هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استنكر النائب الأول للرئيس المشترك لمجلس مفتي روسيا، ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي القسم الآسيوي في روسيا، فوزي سيدو، ما وصفه بتضخيم التصريحات الأخيرة التي أدلى بها "مجلس الإفتاء الروسي لمسلمي روسيا"، والتي بررت العملية العسكرية في أوكرانيا بزعم أنها "تستند إلى أحكام القرآن".
وقال: "هذا المجلس هو مجرد منظمة دينية، لا تمثل جميع مفتي روسيا، بالتالي فهو لا يُعبّر بأي حال من الأحوال عن عموم مسلمي روسيا، وما يصرّح به قد لا يمت للدين بصلة، وهم يساهمون في تشويه الإسلام وتعاليمه، بل إن الأمر وصل إلى وجود مَن يدعمون الاحتلال الإسرائيلي على الملأ".
وأضاف سيدو، في مقابلة مع "عربي21": "هذه المعركة ليست معركتنا، ولا يجب لنا الانخراط فيها، ودعوهم يفعلوا ببعضهم ما يشاؤون؛ فهم أهل السياسة، وهم مَن وضعوا البنود والاتفاقات، ويفعلون كل شيء ويتحملون عواقبه؛ فلماذا علينا نحن رجال الدين أن ندفع الثمن بدفع أنفسنا وغيرنا إلى شيء لا ناقة لنا فيه ولا جمل؟".
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
رئيس المركز الثقافي الروسي العربي، مسلم شعيتو، وصف، في مقابلة سابقة مع "عربي21"، الحرب الجارية بأنها "صراع بين الحق والباطل"، مؤكدا أن العملية العسكرية الروسية لها بُعد ديني وأخلاقي.. فهل تعتقد أن هناك استغلالا للدين بشكل أو بآخر في تلك الحرب؟
تعقيبي على مثل هذا الكلام، ومع كامل احترامي لشخص القائل، إنه لدينا بدل المركز الواحد مراكز كثيرة تحمل هذا الاسم الجميل، وبالاختصاص ذاته تقريبا، وحبذا لو يظل السيد شعيتو ضمن اختصاصه الثقافي دون أن يظهر محاميا ومفتشا وقاضيا عن الحق والباطل؛ فينبغي ألا يتحدث في المجال الديني الذي هو ليس من اختصاصه.
مجلس الإفتاء الروسي لمسلمي روسيا برر العملية العسكرية، وقال إنه "يستند إلى أحكام القرآن"، لكن البعض انتقد تلك التصريحات قائلين إن "شيوخ السلطان موجودون بلغات ولهجات وألوان مختلفة".. ما ردكم؟
دعوني أوضح لكم أمرا في غاية الأهمية؛ فلا تغريكم مثل هذه الأسماء الرنانة؛ فما يُسمى بمجلس الإفتاء الروسي لمسلمي روسيا هو مجرد منظمة دينية مركزية باسم جميل، لا تمثل جميع مفتي روسيا، بالتالي فهو لا يُعبّر بأي حال من الأحوال عن عموم مسلمي روسيا.
كل هذه عبارة عن منظمات موجودة ولكنها واحدة من مئات، بل وتوجد جهات تقوم بفتح بعض المنظمات على الورق، ثم يختلط الحابل بالنابل، ولا يفرق الناس بين الغَثّ والسمين بينها.
ما يصرّح به مثل هؤلاء قد لا يمت للدين بصلة، ومعظمهم في حالة تنافس دائم فيما بينهم، ويسابقون بعضهم البعض من أجل الحصول على اعتراف من الحكومة ومن خارج روسيا، ومن بينهم من يتهمون بالفساد وسرقة أموال بناء المساجد والمشاريع المختلفة.
وللأسف فإن مثل هؤلاء يساهمون -بشكل أو بآخر- في تشويه الإسلام وتعاليمه، بل وصل الأمر إلى وجود مَن نطلق عليهم "مفتين صهاينة" في روسيا؛ لأنهم يدعمون الاحتلال الإسرائيلي على الملأ، فضلا عن متاجرة بعضهم بالإسلام والمسلمين وبالقضية المقدسية لينالوا محبة المسلمين، خاصة أن أهدافهم تتمثل في "جمع المال"، و"التوسع لأجل السلطة"، و"الشهرة والنجومية".
وإذا كان أحدهم منزعجا من تصريحاتي، وكلمة الحق، فأنا أستطيع أن أترك موقعي الإداري لأول راغب فيه.
وبالتالي، فكيف يمكننا التأكد من شخصية المفتي؟ وإذا كان كل ما يحدث من تسميات هي "مجرد ألقاب" كما ذكرتم، فهل هذا الكلام ينسحب عليكم أيضا؟
بداية، أود أن يعرف مسلمو العالم طريقة البناء الهرمي للمنظمات في روسيا، وأن يساهموا معنا في رفع راية الإسلام، ونصرة الحق، ووصول المساهمات لأكبر شريحة ممكنة. في منظمتنا، على سبيل المثال، هناك عدد من المنظمات المسجلة أصولا في وزارة العدل الروسية، وباقي الجهات الرسمية الأخرى.
وإذا كان هناك مسجد، فهذا دليل واضح على وجود المنظمة، وأنها لا غبار عليها، وإذا لم يكن هناك مسجد فهذا يخصم من رصيد المنظمات التي يقوم الجاد منها بنشاطات كالحصول على رخص البناء، والمجالس، ودروس العلم لتقوية إيمان المسلمين في المدينة، وكل هذا يجب أن يكون موثقا ورسميا، ويكون واضحا للجميع.
والأئمة يَنتخبون المفتي الذي هو في الحقيقة يترأس مجموعة من المنظمات في روسيا، وليس شرطا له للأسف، ولا للإمام، أن يكون عنده علم يخوله لذلك، بقدر الإمكانيات الإدارية والرغبة ببناء المساجد والحفاظ عليها.
وقوة المنظمة الفيدرالية تأتي من قرب رئيسها أو ما يسمى مفتيها من الحكومة، ومن عدد المنظمات، ومن اتفاقات المنظمة مع الحكومة، ومن الدعم المادي والمعنوي والإعلامي الذي تحصل عليه، ولكن كما قلت فإن رأي المفتي العام قد لا يُعبّر عن رأي الأئمة الذين يدخلون في منظمته أو مفتي المناطق والمحافظات.
وحتى لا يظن القارئ أن مفتي المناطق لديهم منظمات أقل من المفتين الفيدراليين؛ ففي روسيا مناطق فيها من المنظمات أضعاف ما عند المفتي الفيدرالي الواحد، أو كما يحبون أن يسموا أنفسهم "مفتي روسيا".
ما رأيكم بزجّ كل طرف من أطراف الخلاف بالمسلمين في هذه المعركة؟
لقد وضعتم يدكم على الجرح. في روسيا، كدولة علمانية، الدين مفصول عن الدولة والسياسة، والآن حان لنا الوقت لتحقيق وتفعيل هذا البند، ورئيس أوكرانيا ليس الملاك المجنح، ولا المهدي المنتظر، بل إنه يطلب العون من الغرب والدول الإسلامية في الشرق ومن الإسرائيليين أيضا في الوقت ذاته.
بينما هذه المعركة ليست معركتنا، ولا يجب لنا الانخراط فيها، ودعوهم يفعلون ببعضهم ما يشاؤون؛ فهم أهل السياسة، وهم مَن وضعوا البنود والاتفاقات، ويفعلون كل شيء ويتحملون عواقبه؛ فلماذا علينا نحن رجال الدين أن ندفع الثمن بدفع أنفسنا وغيرنا إلى شيء نحن لا علاقة لنا به ولا ناقة لنا فيه ولا جمل؟
كيف تنظرون إلى الأنباء المتداولة بشأن تدمير بعض المساجد خلال العملية العسكرية؟
أنا شخصيا أعلم ما معنى كلمة بناء مسجد، ومدى صعوبة هذه المسألة في روسيا تحديدا؛ والصعوبات الكبيرة التي تواجه دعم وتمويل بناء المساجد، وكلمة "لوجه الله" أصبحت حمّالة أوجه.. لذلك أي مسجد يتضرر سيصاحبه سيناريو فظيع من إصلاح وتغيير إدارات وتحديات مختلفة، بالتالي فنحن نرفض هدم أو تدمير المساجد في أي مكان، بغض النظر عن هوية مَن يقوم بذلك.
كيف تنظرون إلى العقوبات الغربية التي تم فرضها ضد روسيا؟
من الواضح أن الغرب كان جاهزا لكل هذا قبل اندلاع الحرب، وهو مَن دفع بأوكرانيا ثم تخلى عنها لاحقا بلا شك، ولكن هذه العقوبات لن تطال الحكومة كثيرا ولكن الشعب الروسي للأسف هو الذي يدفع الثمن الآن.