هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط مارتن شولوف، قال فيه إن أسعار النفط والتوترات الدبلوماسية أوصلت علاقات الولايات المتحدة مع حليفين كبيرين لها في الشرق الأوسط إلى مستويات متدنية.
وقال الكاتب إن الرئيس الأمريكي جو بايدن تحرك لإخراج كميات من احتياطي النفط الأمريكي لمواجهة زيادة أسعار النفط، التي تسببت بها الحرب الروسية في أوكرانيا، إلا أن السعودية والإمارات احكمتا إغلاق خزانات النفط.
ولا يزال البلدان يرفضان مطالب الرئيس بايدن في وقت زادت فيه الأسعار، حيث كانا واضحين في رفضهما للمطالب الأمريكية. وقال شولوف إن الحرب التي مضى عليها خمسة أسابيع زادت من التوترات في أنحاء مختلفة من العالم، وليس أوضح منها في نظام إقليمي مثل الشرق الأوسط حيث بات أكبر حليفين في المنطقة يتساءلان عن معنى وأساس التعاون مع الولايات المتحدة.
وقال الكاتب إن رفض السعودية والإمارات مساعدة بايدن أو حتى الحديث معه دفعت العلاقة بين دول الخليج وواشنطن إلى أدنى مستوى.
وأشارت الصحيفة إلى أن التدفق غير العادي للأثرياء الروس إلى دبي في وقت فرضت فيه الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات على روسيا وفلاديمير بوتين والفئة القريبة منه، زاد في اشتعال الأزمة.
ويضاف إلى هذا المفاوضات المتعثرة بين واشنطن وطهران، والتي قد تؤدي إلى تخفيف العقوبات عن إيران مقابل العودة إلى اتفاقية باراك أوباما مع إيران التي حدت من النشاطات النفطية مقابل تخفيف العقوبات. ومن المحتمل أن يغير الاتفاق لو حدث المعادلة الجيوسياسية في المنطقة.
وعادة ما يظهر المسؤولون في أبو ظبي والرياض غموضا ويتعاملون بطريقة مبهمة، إلا أنهم أظهروا في الأسابيع الأخيرة، فظاظة مع الزوار الأجانب حول طبيعة التظلمات ومدى استعدادهم لأخذها إلى مستويات أخرى.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي قوله إن دبلوماسيا سعوديا أخبره بأن "هذا هو نهاية الطريق بيننا وبين بايدن وربما الولايات المتحدة".
وعبر المعلقون السعوديون والإماراتيون عن مشاعر مشابهة. واختار مدير التحرير في قناة العربية محمد يحيى منبرا غير معهود وهي صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية للتعبير عن رأيه بالمواجهة.
وكتب قائلا: "العلاقات السعودية-الأمريكية تعيش أزمة. إنني منزعج لعدم واقعية النقاش الأمريكي بشأن الموضوع، والذي يفشل في الاعتراف بخطورة وعمق الصدع".
وأضاف أن "هناك حاجة لنقاش أكثر واقعية ويجب أن يركز على كلمة واحدة: الطلاق. فعندما تفاوض باراك أوباما على الصفقة النووية مع إيران، فقد فهمنا، نحن السعوديين، أنه يحاول تحطيم العلاقة التي مضى عليها 70 عاما. ولماذا لا؟ وبعد كل هذا، فالعيوب في الاتفاقية كانت معروفة، تعبد الطريق نحو القنبلة النووية، وتملأ خزينة الحرب للحرس الثوري الإيراني الذي ينشر المليشيات في كل أنحاء العالم العربي والمسلحة بالمقذوفات الدقيقة لتشويه وقتل الناس الذين تطلعوا في الماضي إلى الولايات المتحدة كي توفر الحماية لهم".
وتساءل قائلا: "لماذا يجب على حلفاء أمريكا الإقليميين مساعدة واشنطن على احتواء روسيا في أوروبا، في وقت تقوي فيه واشنطن روسيا وإيران في الشرق الأوسط؟".
وقارن يحيى مطالب واشنطن مع دبلوماسية بكين التي لا تخضع لأي قيود، قائلا: "في الوقت الذي تعاني فيه السياسة الأمريكية من تناقضات مثيرة للدهشة، فإن السياسة الصينية بسيطة وواضحة، وتقدم بكين للرياض عرضا بسيطا: بيعونا النفط واختاروا أي نوع من السلاح الذين تريدونه، مقابل مساعدتنا على تحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة".
وتابع: "بعبارات أخرى، يقدم لنا الصينيون ما يبدو وبشكل متزايد نموذجا قامت عليه العلاقات الأمريكية-السعودية التي حققت الاستقرار في الشرق الأوسط خلال الـ70 عاما الماضية".
وزار منسق الشرق الأوسط في البيت الأبيض، بريت ماكغيرك، الرياض عدة مرات في الأشهر الأخيرة في محاولة لتعديل العلاقات التي توترت مباشرة بعد دخول بايدن البيت الأبيض، والذي رفض التحدث مباشرة مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. وأدى الموقف إلى تحديد نبرة المواجهة التي تبعت.
ولا يزال ولي العهد السعودي ونظيره في أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد قلقين من تصميم الإدارة على عقد صفقة مع إيران، والتي تعطيها حزمة إنقاذ شاملة من العقوبات مقابل التخلي عن القدرات النووية التي بنتها.
وزاد من غضب السعودية ما تراه عدم دعمها في الحملة العسكرية في اليمن. وكذا نهجها، إذ ترى السعودية والإمارات أن واشنطن مستعدة للتخلي عن حلفائها.
وفضل البلدان الدبلوماسية التعاقدية العارية التي تبنتها إدارة دونالد ترامب، حيث تتطلع الرياض وبكين إلى علاقة مشابهة مع بكين وإقامة علاقات تجارية وطاقة وحتى علاقات أمنية.
ووصف المحلل الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، العلاقات مع أمريكا بأنها "الأسوأ منذ 50 عاما".
وفي مقال بصحيفة "النهار" اللبنانية، قال إن "العلاقات الإماراتية مع الشريك الأمريكي هي على المحك ومفترق طرق. ومن المؤكد أن حل سوء الفهم يقع على عاتق إدارة بايدن، والتي تواجه خسارة حليف إقليمي واثق من نفسه بشكل متزايد ولديه حضور إقليمي ودولي".
وقال إن "الإمارات استثمرت كثيرا في العلاقات مع واشنطن. خصصنا جزء كبيرا من صندوقنا السيادي الضخم للأسواق الأمريكية واستثنينا الآسيوية والأوروبية ونريد زيادة التجارة مع واشنطن".
اقرأ أيضا: الرياض وأبوظبي: لا يمكن تسييس "أوبك+" والهدف تهدئة الأسواق
وقال عبد الله إن الإمارات شعرت بالتجاهل عندما رفضت إدارة بايدن توقيع صفقة جديدة تضم مقاتلات أف-35، وشعرت بالغضب لتجاهل بايدن لها بعد هجمات الحوثيين على دبي.
وأضاف أن ما زاد من سوء الأوضاع هو "اعتراض إدارة بايدن على قرار سيادي إماراتي باستقبال بشار الأسد وممارسة الضغوط على أبوظبي لزيادة معدلات إنتاج النفط خارج إطار اتفاق أوبك. كل هذا يأتي في وقت لم تعد فيه الولايات المتحدة القوة العظمى في العالم ما دفع الإمارات وبقية الدول الأخرى لتنويع الشركاء".