صحافة دولية

نيويوركر: كيف تتجسس الأنظمة الديمقراطية على مواطنيها؟ ج3

يتناول التقرير أدوات قامت بها حكومات دول غربية وعربية بالتجسس واختراق أجهزة المعارضين والسياسيين- جيتي
يتناول التقرير أدوات قامت بها حكومات دول غربية وعربية بالتجسس واختراق أجهزة المعارضين والسياسيين- جيتي

كشف تقرير مطول من صحيفة "ذي نيو يوركر"، أعده رونان فارو، القصة الحقيقية لما أسماه "أبشع برنامج تجسس تجاري، وشركات التكنولوجيا الكبيرة التي تشن الحرب عليه".


وفي التقرير الذي ترجمته "عربي21"، ونشرت جزأه الأول والثاني، يتناول فارو أدوات ووسائل قامت بها حكومات دول غربية تابعة للأنظمة الديمقراطية، وأخرى حول العالم بينها عربية، بالتجسس والتتبع واختراق أجهزة المعارضين والسياسيين ونشطاء في مجال حقوق الإنسان عبر مختلف الأشكال والطرق باستخدام برنامج بيغاسوس المملوك لشركة "إن إس أو" الإسرائيلية.


وتاليا الترجمة الحصرية الكاملة للتقرير:


الجزء الثالث


كان مستخدمو واتساب في بعض الأحيان يتلقون بشكل متكرر اتصالات هاتفية غير تامة، لكن لا ينجح برنامج التجسس في اختراق هواتفهم. وعندما علم المهندسون بهذه الحوادث تمكنوا من دراسة ما الذي يكون عليه الحال عندما يخفق بيغاسوس. ومع اقتراب الأسبوع من نهايته أخبرني غورغيه قائلاً: "قلنا، حسناً، ليس لدينا فهم تام عند هذه النقطة، ولكن أظن أننا حصلنا على ما يكفي".


وصباح يوم الجمعة بلغ فيسبوك وزارة العدل، التي كانت تعد قضية ضد مجموعة إن إس أو. ثم حدثت الشركة خوادمها لكي تسد الطريق على الشيفرة المؤذية. وبعد عصر ذلك اليوم كتب غورغيه عبر خدمة الرسائل الداخلية يقول: "جاهزون للمضي قدماً". صمم الأمر لكي يبدو كما لو كان صيانة روتينية للخادم، عسى أن تستمر إن إس أو في محاولاتها شن المزيد من الهجمات، وبذلك تزود فيسبوك ببيانات أكثر.


وفي اليوم التالي، كما قال مهندسو واتساب، بدأت إن إس أو في إرسال ما بدا شبيهاً برزم البيانات المخادعة، والتي خمنوا أنها وسيلة لمعرفة ما إذا كانت نشاطات إن إس أو غدت مراقبة. أخبرني غورغيه قائلاً: "في إحدى الرزم المؤذية أرسلوا بالفعل رابط يوتيوب. انفجرنا جميعنا ضحكاً كالمجانين عندما رأينا ماذا كان ذلك." كان الرابط لمقطع فيديو موسيقي من أغنية ريك آستلي "لن أتخلى عنك أبداً" من سنة 1987. توريط الناس برابط من الأغنية بات وسيلة تصيد شائعة تعرف باسم "ريكرولينغ".

 

يذكر أوتو إيبلنغ ذلك قائلاً: "ريكرولينغ هو، لا أدري، ربما شيء قد يفعله معي زميل لي، وليس أناس مكلفون بذلك من جهة شبه حكومية." وعن ذلك أخبرني كاثكارت قائلاً: "كانت تتضمن رسالة في داخلها. كانوا يقولون إننا نعلم ما الذي فعلتموه، فنحن نراكم." (أما هوليو وغيره من موظفي إن إس أو فقالوا إنهم لا يذكرون ممارسة ريكرولينغ ضد واتساب.)


في الأشهر التي تلت، بدأ واتساب في إشعار مستخدميه الذين تم استهدافهم. وتضمنت القائمة عدداً كبيراً من المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك على الأقل سفير فرنسي واحد ورئيس وزراء جيبوتي. قال كاثكارت: "لم يكن هناك تداخل بين هذه القائمة وما يشبه قوائم أجهزة الأمن. كان الأمر مثيراً، فهناك الكثير من البلدان من كل أنحاء العالم. فهذه ليست فقط وكالة واحدة أو منظمة في بلد واحد تستهدف الناس." وبدأ واتساب بالعمل مع سيتزن لاب، الذي حذر الضحايا من احتمال أن يكونوا قد تعرضوا للاختراق تارة أخرى، وساعدهم على تأمين أجهزتهم. وقال جون سكوت ريلتون: "كان في الواقع مثيراً للاهتمام كم من الناس كانوا منزعجين وحزينين، ولكن لم يكونوا في الحقيقة متفاجئين، بل ربما أحسوا بالارتياح لأنهم كانوا يحصلون على تشخيص لعرض غامض لطالما عانوا منه لسنين عديدة".


كان هناك خمسة أشخاص من كاتلان ضمن المجموعة الأولى التي تعرف عليها واتساب، بما في ذلك أعضاء برلمان منتخبون وناشط سياسي واحد. أدرك كامبو، الباحث الأمني الكاتلاني أن تلك الحالات "كانت في الأغلب مجرد رأس الجبل الجليدي". وأضاف: "كان ذلك عندما وجدت نفسي عند تقاطع التكنولوجيا – من جهة منتج ساهمت أنا شخصياً في بنائه ومن جهة أخرى وطني الذي أنتمي إليه".

 

اقرأ أيضا: نيويوركر: كيف تتجسس الأنظمة الديمقراطية على مواطنيها؟ ج1

استمر واتساب في إشراك وزارة العدل بما لديه من معلومات. وفي ذلك الخريف قامت الشركة بمقاضاة إن إس أو في محكمة فيدرالية. أخبرني كاثكارت قائلاً: "لقد اخترقت مجموعة إن إس أو أنظمتنا وألحقت بنا أضراراً. أقصد، هل تقف متفرجاً في هذه الحالة ولا تفعل شيئاً؟ لا. بل ينبغي أن تكون هناك تداعيات".


قال هوليو: "أتذكر فقط أنه في أحد الأيام بدأت القضية أمام المحكمة، وأغلقوا حسابات فيسبوك التابعة لموظفينا، وكان ذلك تنمراً منهم علينا".


وأضاف مشيراً إلى فضائح تتعلق بدور فيسبوك في المجتمع: "أظن أن في الأمر نفاقاً كبيراً".

 

وسعت إن إس أو لحمل المحكمة على رفض الدعوى، بحجة أن عمل الشركة نيابة عن الحكومات من المفروض أن يمنحها نفس الحصانة التي تتمتع بها تلك الحكومات ضد الدعاوى القضائية. إلا أن المحاكم الأمريكية ما زالت حتى الآن ترفض هذه الحجة.


كان ذلك الموقف الحاسم من واتساب غير مألوف بين الشركات التكنولوجية الكبرى، والتي عادة ما تتردد في جذب الانتباه إلى الحالات التي تتعرض فيها أنظمتها للاختراق. إلا أن الدعوى القضائية كانت معلماً مهماً على حدوث تحول. باتت الآن الشركات التكنولوجية على قلب رجل واحد في مواجهة بائعي برامج التجسس. ويصف غورغيه ذلك قائلاً: "كانت تلك هي اللحظة التي انفجر فيها كل شيء".


ما لبثت مايكروسوفت وغوغل وسيسكو وغيرها أن انضمت إلى واتساب في الدعوى القضائية التي رفعها. ساعدت غودوين، مديرة مايكروسوفت، في إبرام ما يشبه الائتلاف بين كل تلك الشركات. وكانت قد قالت لي: "ما كان بإمكاننا السماح لمجموعة إن إس أو بأن تهيمن متعذرة بحجة مفادها أنه نظراً لأن حكومة ما تستخدم منتجاتك وخدماتك فأنت بذلك تتمتع بحصانة سيادية. كان من الممكن أن تكون لذلك تداعيات بالغة الخطورة". إلا أن هوليو يرى أنه عندما تستخدم الحكومات بيغاسوس فإن من غير المحتمل أن تركن إلى أصحاب المنصات من أجل أن تتمكن من إيجاد "بوابة خلفية" أوسع للوصول إلى بيانات المستخدمين. وأعرب عن سخطه تجاه الدعوى القضائية قائلاً: "بدلاً من أن يقولوا، مثلاً، حسناً، شكراً لكم، ها هم يقاضوننا. طيب، فليكن، وسنلتقي في المحكمة".


ومايكروسوفت أيضاً لديها فريق أمني يشتبك في الحرب مع الهاكرز. ورغم أن بيغاسوس غير مصمم لاستهداف المستخدمين عبر منصات مايكروسوفت، فإن أربعة أشخاص في كاتالونيا على الأقل ممن يستخدمون مايكروسوفت ويندوز في حواسيبهم تعرضوا لهجمات ببرامج تجسس من صنع كانديرو، وهي شركة ناشئة أسسها موظفون سابقون في إن إس أو. (قال متحدث باسم كانديرو إنها تشترط استخدام منتجاتها "فقط من أجل منع الجريمة والإرهاب.")

 

في شباط/ فبراير 2021 تمكن سيتزن لاب من التعرف على ما يثبت وجود إصابة فعالة – وهو أمر نادر بالنسبة لبرنامج تجسس من هذا المستوى – داخل جهاز لابتوب يعود لخوان ماتامالا، وهو ناشط مقرب من السياسيين الانفصاليين. واتصل كامبو بماتامالا وأرشده إلى تغليف اللابتوب في رقائق من الألمنيوم، وهو إجراء مؤقت لقطع الطريق على برامج التجسس والحيلولة دون تمكنها من التواصل مع الخوادم.

 

تمكن سيتزن لاب من استخلاص نسخة من برنامج التجسس، والذي أطلقت عليه مايكروسوفت لقب "لسان الشيطان". بعد ذلك بعدة أشهر، أطلقت مايكروسوفت تحديثات تسد الطريق في وجه لسان الشيطان وتحول دون حدوث هجمات في المستقبل. قالت غودوين إنه بحلول ذلك الوقت كانت قائمة النشطاء والصحفيين المستهدفين قد بلغت من الطول ما تقشعر له الأبدان. تعرض ماتامالا للاستهداف أكثر من 16 مرة. وقد قال لي عن ذلك: "ما زلت أحتفظ برقائق الألمنيوم هنا، تحسباً من أن نتعرض لإصابة أخرى".


في تشرين الثاني/ نوفمبر  الماضي، بعد ورود مزاعم بتعرض هواتف آي فون للاستهداف من قبل إن إس أو، رفعت أبيل دعوى قضائية باسمها. فما كان من إن إس أو إلا أن تقدمت بطلب لإبطال الدعوى. أخبرني المهندس إيفان كريستك قائلاً: "أبيل شركة لا تؤمن بالدعاوى القضائية الاستعراضية. كنا طوال ذلك الوقت ننتظر الحصول على دليل يمكننا من رفع دعوى قضائية نعتقد بأننا سوف نكسبها".

 

اقرأ أيضا: نيويوركر: كيف تتجسس الأنظمة الديمقراطية على مواطنيها؟ ج1

قبل ما يقرب من أربعة أعوام شكلت أبيل فريقاً استخباراتياً لمواجهة الأخطار المحدقة. أخبرني اثنان من الموظفين الذين لهم علاقة بهذا العمل بأن ما قامت به الشركة كان رداً على انتشار برامج التجسس، وهي التي يعتبر منتج مجموعة إن إس أو نموذجاً لها. وأخبرني أحد الموظفين قائلاً: "إن إس أو عبارة عن مصدر ألم شديد. فحتى قبل أن يصبح الموضوع مثار حديث وسائل الإعلام، أفشلنا محاولات إن إس أو مرات عديدة." وفي عام 2020 عندما أطلقت أبيل برنامجها آي إس أو 14، كانت قد تقدمت بنظام يسمى بلاستدور، يقوم بنقل معالجات رسائل الآيفون – بما في ذلك أي شيفرات لديها قابلية التسبب بالأذى – إلى حجرة مربوطة ببقية نظام التشغيل فقط من خلال خط أنابيب ضيق واحد من البيانات.

 

إلا أن أومير، نائب رئيس إن إس أو، أخبرني بأن تلك "الخاصية الجديدة عادة ما تحتوي على بعض الثقوب في جدارها الواقي،" ما يجعل استهدافها أيسر. ولقد أقر كريستك بأنه "ما زال يوجد ثغرة صغيرة جداً".


في آذار/ مارس من عام 2021، تلقى فريق أبيل معلومة تفيد بأن أحد الهاكرز تمكن بنجاح من العبور من تلك الثغرة. فحتى في الحروب السيبرانية يوجد عملاء مزدوجون. قال أحد الأشخاص ممن لديهم اطلاع جيد على قدرات أبيل الاستخباراتية في مواجهة الأخطار المحدقة إن فريق الشركة يتلقى أحياناً معلومات من مخبرين لديهم علاقات بالشركات المنتجة لبرامج التجسس.

 

وأضاف: "لقد أمضينا وقتاً طويلاً وبذلنا جهداً كبيراً في السعي للوصول إلى موقع يمكننا من خلاله تعلم شيء عما يجري في العمق من وراء الكواليس في بعض تلك الشركات." (قال متحدث باسم شركة أبيل إن الشركة لا يوجد لديها مصادر داخل شركات تصنيع برامج التجسس.) كما أن بائعي برامج التجسس أنفسهم يعتمدون على جمع المعلومات الاستخباراتية، مثل ضمان الحصول مبكراً على البرامج قبل إطلاقها بشكل رسمي، حيث يستخدمونها لتصميم هجماتهم القادمة. قال لي أومير: "نتتبع المنشورات، ونتتبع النسخ الأولية من أي تطبيق نريد أن نستهدفه".


في ذلك الشهر، تواصل باحثون من سيتزن لاب مع أبيل وأخبروها بأن جهاز هاتف يعود لناشطة نسائية سعودية اسمها لجين الهذلول تم اختراقه بواسطة رسالة آيفون. وتمكن سيتزن لاب فيما بعد من إرسال نسخة من نقطة الاستغلال إلى أبيل التي اكتشفها الباحث بيل مارزاك بعد شهور من إخضاع هاتف الهذلول للفحص، مدفونة في ملف صورة. ويقول الشخص المطلع على قدرات أبيل الاستخباراتية في مواجهة الأخطار المحدقة إن تلقي الملف، عبر قناة رقمية مشفرة، كان بمثابة تلقي شيء يسلم إليك في حقيبة محصنة ضد الأخطار البيولوجية مكتوب عليها لا تفتحها إلا في مختبر من المستوى الرابع آمن بيولوجياً.


استغرق تحقيق أبيل أسبوعاً وعمل فيها عشرات المهندسين المقيمين في الولايات المتحدة وأوروبا. خلصت الشركة إلى أن إن إس أو كانت قد حقنت شيفرات مؤذية في ملفات على شكل بيه دي إف التابع لأدوبي. ثم خدعت نظاماً في رسائل الآيفون حتى يقبل ويعالج ملفات البيه دي إف خارج بلاستدور. ويقول الشخص المطلع على قدرات أبيل الاستخباراتية في مواجهة الأخطار المحدقة إن الأمر أشبه ما يكون بأفلام العلوم الخرافية. ويضيف: "عندما تقرأ التحليل، يصعب عليك التصديق".

 

ودرس فريق البحث الأمني في غوغل، مشروع الصفر، نسخة من نقطة الاستغلال، وكتبوا فيما بعد في تدوينة: "تقديرنا هو أن هذا من بين كل ما رأينا حتى الآن واحد من أكثر النقاط المستغلة تعقيداً، وهو ما يثبت أن القدرات التي تقدمها إن إس أو تنافس تلك التي كنا نظن فيما مضى أنها متاحة فقط لعدد محدود من الدول." في مكاتب إن إس أو، طبع المبرمجون في مجموعة البحث الأساسية نسخة من التدوينة ووضعوها على الجدار.


أرسلت أبيل تحديثات إلى منصاتها بحيث تبطل مفعول نقاط الاستغلال. أخبرني كيرستيك قائلاً إن تلك كانت "لحظة فخر عظيمة" للفريق. ولكن قال لي أومير: "كنا نترقب حصول ذلك. كنا نعد الأيام بانتظار حدوثه." وقال هو وآخرون في الشركة إن نقطة الاستغلال القادمة باتت قادمة لا محالة، وأضاف: "قد تكون هناك بعض الثغرات، وقد يستغرقنا الخروج بشيء من جانبنا أسبوعين، يتم خلالهما القيام ببعض الأعمال".


أثناء مقابلات أجريت في مكتب إن إس أو في الشهر الماضي، كان الموظفون يتبادلون النظرات القلقة مع مسؤولي العلاقات العامة الذين كانوا يحومون من حولهم بينما كانوا هم يجيبون عن الأسئلة المتعلقة بالروح المعنوية السائدة في خضم الفضائح والدعاوى القضائية والتصنيف على القائمة السوداء. وقال أومير: "بكل صدق، لا يكون المزاج دوماً في أحسن أحواله." أعلن آخرون عن ولائهم للشركة وعن ثقتهم في قدرة أدواتها على الإمساك بالمجرمين. قال لي الموظف السابق: "لدى الشركة خطاب قوي تسعى إلى ترويجه في الداخل، فأنت إما أن تكون معهم أو تكون ضدهم".


وباتت إسرائيل أهم مصدر في العالم لتكنولوجيا الرقابة والتجسس في القطاع الخاص، جزئياً بسبب جودة المهارة والخبرة التي ينتجها الجيش. قال لي المسؤول الكبير في جهاز المخابرات: "بفضل الخدمة العسكرية الإجبارية فإننا نجند أفضل الأفضل. بينما الحلم الأمريكي هو الانتقال من معهد إم آي تي إلى غوغل، فإن الحلم الإسرائيلي هو الانتقال إلى 8200"، وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية التي يجند منها في العادة بائعو برامج التجسس العاملين معهم.

 

(عادة ما يؤكد هوليو على أنه لم يخدم في الوحدة 8200، وهو الذي يصف نفسه بأنه كان طالباً عادياً بين البين لم تشهد نشأته شيئاً مميزاً.) ولطالما اعتبرت إن إس أو تاريخياً مكاناً مرغوباً للعمل فيه من قبل الشباب الذين أنهوا الخدمة العسكرية. إلا أن الموظف السابق في إن إس أو، والذي استقال بعد أن ساوره القلق بسبب دور بيغاسوس في عملية اغتيال جمال خاشقجي، أخبرني أن آخرين سواه أصيبوا أيضاً بخيبة أمل.

 

وأضاف: "كان ذلك واحداً من الأحداث الكبيرة التي جعلت كثيراً من الموظفين يفيقون من سباتهم ويدركون ما الذي يجري." كانت الاستقالات خلال السنوات القليلة الماضية مثل كرة الثلج. ورداً على أسئلة حول المشاكل التي تواجهها الشركة، قال هوليو: أكثر ما يقلقني هو مشاعر الموظفين".

 

اقرأ أيضا: MEE: دعوى قضائية ببريطانيا ضد بيغاسوس والإمارات والسعودية

في عام 2019، أثقل كاهل إن إس أو بديون بمئات الملايين من الدولارات كجزء من صفقة لشراء الشركة نجم عنها اقتناء مؤسسة أسهم خاصة تتخذ من لندن مقراً لها واسمها نوفالبينا حصة تقدر نسبتها بسبعين بالمائة من قيمة الشركة. ومؤخراً أقدمت مودي، شركة الخدمات المالية، على خفض معدل الائتمان الخاص بمجموعة إن إس أو إلى "سيئ"، ووصفتها بلومبيرغ بالشركة البائسة، ونأى بأنفسهم عنها متعاملو بورصة وول ستريت.

 

كما أنه غادر إن إس أو اثنان من كبار المدراء فيها، وساءت العلاقة بين الشركة وداعميها. ونجم عن الخصام الداخلي بين الشركاء في نوفالبينا نقل التحكم بموجوداتها، بما في ذلك إن إس أو، إلى مؤسسة استشارية اسمها مجموعة بيركلي للأبحاث، التي تعهدت بزيادة الرقابة. إلا أن أحد المدراء في المجموعة زعم مؤخراً أن التعاون مع هوليو بات "غير موجود تقريباً". وبثت وكالة الأنباء الفرنسية تقريراً جاء فيه أن التوترات طفت على السطح لأن دائني إن إس أو ضغطوا باتجاه مزيد من المبيعات لبلدان ذات سجلات مريبة في مجال حقوق الإنسان، بينما سعت مجموعة بيركلي للأبحاث إلى وقف مثل هذه المبيعات. وقال هوليو متحدثاً عن مجموعة بيركلي للأبحاث: "فعلاً لدينا بعض الخلافات معهم، وتتعلق هذه الخلافات بكيفية إدارة العمل".


عقدت مشاكل إن إس أو علاقاتها الوثيقة مع الدولة الإسرائيلية. ويذكر المسؤول الكبير السابق في جهاز المخابرات أنه في الماضي عندما رفضت وحدته طلبات من البلدان الأوروبية التي كانت تنشد التعاون الأمني كان جهاز الموساد يقول: "إليكم أفضل شيء سيكون متاحاً فيما بعد، إنها مجموعة إن إس أو".

 

قال العديد من الناس الذين لديهم اطلاع على مثل هذه الصفقات إن السلطات الإسرائيلية لم تكن تقدم أي دليل إرشادات أخلاقي ولم تفرض أي قيود. وأضاف المسؤول السابق: "لم يكن ضبط الصادرات الإسرائيلية معنياً بالتعامل من خلال أي ضوابط أخلاقية. بل كان التعامل مقتصراً على أمرين اثنين، أما الأول فهو المصلحة الوطنية الإسرائيلية وأما الثاني فهو السمعة".

 

يقول الموظف السابق في إن إس أو، إن الدولة "كانت تدرك جيداً ما يجري من سوء استخدام، بل كانت تستخدم ذلك كجزء من علاقاتها الدبلوماسية". (قالت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تصريح إن كل تقييم لطلب رخصة تصدير يتم في ضوء اعتبارات متعددة بما في ذلك التصريح الأمني الخاص بالمنتج وتقييم البلد الذي سيتم تسويق المنتج إليه..

 

ويؤخذ بعين الاعتبار كل ما يتعلق بقضايا تخص حقوق الإنسان والسياسة والأمن.") بعد وضع إن إس أو على القائمة السوداء، سعى هوليو للاستعانة بالمسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء نفتالي بينيت ووزير الدفاع بيني غانتس. ولقد أخبرني عن ذلك قائلاً: "أرسلت خطاباً قلت فيه إننا كشركة مسجلة بشكل قانوني، كما تعلم، كل ما كنا نطلبه كان بترخيص وبتفويض من حكومة إسرائيل." إلا أن أحد كبار المسؤولين في إدارة بايدن قال إن الإسرائيليين لم يوجهوا سوى شكاوى فاترة جداً بشأن وضع الشركة على القائمة السوداء. لم يعجبهم ذلك، ولكن لم يحصل صدام بشأنه بيننا وبينهم".

التعليقات (0)