اقتصاد تركي

ما الضريبة التي خفضها أردوغان ومدى تأثيرها على الأسعار؟

تبدأ الحكومة التركية اعتبارا من صباح غدا الاثنين تطبيق قرار تخفيض ضريبة القيمة المضافة من 8 بالمئة إلى 1 بالمئة- جيتي
تبدأ الحكومة التركية اعتبارا من صباح غدا الاثنين تطبيق قرار تخفيض ضريبة القيمة المضافة من 8 بالمئة إلى 1 بالمئة- جيتي

تبدأ الحكومة التركية اعتبارا من صباح غدا الاثنين، تطبيق قرار تخفيض ضريبة القيمة المضافة المفروضة على السلع الغذائية الأساسية من 8 إلى 1 بالمئة، وسط تساؤلات حول مدى تأثير ذلك على أسعار هذه السلع ومعدلات التضخم المرتفع في البلاد.


والسبت، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمه له خلال الاجتماع الترويجي لنموذج الاقتصاد التركي والخطوات الجديدة وتدابير مكافحة التضخم، بمركز إسطنبول للمؤتمرات، إن السلع التي شملها قرار تخفيض ضريبة القيمة المضافة لها حصة كبيرة في سلة التضخم، بحسب وكالة للأناضول.

 

وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة مالية غير مباشرة على الاستهلاك، تفرض على معظم السلع والخدمات التي يتم توريدها في كل مرحلة من مراحل سلسلة التوريد، بدءا من مرحلة التصنيع والإنتاج، وحتى وصولها للمستهلك.

 

ووفقا لمركز إدارة الضرائب في إسطنبول، تفرض ضريبة القيمة المضافة في تركيا (KDV) بثلاث نسب مختلفة (1% و 8% و 18%)، بحسب نوع السلع والبضائع التي حددها قانون ضريبة القيمة المضافة المرقم 3065 لسنة 1984.

 

فالمنتجات التي يفرض عليها ضريبة قيمة مضافة بنسبة 1 بالمئة هي دقيق القمح ومشتقاتها، التي تعدّ من المواد الاستهلاكية الأساسية، والمكسرات والمجففات والبذور والحبوب والخضروات والصحف، وخدمات النقل المستعملة، وكذلك على الوحدات السكنية التي لا تتجاوز مساحتها 150 مترا مربعا.

والمنتجات التي يفرض عليها ضريبة قيمة مضافة بنسبة 8 بالمئة هي المواد الاستهلاكية الأساسية، والتي لا تدخل ضمن منتجات الرفاهية، مثل: (المواد الغذائية، اللحوم ومشتقاتها، الحليب ومشتقاته، البيض والبقوليات، العسل، المربى، الدبس، الحلوى، الألياف القطنية، الخيوط، الأحذية، بعض الآلات الزراعية والأدوات الطبية، وغيرها من المنتجات والخدمات).


أما المنتجات التي يفرض عليها ضريبة قيمة مضافة بنسبة 18 بالمئة، هي التي لا تعدّ من المواد الاستهلاكية الأساسية مع بعض الاستثناءات، مثل: (خدمات الاتصالات، الأثاث، الأجهزة الكهربائية، وغيرها من المنتجات والخدمات).

وخلال كلمته، أوضح أردوغان أن تركيا تأثرت بمعاناة الاقتصاد العالمي؛ بسبب الصعود الحاد في أسعار السلع، وعلى رأسها الطاقة والغذاء، بسبب الخلل في الأسواق المالية، وارتفاع معدلات التضخم.

وأكد أردوغان استقرار أسعار صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية وكبح التقلبات، عبر حزمة التدابير الاقتصادية المتخذة مؤخرا، لافتا إلى أن تركيا تهدف إلى القضاء على آثار التضخم المرتفع لحد كبير خلال عام 2022.

وأشار إلى أن تركيا كافحت عبر كل الوسائل المتاحة الهجمات التي استهدفت اقتصادها، معربا في الوقت ذاته عن تطلعه أن يقوم قطاع الأغذية بتخفيضات بنسبة 7 بالمئة أيضا اعتبارا من الاثنين، ليصل إجمالي التخفيضات المفروضة على السلع الغذائية الأساسية إلى 14 بالمئة.

وأضاف: "نود أن نرى نهجا مماثلا من جميع القطاعات الأخرى، بإجراء تخفيضات في هذا المستوى (7 بالمئة) ينعكس مباشرة على مواطنينا اعتبارا من الاثنين"، داعيا جميع المواطنين للانضمام إلى مكافحة التضخم.

 

"تأثير متباين"

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله، إن ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة، بمعنى أن المستهلك يدفع سعر السلعة محملا بهذه الضريبة، بينما صاحب المتجر هو الذي يقوم بدفعها بصورة مباشرة إلى خزينة الدولة (أي أن الذي يتحمل عبء هذه الضريبة في الأساس هو المستهلك).

 

واعتبر ذكر الله خلال حديثه لـ"عربي21"، أن قرار خفض ضريبة القيمة المضافة التي يقع عبئها بالكامل على المستهلك هو أهم قرار تم اتخاذه من بين مجموعة من القرارات التي اتخذتها قبل الحكومة التركية حتى الآن لمواجهة معدلات التضخم المرتفع، وارتفاع الأسعار العالمية نتيجة حرب محتملة بين روسيا وأوكرانيا.

 

وثمن الخبير الاقتصادي قرار خفض ضريبة القيمة المضافة، معتبرا أنه إلى جانب قرار رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 بالمئة، سيساهم بشكل كبير في تخفيف العبء عن المواطنين، وخفض معدلات التضخم التي بلغت نحو 48.6 بالمئة خلال الشهر الماضي.

 

وأوضح ذكر الله، أن هذا الخفض في ضريبة القيمة المضافة هو خفض فوري، بمعنى أنه بمجرد بدء تطبيق القرار سينعكس بشكل مباشر على أسعار معظم السلع والمنتجات، مضيفا: "هذا القرار هو خطوة مبدئية، لكنه خطوة مهمة على طريق محاربة التضخم وخفض الأسعار".

 

وأضاف: "هذا التخفيض الفوري لن يشمل كل السلع والمنتجات، لكنه مقصور ومحدد على بعض السلع والمنتجات الرئيسية، وبالتالي فإن تأثير القرار لن يكون كبيرا على مجمل التضخم، ولن يؤدي إلى خفض عام في الأسعار، ولكن سيكون تأثيره كبيرا على غالبية المستهلكين من الطبقات الفقيرة والدرجات الأولى من الطبقة المتوسطة".

 

"علاقة طردية"

 

وباختصار، فإن ضريبة القيمة المضافة هي الفرق بين سعر المنتج أو الخدمة المقدمة وبين سعر التكاليف التي يتم إنفاقها لإنتاج المنتج أو تقديم الخدمة، وفقا للباحث الاقتصادي أحمد مصبح.


وقال مصبح خلال حديثه لـ"عربي21": "هناك علاقة طردية بين أسعار السلع والخدمات وقيمة الضريبة، فكلما ارتفعت قيمة الضريبة ارتفع سعر السلع والخدمات، والعكس صحيح"، لافتا إلى أن ضريبة القيمة المضافة تمثل مصدر دخل رئيسيا في معظم الدول.


وأكد الباحث الاقتصادي أن قرار أردوغان الأخير سوف يكون له أثر مباشر على تخفيض أسعار بعض السلع والمنتجات، إذا ما تم مراقبة الأسعار بشكل أكثر صرامة، وهو ما سيترتب عليه تخفيض جزئي لمستوى التضخم في السوق التركي.


وأضاف: "لكن في المقابل، فإن تخفيض ضريبة القيمة المضافة لقرابة واحد بالمئة سوف يزيد الأعباء على كاهل الحكومة، لكنه يبقى أحد أهم الحلول المتعلقة بالسياسة المالية للحد من التضخم".

 

وتوقع مصبح أن تخفض أسعار السلع والمنتجات التي شملها القرار بنحو 10 بالمئة على الأقل، في حال شددت الحكومة التركية من رقابتها على الأسواق، مؤكدا أن خفض الأسعار يتطلب جهدا أكبر من جانب الحكومة.

 

وتابع: "من غير المعقول أن تقوم الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور ورفع تسعيرة الكهرباء والغاز والبترول والمواصلات، وتطلب من مراكز التسوق تخفيض الأسعار بشكل مباشر".

 

"حملات تفتيش"

 

وأكد وزير التجارة التركي محمد موش، الأحد، أن السلطات التركية المختصة ستبدأ اعتبارا من صباح غد الاثنين حملات تفتيش مكثفة في جميع المحافظات التركية؛ للتأكد من تطبيق قرار خفض ضريبة القيمة المضافة.

 

وقال الوزير التركي عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي" تويتر"، إنه أصدر أوامر لمديرات التجارة في 81 مقاطعة تركية بتكثيف عمليات التفتيش.

 

وأضاف: "يجب ألا يساور الجمهور أدنى شك في أننا سنفرض أشد العقوبات على الأسواق التي لا تعكس تخفيض ضريبة القيمة المضافة على الأسعار، وتجعل مواطنينا يعانون من زيادات غير عادلة في الأسعار".

 

 

 

وقبل يومين، قال وزير المالية التركي، نور الدين نباتي، إن المشكلة الوحيدة التي يعاني منها الاقتصاد التركي هي التضخم، وإن بلاده حققت نموا كبيرا، كما تراجع العجز في المعاملات الجارية.

وأوضح نباتي في مقابلة مع تلفزيون خبر ترك، الجمعة، أن تركيا تمكنت من بلوغ سعر صرف تنافسي مع استقرار الدولار، مضيفا أن اجتماعات عقدها مع مستثمرين في لندن هذا الأسبوع كانت "رائعة".

 

والخميس الماضي، أظهرت بيانات رسمية ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك (التضخم) في تركيا، بنسبة 11.10 بالمئة في كانون الثاني/ يناير الماضي، على أساس شهري، ليبلغ 48.69 بالمئة على أساس سنوي، وهو أعلى مستوى للتضخم في نحو 20 عاما.

 

التعليقات (0)