هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استبق الرئيس التونسي قيس سعيد نتائج الحوار الوطني الذي من المفترض أن يضمن نقاشا في كل المسائل ويحدد الخطوط العريضة للإصلاحات الكبرى التي ستشمل النظام السياسي والجانب الاقتصادي والاجتماعي، ليعلن أن الانتخابات التشريعية القادمة والمقررة في 17 من كانون الأول/ ديسمبر 2022 ستكون على الأفراد وليس القائمات وفي دورتين.
وقال الرئيس سعيّد إن هيئة الانتخابات ستتكفل بمهمة الإشراف على عملية الاقتراع ولكن بتركيبة جديدة، وتحدث سعيد عن فرضية تعديل الدستور أو وضع آخر جديد ولكن بعد إجراء الاستفتاء المقرر في 25 تموز/ يوليو القادم وظهور النتائج.
ما طرحه الرئيس من اقتراع على الأفراد ودستور جديد عمق الاختلاف في الساحة السياسية بتونس وحتى القانونية بين من يرى في ذلك ذهابا نحو المجهول وبين مؤيد لذلك.
الاقتراع على الأفراد
قال الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري في تصريح خاص لـ"عربي21" إن "الاقتراع على الأفراد ما زال فكرة طرحها الرئيس وهي ستخضع للحوار".
وأضاف المنصري موضحا: "الرئيس عندما التقى فاروق بوعسكر نائب رئيس هيئة الانتخابات أكد له أن الهيئة ستكون طرفا للتشاور في ذلك".
وفسر محدثنا عملية الاقتراع على الأفراد قائلا: "هي خيار، يتوجه الناخب للشخص وليس للقائمة في تشابه مع الانتخابات الرئاسية، الناخب يختار مجموعة أشخاص من قائمات مختلفة ومن مميزاتها الشخص الذي ستنتخبه تذهب إليه مباشرة ويمكن أن تسحب منه الوكالة وهي من ضمن برنامج الرئيس".
ولفت الرئيس السابق للهيئة أن "الاقتراع على الأفراد له إيجابيات منها أن الدائرة الانتخابية أصغر من دائرة القائمات".
واستدرك المنصري قائلا: "في المقابل، هناك سلبيات في هذه العملية، تتمثل في إقصاء حضور المرأة، الناخبون يقومون باختيار رجال في أغلبهم وليس نساء والحال أن القانون الانتخابي الحالي يشترط التناصف وحضور المرأة في البرلمان".
وتابع موضحا: "هناك أيضا سلبية، وهي إقصاء الشباب، ومن له أموال ينجح ولكن غيره يفشل حتى لو كانت له الكفاءة".
وشدد التليلي المنصري على ضرورة إجراء دراسة معمقة على هذه العملية وحوار هادئ لمعرفة مدى قدرتها على التماشي مع المجتمع التونسي، محذرا من دعمها للقبلية والعروشية وهو أمر خطير، على حد تعبيره.
كما أقر الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بوجود صعوبة حقيقية في عملية الاقتراع على الأفراد موضحا أن الواقع الاجتماعي والاقتصادي سيتحكم في نسبة التسجيل والمشاركة، وأن عدم وجود حوار سيؤثر سلبا.
تباين
وقالت رئيسة المجلس الوطني لحزب "التكتل" الخبيرة الاقتصادية عفاف داود في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن "تصريحات الرئيس مواصلة وتأكيد لمسار الحكم الفردي، وهو تطبيق لبرنامجه السياسي متعللا باستشارة قانونية لا قيمة علمية لها، والأخطر من ذلك استباق نتائج الاستفتاء الذي أعلن عنه".
وحذرت عفاف داود من أن "الاقتراع على الأفراد سيفرز سلطة رئاسية متغولة وتشريعية ضعيفة، وسيتم إنتاج مشهد برلماني في تشتت أكثر من الحالي ولن يقدر على المبادرة التشريعية والرقابة والتعديل".
بدورها، قالت النائبة عن حركة النهضة يمينة الزغلامي في تصريح خاص لـ"عربي21": "منهجيا هل يمكن تغيير قانون انتخابي بمجرد تصريح للرئيس؟ بعد الثورة أي قانون يكون محل نقاش كبير من الجميع، انتقلنا من المنهج التشاركي إلى الرأي الواحد للفرد".
واعتبرت النائبة الزغلامي أن "عملية الاقتراع على الأفراد ستؤدي إلى حصيلة كارثية في النواب وسيتم نسف كل المعايير، صاحب نظافة اليد والكفاءة لا مكان له أمام صاحب النفوذ والمال الفاسد، مبدأ التناصف وبروز المرأة ينتهي وسنقول له وداعا مع هذا الاقتراع وهو أمر خطير".
في المقابل، يرى أمين عام حزب "التيار الشعبي" زهير حمدي أن "البلاد في حاجة اليوم إلى سلطة تنفيذية موحدة للخروج من النظام السياسي العاجز والفاشل الذي كان موجودا، نحن مع نظام رئاسي يضمن الحقوق والحريات".
وأكد حمدي، في تصريح لـ"عربي21" أن حزبه مع عملية الاقتراع على الأفراد، قائلا: "نعتقد أن ذلك سيرشد الحياة السياسية للخروج من التشتت والعجز، هذا النظام يعطي للناخب الحق في سحب الوكالة ونحن نسانده حتى قبل حديث الرئيس عنه".
وبخصوص تعديل الدستور أو كتابة جديد، قال زهير حمدي: "المسألة للنقاش، ولكن نحن بحاجة لإصلاحات عميقة في الدستور الحالي وبالتالي الأفضل دستور جديد".
هيئة الانتخابات
قال الرئيس سعيّد إن هيئة الانتخابات ستشرف على عملية الاقتراع ولكن بتركيبة جديدة دون إيضاح ذلك، وهو ما يذهب إليه الرئيس السابق للهيئة قائلا: "الرئيس لم يكن واضحا في ما يتعلق بتركيبتها هل المقصود من ذلك تجديد الأعضاء الذين انتهت مهمتهم من 2020 وعددهم ثلاثة أم تعويض من قدم استقالته أو تغيير التركيبة كاملة إذا كل الاحتمالات واردة".
اقرأ أيضا: سعيّد يبدأ مشاوراته.. وانتقادات للحوار المشروط في تونس؟
بينما لفتت الخبيرة عفاف داود إلى أن "طبيعة استقلالية الانتخابات ونزاهتها لا تحددها فقط طبيعة الهيئة ولكن أيضا تركيبتها، هو يتحدث عن تعديل لها مثل تركيبة المجلس الأعلى للقضاء وهو ما من شأنه المس من استقلالية الانتخابات، نحن أمام مواصلة لتفرد سعيد بالقرار".