عاد اسم المعارض الأردني
ليث شبيلات إلى الواجهة في الآونة الأخيرة، بعد أن طلب تفويضاً من الأردنيين لمحاكمة الملك عبدالله الثاني على ما ورد في وثائق
باندورا الشهيرة، التي كشفت في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي عن عدد من أملاكه خارج البلاد.
شبيلات وجّه في الأشهر الأخيرة رسائل في عدة اتجاهات، فقد هاجم جماعة الإخوان المسلمين، مطالباً "شبابها" بالتمرد على قياداتهم "الفاسدة والجبانة"، حسب وصفه، ووصف مجلس النواب بـ"التفاهة" داعياً رئيس البرلمان عبدالكريم الدغمي إلى السعي لحجب الشرعية عن "رأس النظام"، قائلاً له: "افعلها وأنا أقبّل يدك".
ووصلت رسائل شبيلات إلى رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، متهماً إياه بـ"انعدام الأمانة" في نقل الأحداث التاريخية التي سردها في مذكراته الصادرة مؤخراً، مطالباً إياه ورئيسي الوزراء الأسبقين أحمد عبيدات وعبدالرؤوف الروابدة بالعمل على إنقاذ الأردن من الفساد، واسترداد أملاك الأردنيين.
واتهم الأحزاب والنقابات، وشيوخ العشائر، وعامة فئات المجتمع، بالنكوص عن "النضال" في سبيل استعادة أموال الشعب الأردني المنهوبة، قائلاً إنها "معارض حتى لمن يوصفون بالمعارضة".
والجمعة الماضية، عاد شبيلات إلى الأردن من تركيا لمتابعة مطالبته بإعادة أموال الأردنيين، داعياً الشعب الأردني إلى تفويضه عبر هاشتاغي #فوضناك و#ليث شبيلات يمثلني، كي يتمكن من محاكمة سارقي الأموال، وتأسيس صندوق سيادي لتوزيع هذه الأموال بعد تحصيلها، يشرف عليه شخصياً.
وقال في أحد مقاطع الفيديو التي نشط في إصدارها خلال الفترة الأخيرة، إنه لا يطلب نزول الأردنيين إلى الشارع، داعياً إلى ما أسماه "النضال الإلكتروني؛ لأنه يبعد الناس عن الدماء والفوضى والتخريب، وهو ما تستغله الدولة العميقة لضرب أي حراك؛ بحجة الحفاظ على الأمن والأمان".
ولم تلق مبادرة شبيلات تفاعلاً من زعماء الأحزاب والنقابات الأردنية، بينما أيدتها شخصيات محسوبة على
المعارضة، كالوزير الأسبق أمجد هزاع المجالي، والنائب الأسبق أحمد عويدي العبادي، ونشطاء معارضون في الخارج، كعلاء الفزاع، ومصطفى شومان الذي دعا شبيلات لوضع خطة طريق للوصول إلى "العصيان المدني".
وبالتزامن مع هجوم شنه عدد من الكتّاب على شبيلات، وجّه رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي رسالة إليه تداولتها وسائل إعلام محلية، مما جاء فيها: "إننا نقف على ضفتين متقابلتين (...) وإن الحالمين هدموا بنيان الأمة، وشردوا شعوبها، وحطموا مؤسساتها".
وأضاف الدغمي: "سأبقى كما عهدني الأردنيون، أردني الهوى والهوية والضمير، ومخلصا للوطن والعرش".
الحراك الموحد يدعم
بدوره، قال الناشط في الحراك الأردني الموحد (معارض) علاء ملكاوي، إن الحراك يدعم أي فكرة يطرحها أي أردني، طالما أنها تخدم مصلحة المواطنين وحقوقهم.
وأضاف لـ"عربي21" أن "شعار الحراك هو استرداد الدولة سلطة وموارد، وهذا يلتقي مع ما طرحه شبيلات من الدعوة إلى استعادة أموال الأردنيين"، لافتاً إلى أن الحراك الموحد سيستثمر هذه المبادرة، وسيدعمها من خلال شرح وسم "فوضناك" عبر منصات التواصل الاجتماعي، "فهي إنْ لم تنفعنا لن تضرنا".
وأوضح ملكاوي أن هناك تفاعلاً جيداً من قبل الشارع مع مبادرة شبيلات، مستدركا بالقول: "لا ننكر أننا نواجه قوى شد عكسي؛ للتقليل من حجم الحدث".
ووصف الناشط السياسي المبادرة بأنها "خطوه أولى؛ سيُبنى عليها في حال نجاحها".
دور معارضين بالخارج
وفي حين يرى مراقبون أن دوافع شبيلات لإطلاق مبادرته "ذاتية"، انطلاقاً مما يصفونه بـ"نرجسيته التي تدفعه إلى تكرار التجارب وعدم مراكمة أي خبرات"؛ رجّح مدير عام مركز الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية، عمر الرداد، أن يكون لمن يُسمون "معارضة الخارج" دور في حراك شبيلات الأخير.
وقال الرداد لـ"عربي21" إن شبيلات يسعى لانتهاز الفرصة مع من أسماهم "جماعات البث المباشر" المعارِضة من خارج الأردن، "التي تبني محتوى رسالتها التحريضية على تقديرات غير منطقية بأن الرأي العام الأردني مهيأ لهكذا دعوات".
ورأى أن الرأي العام في الأردن غير معني بأي دعوات تحريضية، "في ظل مستويات ثقة متدنية بالموالاة والمعارضة معا".
وأضاف الرداد أن "شبيلات، الذي يعاني من الناحية الصحية، يريد أن يسجل موقفا بعد عودته المفاجئة من تركيا، وفقا لمقاربة (اللهم اشهد أني حاولت)".
واستبعد أن تقدِم السلطات الأردنية على اعتقال شبيلات، متوقعاً عدم نجاح مبادرته لثلاثة عوامل؛ "الأول أن التفويض الذي طلبه من الشعب غير واضح المعالم، وبلا مشروع سياسي، ما جعل مطلبه محط شكوك لدى المعارضة بأطيافها المختلفة، خصوصا أنه غير معزول عن حملة تستهدف الأردن، تشترك فيها قوى إقليمية ودولية.
شبيلات و"الإخوان"
وأضاف الرداد أن العامل الثاني هو "استعداء شبيلات لجميع القوى السياسية، وعلى رأسها جماعة الإخوان، والثالث أنه لا ينتمي لتنظيم يمكن أن يحشد لدعوته".
وتتجنب جماعة الإخوان المسلمين إصدار أي رد أو تعقيب على مبادرة شبيلات، أو هجومه المتكرر على الجماعة.
ورأى مصدر مقرَّب من الجماعة، أن شبيلات يحاول أن يظهر "الإخوان" كأنها جماعة منقسمة، وأن قيادتها منفصلة عن كوادرها، لكن ذلك غير صحيح.
وقال المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"عربي21"، إن جماعة الإخوان تتعرض للتضييق والمنع والاعتقال من قبل السلطة الحاكمة، فهل يكافئها شبيلات بالتطاول عليها، ووصفها بأنها مطية لهذه السلطة.
وتساءل: "إذا كان شبيلات يهاجم جماعة الإخوان والأحزاب والنقابات، وينتقد الحراك، ويعيب عليه خروجه إلى الشارع؛ فمع من سيعمل لتنفيذ مبادرته على أرض الواقع؟".
وقبل نحو خمسة أشهر، كشفت وثائق سرية مسربة أن ملك الأردن يمتلك "سراً" حوالي 15 منزلاً في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، منذ أن تولى السلطة عام 1999.
وأفرد موقع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين تقريرا موسعا للنظر في الوثائق المتعلقة بالعاهل الأردني، من بين 11.9 مليون وثيقة، أعلن الاتحاد عن تسريبها، مطلقا عليها اسم "باندورا"، ووصفها بأنها أكبر عملية فضح للأسرار المالية حول العالم.
وذكرت الوثائق أن الملك عبدالله أسس شبكة من الشركات الخارجية (أوفشور) استخدمها في تكوين ثروات عقارية تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار في الفترة من 2003 إلى 2017.
وحينها، رد الديوان الملكي على وثائق باندورا، بأن بعضها "احتوى على معلومات غير دقيقة، وتم توظيف بعض آخر من المعلومات بشكل مغلوط، شوه الحقيقة، وقدم مبالغات وتفسيرات غير صحيحة لها".
وأضاف الديوان في بيان، أن الملك "يمتلك عددا من الشقق والبيوت في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، وهذا ليس بأمر جديد أو مخفي، ويستخدم جلالته بعض هذه الشقق في أثناء زياراته الرسمية، ويلتقي الضيوف الرسميين فيها، كما يستخدم وأفراد أسرته البعض الآخر في الزيارات الخاصة".
وتجدر الإشارة إلى أن مراسل "عربي21" حاول التواصل مع شبيلات، ورئيسي الوزراء السابقين عبدالرؤوف الروابدة وطاهر المصري، ورئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي، والناطق باسم جماعة الإخوان معاذ الخوالدة، ولكن دون رد.