هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا، أشارت فيه إلى دور الطائرات المسيرة في الحرب الأوكرانية، الذي تنوع ما بين توثيق جرائم الحرب والاستخدام العسكري.
وأظهرت مقاطع لقيام طائرة مسيرة تابعة لأوكرانيا قيام الجنود الروس بإطلاق النار على مدني، بعد أن خرج من سيارته ويداه مرفوعتان، فيما لجأت وسائل إعلام غربية للمسيرات لتوثيق عمليات إجلاء اللاجئين وبما يجري على الأرض.
فيما أطلق جنود أوكرانيون النار على طائرة دون طيار أخرى يعتقد أنها تابعة لروسيا، تستخدم على الأكثر لتوجيه نيران المدفعية على المدنيين.
في وقت لاحق، في مدينة ماريوبول الأوكرانية المنكوبة، التقطت طائرة دون طيار تابعة للقوات الأوكرانية منظورا جويا عالي الدقة لضربة مباشرة على دبابة روسية، وبعد الوميض الأولي، ينقشع الدخان ليكشف عن جندي ميت، وآخر يزحف بعيدا عن الحطام.
وهذه اللقطات المأخوذة من الطائرات دون طيار جزء من العديد من المقاطع المماثلة التي تم جمعها بواسطة "المسيرات" في الحرب.
وعلى الرغم من أن أوكرانيا ليست أول حرب تندلع فيها على الأرض ويصل صداها وسائل التواصل الاجتماعي، أو أول صراع تلعب فيه طائرات دون طيار صغيرة ورخيصة دورا كبيرا، إلا أنه أول صراع يتم توثيقه بشكل شامل من السماء بواسطة هذه الطائرات التي يقودها الجنود على كلا الجانبين إلى المراسلين والمدنيين الفضوليين.
وأضافت المجلة أنه "فيما يظهر واضحا إبداع طياري الطائرات دون طيار الأوكرانيين ومهارتهم وشجاعتهم، لكن هناك أيضا قلق على سلامتهم، فالوضع القانوني لطياري الطائرات دون طيار، حتى المدنيين منهم، في منطقة الحرب غير مؤكد إلى حد كبير، ومحاولة تصوير ما يجري من بعد قد تعني المخاطرة بحياتهم".
اقرأ أيضا: FT: أداء "بيرقدار" بأوكرانيا يدفع تركيا لموازنة موقفها بالحرب
وبدأت الطائرات دون طيار الصغيرة بالظهور في ساحات القتال في جميع أنحاء العالم بعد فترة وجيزة من طرح الطائرة دون طيار الصينية رخيصة الصنع "DJI Phantom" في عام 2013.
ودخلت أوكرانيا أيضا في لعبة الطائرات الصغيرة دون طيار مبكرا، فبعد غزو روسيا لشبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس في عام 2014، بدأ خبراء الطائرات دون طيار الأوكرانيون (الذين بدأ الكثير منهم كبناة نماذج هواة) في العمل عن كثب مع القوات المسلحة في البلاد، وبناء طائراتهم دون طيار الخاصة بهم، وتجربة الطائرات دون طيار العسكرية والمنزلية وغير المكلفة في المناوشات الحدودية.
وفي حين اجتذبت طائرات "بيرقدار" المسلحة تركية الصنع قدرا كبيرا من اهتمام العالم، يبدو أن الكثير من اللقطات الجوية عالية الدقة القادمة من أوكرانيا يتم تصويرها بواسطة طائرات دون طيار رخيصة الثمن نسبيا، وأصغر بكثير من فئة المستهلكين، ومعظمها من صنع شركة DJI الصينية.
ولكن هناك أيضا استخدامات هجومية مباشرة، وقد تبنت وحدة "Aerorozvidka" مؤخرا استخدام طائرات دون طيار صغيرة لإيقاف تقدم الرتل الآلي الروسي الكبير، الذي يبلغ طوله 40 ميلا، خارج كييف، حيث قامت هذه الطائرات المجهزة بأجهزة استشعار حراري ليلي، وألقت القنابل خفيفة الوزن تجاه القافلة.
وينشر الجنود الأوكرانيون بانتظام مقاطع فيديو لطائرات دون طيار على "تليغرام" و"فيسبوك" و"تويتر"، بشكل يوضح للعالم كيف يستخدمون الطائرات لتحديد ضرباتهم المدفعية بشكل أفضل.
وتذكر المجلة أن أكبر مشكلة تواجه من يوجهون الطائرات دون طيار المستهلكين في منطقة القتال هي مشكلة التمييز، وهي واحدة من المبادئ الأساسية في القانون الإنساني الدولي.
ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، يجب على أطراف النزاع المسلح "التمييز في جميع الأوقات بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وبالتالي توجيه عملياتها فقط ضد الأهداف العسكرية".
وفيما تقوم الدول بتمييز طائراتها المقاتلة بالرموز وبإشارات الراديو وغيرها، فإن من الصعب للغاية تمييز الطائرات دون طيار من الجو.
بينما يمكن لطياري الطائرات دون طيار على الأرض التعريف عن أنفسهم عبر الراديو، لا يمكن للطائرة دون طيار نفسها الاستجابة لمطالب مماثلة إذا اكتشفها شخص ما.
اقرأ أيضا: تقرير: أوكرانيا تحول "الدرونز" المدنية إلى أسلحة ضد روسيا
وعلى الرغم من تطوير العديد من معايير وتقنيات تحديد الهوية عن بعد حول العالم للمساعدة في دمج الطائرات الصغيرة دون طيار في أنظمة التحكم في الحركة الجوية العادية، إلا أنها لا تزال قيد التطوير.
وتعني هذه الصعوبات التقنية أن الطائرات دون طيار للمستهلكين لها وضع غير مؤكد بشكل واضح بموجب القانون الدولي الإنساني، وقد لا يكون مستخدمو الطائرات دون طيار من المدنيين، مثل الصحفيين والمواطنين الفضوليين، على دراية بالآثار المترتبة على أفعالهم.
وفي أحد مقاطع الفيديو من أوكرانيا، صوّر مراسل دولي نفسه وهو يقود طائرة دون طيار لمراقبة مواقع القوات الروسية، بينما سمح للجنود الأوكرانيين بالتجمع حول شاشة العرض.
وأضافت المجلة أن ذلك يفقده وضعه المدني، ويصبح هدفا صالحا للهجوم بموجب القانون الإنساني الدولي، حيث يمكن القول إنه يشارك معلومات استخباراتية مع جانب واحد.
وأكدت أن أوكرانيا أثبتت أن العالم يحتاج إلى معايير وإرشادات واضحة لاستخدام الطائرات دون طيار للمستهلكين بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي.
وقالت إنه بعد أن بدأ تنظيم الدولة وغيره في تسليح الطائرات الاستهلاكية دون طيار في السنوات التي تلت عام 2013، أطلقت الحكومات والجيوش والصناعات الخاصة اندفاعا عالميا محموما للبحث والاستثمار في تقنيات مكافحة الطائرات دون طيار، وهو اندفاع كانت روسيا، في جزء كبير منه بسبب تورطها في سوريا، جزءا كبيرا منه.
ولم يتم تصميم الطائرات دون طيار الاستهلاكية مثل منتجات DJI بشكل صريح للاستخدام العسكري، حيث تسارع الشركة إلى تذكير المستخدمين بأنها ليست آمنة.
وأظهر قراصنة الإنترنت مرارا وتكرارا قدرتهم على السيطرة على الطائرات الصغيرة دون طيار، والوصول إلى المعلومات التي يجمعونها ويرسلونها إلى وحدات التحكم.
وتتواصل الطائرات دون طيار مع وحدات التحكم الخاصة بها على الأرض باستخدام إشارات لاسلكية يسهل اكتشافها نسبيا، والتي تستخدمها بعض التقنيات الحديثة المضادة للطائرات دون طيار لتحديد موقع كل من الطائرة دون طيار والطيار.
وتقوم الشركات، مثل "DJI" التي تصنع الطائرات، بتشفير تردداتها لمنع العثور على طياريها، لكنها أيضا تصنع منتجات متوافقة مع طائراتها يمكن ببعض الجهد جعلها "باحثات" عن ترددات الطائرات.
وتحتوي طائرات هذه الشركة على إشارات يمكن لأجهزة Aeroscope المثبتة فيها معرفة مكان الطيار والطائرة بدقة.
وخلال ذروة الصراع مع تنظيم الدولة في سوريا في عامي 2015 و2016 ، وضعت شركة DJI بهدوء سياجًا جغرافيًا على منتجاتها في تلك المنطقة.
وتذكر المجلة إن العديد من المراقبين يتساءلون عما إذا كانت DJI ستضع سياجا جغرافيا لمنتجاتها في روسيا أو أوكرانيا.
اقرأ أيضا: صحيفة روسية: دبلوماسية السلاح التركية تمتد لدول البلطيق
وفي حين أخبرت DJI المسؤول الأوكراني أنها ستكون على استعداد لترتيب سياج جغرافي شامل فوق أوكرانيا بناء على طلب رسمي، أكدت الشركة أن السياج "سينطبق على جميع طائرات DJI دون طيار في أوكرانيا"، وليس فقط تلك التي تطير بها القوات الروسية.
وعلى الرغم من ادعاء شركة DJI علنا بأن الحكومة الصينية ليس لديها مدخلات في قراراتها، إلا أن هناك أدلة على أن هذا ليس هو الحال.
وقالت المجلة أن أوكرانيا أثبتت أن الطائرات الصغيرة دون طيار هي أداة مفيدة للغاية لجميع الجهات الفاعلة في مناطق الحرب الحديثة، و"ستكون معنا لفترة طويلة قادمة".
ويمكن للطيارين اتخاذ بعض الإجراءات لحماية أنفسهم (مثل التأكد من أن الأجهزة المحمولة التي تتصل بالطائرة دون طيار في وضع الطائرة دائمًا) لكنهم بحاجة إلى معرفة وجود هذه الإجراءات.
ويقع على عاتق المجتمع الدولي الآن مسؤولية التأكد من أن الأشخاص الذين يستخدمونها في أوقات الحرب -مدنيين ومقاتلين- يفهمون تماما المخاطر التي يتعرضون لها باستخدامهم.