سارع زعيم
الانفصاليين الجنوبيين في
اليمن، عيدروس
الزبيدي، المدعوم من دولة الإمارات، نحو روسيا، طلبا لدعم قضية انفصال جنوب البلاد عن شماله، بعد ساعات من بدء العمليات العسكرية لقواتها في أوكرانيا، في موقف أثار أسئلة عدة حول دلالاته.
ومساء أمس الخميس، ذكر الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تشكل بدعم من الإمارات أواسط العام 2017، أن رئيسه، الزبيدي، بحث مع القائم بأعمال السفارة الروسية لدى اليمن يفغيني كودروف، مستجدات الأوضاع العسكرية والسياسية والاقتصادية في البلاد.
وأضاف أن الزبيدي شدد على أهمية دعم جهود إحلال السلام وإيقاف الحرب والدخول في عملية سياسية شاملة، تعكس واقع الأطراف على الأرض والقضايا الوطنية وفي مقدمتها قضية شعب الجنوب.
كما استعرض رئيس المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي، العلاقات التاريخية بين الجنوب (
جنوب اليمن) وروسيا الاتحادية، وسُبل تطويرها وتعزيزها.
"رسائل تشويش"
وتعليقا على هذا الأمر، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي؛ إن الاتصال المرئي بين عيدروس الزبيدي والقائم بالأعمال الروسي، يأتي في سياق خلط الأوراق والرسائل المشوشة التي يحاول المجلس الانتقالي تصديرها، لإثبات أنه لايزال على قيد الحياة، وأنه بالفعل يقف على رأس مشروع سياسي جنوبي مجموع عليه.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"، أن اختيار هذا التوقيت لإجراء الاتصال الذي افتقد لأجندة واضحة ومتفق عليها من جانب الطرفين، أراد من خلاله الزبيدي استحضار التشابه بين حاجة إقليم دونباس ذي الأغلبية الروسية للانفصال عن أوكرانيا، وبين انفصال جنوب اليمن عن شماله، الذي يرفع شعاره منذ سنوات.
وتابع الكاتب اليمني: "لكن الزبيدي، نسي أن التدخل الروسي الذي قد ينتهي باحتلال أوكرانيا، يتجاوز مسألة دعم المشاريع الانفصالية إلى الدمج القسري لدولة ذات سيادة في إطار مشروع الهيمنة الروسي".
وبحسب التميمي، فإن ذلك مؤشر كاف على أن روسيا تقدم بعدوانها على أوكرانيا نموذجا للإلحاق والضم بواسطة القوة، وهو نموذج يتناقض مع دعاوى المجلس الانتقالي التي لا تستند إلى أي أساس للانفصال.
كما اعتبر الموقف الأخير، من زعيم انفصاليي جنوب اليمن المدعوم إماراتيا، أن يظهر هذا المجلس داعما متحمسا لمشروع الهيمنة الروسي.
وأشار السياسي اليمني إلى أن القائم بالأعمال الروسي، بقي ملتزما باحترام وحدة اليمن، وهو يتخاطب مع شخص يسعى إلى تكريس نفسه كطرف محتمل في الصراع الدائر على الساحة اليمنية.
"تخبط ومشكلة"
من جانبه، قال رئيس تجمع القوى المدنية في جنوب اليمن، عبدالكريم السعدي؛ إن موقف رئيس المجلس الانتقالي، يأتي ضمن حالة التخبط التي يعيشها، والتي لن تفض إلى أي شيء.
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن الزبيدي وبعض قيادة المجلس، يتسابقون في معركة واحدة فقط، سببت لهم إشكاليات كبيرة وتخبطا واسعا، بات جليا، في تحركاتهم الداخلية والخارجية.
وأضاف رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية، أن تصريح الزبيدي لا يختلف كثيرا عن تصريح نائبه، هاني بن بريك، المقيم في أبوظبي، في العامين الماضيين، عن التطبيع مع إسرائيل.
وفي آب/أغسطس 2020، أعلن هاني بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نيته زيارة إسرائيل، بشرط توقيع اتفاقية التطبيع بين أبوظبي و"تل أبيب".
وقال ابن بريك عبر موقع "تويتر": "إذا فُتحت زيارة الجنوبيين (اليمنيين) إلى تل أبيب، فسأزور اليهود الجنوبيين في بيوتهم". ودعا إلى "السلام والتسامح والتعايش وقبول الآخر"، في إشارة منه إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.
فيما أوضح السياسي السعدي أن مواقف الزبيدي، غير مستغربة، فالرجل يتصرف وكأنه رئيس، وهي مشكلة زرعت في دماغه، ولذلك يتصرف بهذه الصورة.
ولفت إلى أن هذا الموقف، نتاج طبيعي للتخبط الذي يعيشه المجلس الانتقالي، والصراع الداخلي الذي يعصف به، لاسيما، بعد خروج عدد من القيادات من هذا المجلس، مشيرا إلى أن هذه الحقائق، تدفع بالزبيدي للهروب إلى الإمام، بفعل غياب الهدف والرؤية لديه، إضافة إلى المشاكل الداخلية التي تنخر المجلس الذي يترأسه.
وبحسب السياسي اليمني، فإن هذا الموقف من الزبيدي، لن يخدم مكونه، مشددا على أن قضية الجنوب التي يرفعها، لا علاقة للمجلس الانتقالي، وما يمارسه، فهو كيان شكل ليحمل مشروع دولة الإمارات، ضمن حربها ضد الجماعات الإسلامية أو ما يسمى "الإخوان المسلمين".
ومع كل حدث إقليمي ودولي، يبدأ الانفصاليون الجنوبيون المدعومون من حكومة أبوظبي، بالعزف على وتر ذلك الحدث، أملا في حصد الدعم لتحقيق مشروع الانفصال عن شمال اليمن، وفق مراقبين
ويسيطر المجلس الانتقالي الذي يرفع شعار الانفصال على مدينة عدن، جنوبا، منذ آب/أغسطس 2019، وكذلك، على أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي قبالة خليج عدن، بدعم وتمويل إماراتي للمليشيات المسلحة التي شكلتها وسلحتها، منذ تدخلها ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في العام 2015، ضد انقلاب الحوثيين على السلطة اليمنية الشرعية.