هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تمتلك العديد من الشركات متعددة الجنسيات موطئ قدم لها في مدينة شنغهاي الصينية، ولكن في الأيام الأخيرة، توقف نبض المدينة، التي تمثل المركز المالي الصاخب عادة، بعد ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وفرض المسؤولون موجتين متتالتين من الإغلاق على سكان المدينة، الذين يزيد عددهم على 26 مليونا.
وفي تقرير لشبكة "بي بي سي" البريطانية، ذكرت أن هذه الإغلاق قد يكون مكلفا بشكل خاص لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وبالإضافة إلى كونها محورا رئيسيا للصناعة المالية، تعدّ شنغهاي مركزا للإلكترونيات وتصنيع السيارات، كما أنها تملك أكثر موانئ الشحن ازدحاما في العالم.
قال شو تيانشن، الخبير الاقتصادي الصيني في مركز "وحدة المعلومات الاقتصادية"، إن اضطرابات سلسلة التوريد قصيرة الأجل سيكون لها تأثير على اقتصاد الصين كله.
وأَضاف: "ستكون هناك أيضا تأثيرات مضاعفة في أماكن أخرى؛ بسبب الترابط بين شنغهاي ومناطق أخرى في الصين، لاسيما مركز التصنيع في "دلتا نهر يانغتسي".
وشهدت المدينة المعروفة بواجهات المحلات الراقية، مثل "غوشي" و"لويس فيتون"، انخفاضًا في الإنفاق الاستهلاكي على المستوى المحلي.
اقرأ أيضا: إغلاق شامل لأكبر المدن بالصين بعد تفشي وباء كورونا
وقد تكلف الأعمال الضائعة في تجار التجزئة والفنادق والمطاعم شنغهاي 3.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي السنوي، وفقا لتيانشن.
هدف زيادة النمو في الصين
وحددت الحكومة الصينية هدفا لنمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 5.5 بالمئة هذا العام. لكن بعض المحللين قالوا إنها ستكافح لتحقيق هذا الهدف.
في نهاية الأسبوع الماضي، أشارت البيانات إلى تباطؤ في شهر آذار/ مارس في قطاعي التصنيع والخدمات في الصين.
جاء ذلك بعد أن واجه خلال الشهر الماضي المركزان التكنولوجيان "تشنزن" و"جيلين" في شمال شرق الصين الصناعي أيضًا عمليات إغلاق، حتى يتمكن المسؤولون من إجراء اختبارات جماعية لفيروس كورونا، ومحاولة الحدّ من انتشار متغير "أوميكرون" القابل للانتشار بشكل سريع".
وقالت الخبيرة الاقتصادية الصينية بيكيان ليو لموقع "ناتويست ماركتس": "لقد رأينا بيانات مؤشر مديري المشتريات، التي تظهر أن كلا من قطاعي التصنيع والخدمات تضرر بشدة. وهذا لم يشمل إغلاق شنغهاي؛ لذلك أعتقد من الناحية النوعية أننا نشهد المزيد من الضغط السلبي للربعين الأول والثاني من بيانات الناتج المحلي الإجمالي".
وتلخّص بيانات مؤشر مديري المشتريات ظروف السوق، وتُجمع من خلال مسح كبار المديرين التنفيذيين في الصناعات الرئيسية حول توقعاتهم لعدد من العوامل، بما في ذلك الطلبات الجديدة والإنتاج والتوظيف.
ومع ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، قد تزداد المشاكل مستقبلا، إذا فرض المزيد من الإغلاق، لاسيما بالنسبة لأصحاب الأعمال الصغيرة.
وقالت ليو: "ينصب التركيز بشكل أكبر على كيفية استمرار العمل في حالة الإغلاق المطول أو الفترة الممتدة من عدم اليقين من الإغلاق بسبب تفشي المرض.
العيش في "الحلقة المغلقة"
في حين قررت بعض الشركات في شنغهاي الإقفال خلال فترة الإغلاق، طبقت شركات أخرى في صناعات مثل الخدمات المالية وتصنيع السيارات ما يسمى أنظمة "الحلقة المغلقة"، وفق ما قالت الخبيرة ليو.
اقرأ أيضا: إصابات قياسية بكورونا في شنغهاي.. وجرعة لقاح رابعة بأمريكا
وهذا يعني بشكل أساسي أنه يجب على الموظفين العيش والعمل في مكاتبهم أو مصانعهم.
وتابعت قائلة: "تخيل ما حدث في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية. لقد كانت أيضًا إدارة ذات حلقة مغلقة، فقط للتأكد من أن الأشياء داخل الفقاعة تعمل بشكل طبيعي عمليًا، وأنهم يعزلون الناس عن الخارج أو عن بقية الصين".
ومع ذلك، أشار الخبير شو تيانشن إلى أنها ليست استراتيجية يمكن أن تستمر على المدى الطويل.
وقال: "هناك قلق من أنه إذا طالت فترة تدابير الإغلاق وامتدت الاضطرابات في النقل إلى سلسلة التوريد، فلن تتمكن الشركات من توفير الإمدادات.
وأضاف: "لذلك، هي تؤثر على النقل البري. الخطر الواضح هو أن شنغهاي تفشل في القضاء على تفشي المرض الحالي بسرعة".
هل ستلتزم بكين بالخطة؟
حتى في الوقت الذي تفتح فيه معظم دول العالم الحدود وتخفف القيود، لا يزال من غير المرجح أن تبتعد الصين عن نهجها الصارم في ما يخصّ فيروس كورونا.
يقول تيانشن: "كانت السياسة العامة المتبعة مصدرا سياسيا للشرعية. غالبا ما تقارن المستويات المنخفضة من الإصابات والوفيات في الصين بالدول الأخرى في وسائل الإعلام المحلية. ونتيجة لذلك، لا يزال غالبية السكان داخل الصين يؤيدون سياسة الوصول إلى صفر حالات كوفيد، على الرغم من التكاليف الاقتصادية المتزايدة".
لكن الخبيرة ليو تعتقد أن هناك جانبا إيجابيا محتملا، حيث تعهدت بكين بدعم الاقتصاد لتحقيق هدفها الطموح في النمو.
وقالت: "كانت الحكومة متجاوبة عبر مجموعة من سياسات التيسير على كل من الجبهة المالية والنقدية".
وتابعت قائلة: "هناك أمل أن يؤدي ذلك إلى استقرار زخم النمو المحلي في هذا الوقت الحالي، وإلى ضمان تشغيل الصين لسلسلة التوريد بسلاسة، بهدف تقليل الانقطاع العالمي لسلسلة التوريد على هذا المدى القصير".