هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دخل قضاة تونس في إضراب عام عن العمل مدة يومين إضافة لتعليق العمل بكافة المحاكم اليوم الأربعاء وغدا الخميس، احتجاجا على قرار الرئيس قيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء، وتزامنا مع تحذيرات دولية من الانتهاك الواضح لالتزامات تونس وتقويض سيادة القانون وفصل السلطات واستقلال القضاء في البلاد.
ودعت جمعية القضاة التونسيين، الأربعاء، إلى وقفة احتجاجية الخميس أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء وذلك تنديدا واحتجاجا على قرار حل المجلس من قبل الرئيس قيس سعيد.
وقال بيان صادر عن الجمعية: "تبعا للدعوة الصادرة عن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين فإن على كافة القضاة العدليين والإداريين والماليين الحضور والمشاركة في الوقفة الاحتجاجية بالزي القضائي التي تنظمها الجمعية يوم الخميس، بداية من الساعة الحادية عشرة صباحا أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء".
ووجهت جمعية القضاة الدعوة إلى كل مكونات المجتمع المدني والعائلة القضائية والحقوقية والقوى الحيّة المؤمنة والمدافعة عن استقلال القضاء ودولة القانون، بحسب نص البيان.
ونوه البيان إلى أنه "ضمانا لاستقلالية هذا التحرك فستقتصر المشاركة فيه على المنظمات والشخصيات الحقوقية المدنية المستقلة من غير السياسيين والمنتمين للأحزاب، كما أنه يلتمس من جميع المشاركين في هذا التحرك الالتزام بشعاراته".
وأكد البيان عزم الجمعية على "رفع شكاية للاتحاد العالمي للقضاة وطلب تشكيل لجنة للنظر في ما يحدث في تونس، وما ستتقدم به من ملف يتضمن مؤيدات تثبت الانتهاكات المرتكبة ضد القضاء التونسي وسعي النظام القائم إلى التنكر للمعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية المصادق عليها منذ الاستقلال إلى الآن".
وأكد البيان عزم جمعية القضاة رفع قضية جزائية ضد كل من تورط في تعطيل أعمال المجلس الأعلى للقضاء والإساءة إلى السلطة القضائية.
اقرأ أيضا: لوبوان: تونس أصبحت ضمن "الدول اليائسة" وتسير نحو الهاوية
وأكد رئيس جمعية القضاة الشبان القاضي مراد المسعودي، في تصريح خاص لـ"عربي 21" التزام جميع القضاة بالإضراب.
وأفاد القاضي المسعودي بأن "الجمعية ستدعو إلى تمديد إضراب القضاة يوما آخر وذلك إلى غاية الجمعة مع تدارس خطوات تصعيدية أخرى خلال جلسة عامة هذا السبت".
وكشف المسعودي لـ"عربي21" أن "الجمعية قررت رفع دعوى قضائية ضد كل من تورط في تعطيل أعمال المجلس الأعلى للقضاء والإساءة إلى السلطة القضائية".
وحملت الجمعية وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي "المسؤولية القضائية على خلفية ما صدر عنه من مغالطات ونشر معلومات زائفة وكاذبة أمام مجموعة من سفراء الدول الأجنبية في سعي متعمد نحو مزيد تشويه السلطة القضائية والقضاة التونسيين".
والتقى وزير الخارجية وفق بيان للوزارة بسفراء مجموعة السبع وأكد لهم أن حل المجلس الأعلى للقضاء يندرج في إطار مواصلة تصحيح المسار الديمقراطي الذي بدأ في الخامس والعشرين من يوليو المنقضي.
اقرأ أيضا: وزير تونسي سابق يقدم شكوى لضبط الرئيس سعيّد ومحاكمته
تنديد واسع داخليا وخارجيا
وعلى إثر قرار حل المجلس الأعلى للقضاء تتالت ردود الرفض والاستنكار من الجمعيات والنقابات القضائية بتونس وجمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية .
وأصدرت 45 منظمة وجمعية تونسية بيانا مشتركا مساء الثلاثاء عبرت فيه عن رفضها المبدئي لأيّ تدخل من السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية، معتبرة قرار الرئيس التونسي حلّ المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بهيئة وقتية وفق مرسوم بأنه "تجميع كامل لكل السلطات ونسف تام لمبدأ الفصل بين السلط".
وعلى الصعيد الدولي قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، إن حل مجلس القضاء الأعلى في تونس "يقوض بشكل خطير سيادة القانون وفصل السلطات واستقلال القضاء في البلاد".
وأكدت في بيان أن "حل مجلس القضاء الأعلى يشكل تدهورا بارزا في الاتجاه الخاطئ، ويعد انتهاكًا واضحًا لالتزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان".
واعتبرت منظمة العفو الدولية أن حل الرئيس سعيد لمجلس القضاء يشكل "تهديدا خطيرا لحقوق الإنسان" ودعت إلى "التراجع عن القرار"، فيما عبر سفراء مجموعة الدول السبع عن قلقهم البالغ من القرار.
والمجلس الأعلى للقضاء هو مؤسسة دستورية تونسية، أقرها دستور 2014، تضمن في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية، طبق أحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها، فيما دارت أول انتخابات للمجلس في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2016.
والأحد المنقضي أعلن سعيد، من وزارة الداخلية وفي ساعة متأخرة، عن قرار حل المجلس الأعلى للقضاء وأكد ذلك خلال لقاء برئيس الحكومة، مؤكدا أن مشروع قرار حل المجلس سيصدر قريبا.