هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ظهرت في الأيام الأخيرة علامات متزايدة على تحسن محتمل في العلاقات الإسرائيلية التركية، وهي جزء من محاولة تركية جرت في الأشهر الأخيرة في إطار جهد لتحسين العلاقات مع عدد من دول المنطقة مصر والسعودية والإمارات وإسرائيل، وظهرت تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان بشأن زيارة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ المتوقعة لتركيا في الأيام المقبلة تتويجا لاتجاه لافت في الأشهر الأخيرة.
في الوقت ذاته، ترى المحافل الإسرائيلية أن هذه التحركات الصادرة عن أنقرة قد تأتي رغبة منها بكسر ما تزعم تل أبيب أنها عزلة تركية في المنطقة، من أجل تسخين العلاقات الباردة مع عدد من الدول الرئيسية في المنطقة، من خلال الشروع في عملية من "الهندسة المعمارية الإقليمية"، التي تعترضها جملة من الصعوبات التي لا تنكرها إسرائيل وتركيا على حد سواء.
مايكل هراري السفير السابق في قبرص، والباحث في المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية- ميتافيم، ذكر في مقاله على موقع "زمن إسرائيل"، ترجمته "عربي21" أن "إسرائيل مطالبة بالبحث عن كيفية الرد على الابتسامات والرسائل التركية، مع العلم أنه من حيث المبدأ فإن الأفضل أن تكون القنوات مفتوحة بين أنقرة وتل أبيب، بما يمهد الطريق لوجود حوار بين المستويات السياسية العليا فيهما، خاصة بالنظر لمكانة ووزن دولة مثل تركيا".
وأضاف هراري، الذي شغل مناصب عليا في قسم التخطيط السياسي ومركز البحوث السياسية بوزارة الخارجية، ويعمل حاليا محاضرا في قسم العلوم السياسية في الكلية الأكاديمية وادي غزريل، أن "السنوات الأخيرة شهدت تعمق نقاط الخلاف بين تركيا وإسرائيل إلى حد كبير، وتم التعبير عنها بمفردات حادة، خاصة من الجانب التركي، الذي يتفاخر بأنه يمثل حركات الإسلام السياسي في المنطقة".
اقرأ أيضا: تقديرات إسرائيلية متباينة إزاء تطبيع العلاقات مع تركيا
مع العلم أن الرغبة الإسرائيلية بالرد على الرسائل الإيجابية القادمة من تركيا تأخذ بعين الاعتبار كيفية تأثيرها على العلاقة الوثيقة التي أنشأتها في السنوات الأخيرة مع اليونان وقبرص ومصر، بما في ذلك إنشاء منتدى الغاز الإقليمي، الذي تسبب بإقامة عينة جديدة من التحالفات القائمة في المنطقة، بما خدم "إسرائيل"، ووسع فضاء مناوراتها السياسية، الأمر الذي قد يتطلب من تل أبيب، كما ترى أوساطها الدبلوماسية، الدخول في جولة مساومات مع أنقرة بهدوء وصبر.
لا تتردد المحافل السياسية في تل أبيب في الإشارة إلى أن أي تسخين للحوار السياسي مع أنقرة لا يجب أن يكون على حساب العلاقات الوثيقة والثقة الكبيرة التي اكتسبتها مع اليونان وقبرص، خاصة في ظل بقاء الوجود البارز لكبار مسؤولي حماس في تركيا، وتصاعد نشاطها في القدس، فضلا عن التخفيف من خطابها القاسي تجاه "إسرائيل"، رغم أن ذلك لا يجب أن تكون شروطًا استباقية للدخول في استئناف العلاقة بينهما، لأن الأمر قد يعتمد على درجة الثقة التي يتم إنشاؤها أو استعادتها بينهما.
من الواضح أن القناعة الإسرائيلية الآخذة في الانتشار ترى أنها أمام عملية طويلة في العلاقة مع تركيا، لن تتم بضربة واحدة، لكن المصالح الإسرائيلية قد تستدعي سد الثغرات مع أنقرة، وتسوية الخلافات معها، أو على الأقل تقليص مواقع تضارب المصالح بينهما، فضلا عن معرفة حجم ثراء التجارة بينهما التي أقيمت في السنوات الأخيرة.