، ويتعدى هؤلاء في الاستيفاء، كما يفعله أهل الجاهلية، وكما يفعله أخل الجاهلية الخارجون عن الشريعة في هذه الأوقات من الأعراب والحاضرة وغيرهم... وسبب ذلك خروجهم عن سنن العدل الذي هو القصاص في القتلى، فكتب الله علينا القصاص- وهو المساواة والمعادلة ـ وأخبر أن فيه حياة بحقن دم غير القاتل من أولياء الرجلين.
مؤدى هذه النصوص، أن قصد الإسلام من القصاص هو زجر الجناة، وفي الوقت نفسه إنهاء ظاهرة الثارات الانتقامية، التي تفتح مسارا غير متناه من سلسلة الانتقامات المتبادلة، فوضع القصاص، النهاية لهذه العادة المتأصلة، بوضع الأساس العادل لزجر المعتدي، وإرضاء المجني عليه، وردع المقتدي بالجناة، ولم يرد في الشرع ما يفيد بالمطلق أن القصاص، كان مجرد آلية مرحلية، تقوم بوظيفة إنهاء هذه العادة المستحكمة، ثم الانتقال بعدها إلى آلية أخرى، يحصل بها الانزجار من غير لجوء إلى القتل بالحق.
لقد كان مفكر المغرب علال الفاسي رحمه الله مشغولا بفكرة تدوين الشريعة في شكل قوانين، وقد اثار في كتبه، لاسيما كتابه "دفاعا عن الشريعة" وكتابه "في النقد الذاتي" جمة القضايا المثيرة التي تستفز الغربيين من شريعة الإسلام، وحاول أن يقدم بشأنها اجتهادات اندرجت في سياق التكيف، لكنه، عند مناقشة قضية الحدود، وبشكل خاص، ما يرتبط بالقصاص، فذكر أن الحكم القصاص موجود في جميع الأنظمة والقوانين الشرعية، فلم يزد شيئا عما أقره الشرع من إقرار عقوبة القصاص والحث على العفو والرضا بالدية، مؤكدا في نهاية اجتهاده، أنه "ليس هناك ما يدعو إلى استصعاب الحكم الإسلامي في هذه الجريمة (يقصد في جريمة القتل العمد).
التخيير لا يعني ضرورة طرح عقوبة القتل
من أشكل ما استند إليه الأستاذ محمد يتيم في مقاله، قضية التخيير الواردة في الأحكام، إذ ذكر من ذلك التخيير بين القتل وبين القبول بالدية، وبين العقوبات الأربع الواردة في حد الحرابة.
لا يعنيني ابتداء مناقشة مفهوم التخيير في اللغة أو عند الأصوليين، لأن الأمر، يتعدى ذلك إلى تحديد مفهومه في سياق مخصوص يتعلق بحكمين شرعيين، وردت بشأنهما نصوص صريحة، وذلك في كل من القتل العمد، وحد الحرابة.
الأستاذ محمد يتيم، استند إلى مفهوم التخيير اللغوي، ليتخرج منه توجه الشريعة في نظام العقوبات في اتجاه التقليص من عقوبة القتل أو السعي لإسقاطها تدريجيا، لكن الأمر ليس على هذا المنحى. فالشريعة، حسب سياقات آيات القصاص، تقصد القضاء على عادة القتل الانتقامي العشوائي الذي يتجاوز حدود العدل، ويتسبب في قتل مضاعف، وتقصد أيضا، فتح نافذة للعفو والقبول بالدية عوض استيفاء القتل، لكنها ابدا لا تجعل العفو والقبول البديل بديلا عن القصاص، ولا تجعل التعازير بدلا عن الحد في للقصاص، لأن قصد الشريعة ليس هو السعي التدريجي إلى إسقاط عقوبة القتل، وإنما قصدها ألأول، والأخير، كما بين ذلك الطاهر بن عاشور وغيره من العلماء الذين سبقوه هو القضاء على الجنايات التي تهدد الأمن والاستقرار، وإقامة حال نظام الأمة.
تقديري، أن عمل كثير من الدول العربية، بنظام الإبقاء على عقوبة الإعدام، ضمن النظام التشريعي الجنائي، وتأجيل تنفيذها، مع إعمال عقوبة تعزيرية مشددة، مثل السجن المؤبد، هو الأقرب إلى مقاصد الشريعة، من مثل هذه المراجعات، التي تنتصر لحق حياة الجاني، دون أن تدرك أن في القصاص، أي في تثبيته في النظام الجنائي، حياة للجميع..
ومن ثمة، فالنظر في العقوبات، وجب أن يناط بهذه المقاصد العظيمة، وما إذا كان جعل العفو والقبول بالدية بديلا عن القتل في جناية القتل العمد محققا لهذه المقاصد أو مخلا بها. ومثل ذلك يقال في جناية الحرابة، وهي أشد جناية في تقدير شريعة الإسلام، فالأمر ليس كما ذهب أخونا الأستاذ محمد يتيم، بأن الأمر على التخيير، وأن للإمام بنظره أن يعدل عن عقوبة القتل إلى ما هو أدناها باستثمار مساحة التخيير المتاحة له، بل التخيير ورد في سياق ذكر مراتب العقوبة، وما تناسبه من درجة الجناية، وأن نظر الإمام، مقيد بهذه المراتب وهذا التناسب، يقول الطاهر بن عاشور في ذلك:" ثُمّ ينبغي للإمام بعد ذلك أن يأخذ في العقوبة بما يقارب جرم المحارب وكثرة مُقامه في فساده. وذهب جماعة إلى أنّ أو في الآية للتّقسيم لا للتخيير، وأنّ المذكورات مراتب للعقوبات بحسب ما اجترحه المحارب فمن قتل وأخذ المال قُتل وصُلب، ومن لم يَقتل ولا أخذَ مالاً عُزّر، ومن أخاف الطريق نُفي، ومن أخذ المال فقط قطع، وهو قول ابن عبّاس، وقتادة، والحسن، والسديّ، والشافعي. ويقرب خلافهم من التّقارب" وما يزيد الأمر وضوحا، كما بين ذلك الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله، أن هذه العقوبات التي أسندها الله لهذه الجنايات العظيمة، هي لأجل الحرابة، وليست لأجل حقوق الأفراد من الناس.
وتبعا لذلك، فالنظر المقاصدي في نظام العقوبات في الإسلام سواء في توجيه النصوص أو في تقدير الإمام، لا يضع في اعتباره إسقاط عقوبة القتل ابتداء، أو اشتراطها للتكيف مع ثقافة العصر، أو مسايرة ما يطلب من الإسلام للانسجام مع الثقافة الحقوقية المعاصرة، وإنما يضع في اعتباره مدى تحقق المقاصد الثلاثة العظيمة لهذا النظام، أي انزجار الجاني، وإرضاء المجني عليه، وانزجار المقتدي بالجناة، فالنظر في القصاص أو العفو مع قبول الدية (التعويض المالي)، هو منوط بحيثيات الواقع، وقياس درجة الانزجار بالعقوبة، ومدى تحقق الأمن بها.
ومن ثمة، فالتقدير المصلحي، الذي ترعاه الشريعة في هذا الباب، سواء في إيقاع العقوبة أو تأجيل تنفيذها بنظر الإمام، تبقى مرتبطة بالحيثيات الواقعية، ومدى تحقق الأمن والاستقرار، فإذا كانت المعطيات التي توفرها وزارات العدل في البلدان العربية، تقول بأن ظاهرة العود في الجرائم، أصبحت ظاهرة مطردة، وأن العفو عن القاتل، كما في حالات وردت في سياق مغربي، أفضت إلى قتله آخرين بعد خروجه من السجن، فإن عين النظر المقاصدي تتوجه حينها إلى عكس ما ذهب إليه الأستاذ محمد يتيم، لأن العمل على إسقاط عقوبة القتل، بتوسيع ثقافة العفو والتعويض المالي (إسقاط القصاص بقبول الدية) قد ينتج عنه ما حذر منه القرآن، أي التوجه نحو الإسراف بالقتل، ما دام المال يحل المشكلة، باستمالة أهل القتيل، وإرشائهم بالمال ليتنازلوا عن حقوقهم. فعدد من العصابات الكبيرة اليوم، يمكن أن تجد المستند لتبرير الاستمرار في القتل، ما دامت تملك الأموال لإرشاء أهل القتيل، والتحايل على إسقاط القصاص.
حاجة القانون الجنائي إلى سياسة الزجر
خلاصة، ليس قصد الشريعة مسايرة الثقافة الحقوقية، ولا تقديم هدية لهم بمراجعات تظهر بعض الخفة في النظر المقاصدي، ولكن، قصد الشريعة هو تثبيت الاستقرار والنظام في الأمة، والقضاء على الجرائم الكبيرة، أو على الأقل تحقيق سياسة الردع والزجر (على حد اصطلاح شيخ الإسلام ابن تيمية)، فمجرد وجود مثل هذه العقوبات في اعتبار الناس، يؤدي وظيفة اجتماعية وأمنية مهمة، لا يجدر أن نسقطها، لاعتبارات، لا تراعي الأثر الذي يمكن أن يحصل على المجتمع من جراء تناسل وتواتر هذه الجرائم، وربما بروز ظاهرة التجرؤ على القتل، بحكم يسر عقوبته.
تقديري، أن عمل كثير من الدول العربية، بنظام الإبقاء على عقوبة الإعدام، ضمن النظام التشريعي الجنائي، وتأجيل تنفيذها، مع إعمال عقوبة تعزيرية مشددة، مثل السجن المؤبد، هو الأقرب إلى مقاصد الشريعة، من مثل هذه المراجعات، التي تنتصر لحق حياة الجاني، دون أن تدرك أن في القصاص، أي في تثبيته في النظام الجنائي، حياة للجميع، وأن سياسة الردع الذي يمثلها، تساهم في إقامة النظام والاستقرار الاجتماعي، والأمن من الجريمة، التي لا تزال عدد من الدول العربية، تسعى جاهدة إلى تحقيقه.
يفترض في الذين يسارعون اليوم للقيام بهذه المراجعات، أن لا يكتفوا فقط بالنظر إلى النصوص، بل أن يخرجوا إلى الوقائع والحيثيات، وإلى الأرقام التي توفرها وزارات العدل عن الجرائم، وبشكل خاص عن جرائم القتل وأسبابها ودواعيها ونسبها، وأن يستفيدوا من الدراسات الاجتماعية حول ظاهرة العود في الجرائم، خاصة منها الجرائم المركبة، حتى يدركوا أن الانتقال من عقوبة شديدة إلى عقوبة ميسرة تؤمن التكيف مع الثقافة الحقوقية، لن ينهي المشكلة، بل يمكن أن يساهم في مشكلتين اثنتين، الأولى مرجعية، بالعمل في اتجاه معاكس لمقاصد النصوص الشرعية، والثاني، مشكلة أمنية واجتماعية، بتعميق الجرائم وتعقيدها وتهديد الأمن المجتمعي بها.
إقرأ أيضا: نقاش علمي هادئ حول مراجعة أو تعليق عقوبة الإعدام (1من2)
إقرأ أيضا: نقاش علمي هادئ حول مراجعة أو تعليق عقوبة الإعدام (2 من 2)