مقابلات

مسؤول ليبي سابق: عقيلة صالح لن يطيح بالحكومة لهذا السبب

سلامة: أتوقع الإعلان عن خارطة الطريق الجديدة خلال مؤتمر روما المقرر عقده في مارس المقبل
سلامة: أتوقع الإعلان عن خارطة الطريق الجديدة خلال مؤتمر روما المقرر عقده في مارس المقبل

صالح حوّل البرلمان إلى مجرد جسم يُعبّر من خلاله عن مطامحه السياسية


باشاغا هو الخاسر الأكبر من التطورات الأخيرة ورصيده السياسي ينزف كل يوم


أتوقع الإعلان عن خارطة الطريق الجديدة خلال مؤتمر روما المقرر عقده في مارس المقبل


قال المستشار السابق في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، ومدير مركز دراسات دول الجوار الليبي، الدكتور سعد سلامة، إن مساعي رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح من أجل الإطاحة بالدبيبة وحكومته، تأتي ضمن إطار "التنافس الحاد بين قوى وأطراف سياسية من أجل الظفر بغنيمة السلطة وامتلاك شرعية التصرف في الموارد المالية للبلاد".

واستبعد سلامة تماما، في مقابلة مع "عربي21"، أن "يُقدم عقيلة صالح على خطوة الإطاحة بالحكومة؛ لا لأنه لا يريد، بل لأنه لا يستطيع؛ فعقيلة ما هو في حقيقة الأمر إلا تجسيد لإرادة دول أخرى إقليمية تحديدا ليس من مصلحتها أن تعود الأزمة الليبية إلى نقطة الصفر من جديد".

فيما رأى سلامة أن الخاسر الأكبر من التطورات الأخيرة التي تشهدها ليبيا سيكون هو "وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا الذي أصبح كل يوم ينزف من رصيده السياسي، لا في المنطقة الغربية ككل، وإنما حتى في مدينته وحاضنته الاجتماعية مصراتة، ودون أي مقابل في المنطقة الشرقية والجنوبية".

ودعا المسؤول الليبي السابق إلى "إجراء حوار وطني حقيقي بين كل القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة والمؤثرة تطرح فيه على الطاولة كل القضايا الخانقة، غير ذلك فإن سنوات التيه ستمضي من عمر هذا الوطن بلا جدوى أو أفق، وستكون الضحية الأكبر هي الأجيال القادمة".

وفي ما يأتي نص المقابلة:

كيف تنظرون إلى مساعي البرلمان للإطاحة بحكومة الدبيبة؟

في اعتقادي أن الأزمة الليبية لا يمكن فهمها بشكل صحيح من خلال التعامل مع التطورات التي تمر بها وتشهدها ليبيا بشكل منفصل؛ فكل تطور جديد فيها هو بالضرورة تطور تراكمي لتطورات أخرى سابقة له، وبالتالي فإن مساعي البرلمان الليبي أو بالأحرى مساعي عقيلة صالح من أجل الإطاحة بالدبيبة وبحكومته لا يمكن أن تُفهم بشكل جيد إلا من خلال وضعها في سياق كونها تنافسا حادا بين قوى وأطراف سياسية من أجل الظفر بغنيمة السلطة وامتلاك شرعية التصرف في الموارد المالية للبلاد.

من جانب آخر، فإنه من الثابت أن عبد الحميد الدبيبة جاء نتيجة لتوافقات سياسية بين أعضاء ملتقى الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، ولم يأتِ به البرلمان، ولا يوجد نص يعطي للبرلمان الحق في تغييره في شخصه على الأقل. صحيح أن مخرجات ملتقى الحوار السياسي كانت مُقيدة بمدة زمنية، إلا أن انتهاء هذه المدة لا يقصد بها الدبيبة وحده، وإنما شركاؤه أيضا من أعضاء المجلس الرئاسي، كما أن هذه المخرجات لم تقل إن البرلمان هو الذي يملك الحق في تحديد شكل المرحلة الانتقالية القادمة إذا لم تُجر الانتخابات.

هنا أختم فأقول: برلمانٌ رضي بأن يعطي صلاحياته لجسم آخر قام بإنشاء سلطة تنفيذية تتكون من حكومة ومجلس رئاسي، لا يحق له أن يتباكى على ذلك اليوم ويمارس دور الحريص على الوطن وسيادته التي فرّط بها عندما كانت مساومات قاعات فنادق جنيف هي التي تقرر مصير الوطن وبحضور بعض أعضاء البرلمان ذاته.

هل تتوقعون الإطاحة بحكومة الدبيبة قريبا أم لا؟ ومن سيكون الخاسر الأكبر جراء تلك الخطوة حال اتخاذها؟

على الصعيد الشخصي أستبعد تماما أن يُقدم عقيلة صالح على هذه الخطوة، لا لأنه لا يريد، بل لأنه لا يستطيع؛ فعقيلة ما هو في حقيقة الأمر إلا تجسيد لإرادة دول أخرى إقليمية ليس من مصلحتها أن تعود الأزمة الليبية إلى نقطة الصفر من جديد، وما يتم تداوله الآن من أن هناك حكومة جديدة سوف يتم تشكيلها ما هو في حقيقته إلا وسيلة ابتزاز للحصول على أكبر قدر ممكن من مكاسب الغنائم السياسية في الدولة، ولعل الخاسر الأكبر من كل ذلك سيكون هو السيد فتحي باشاغا الذي أصبح كل يوم ينزف من رصيده السياسي لا في المنطقة الغربية ككل، وإنما حتى في مدينته وحاضنته الاجتماعية مصراتة، ودون أي مقابل في المنطقة الشرقية والجنوبية التي كان رصيده السياسي فيهما صفرا، والآن هو أقل من الصفر بكثير.

كيف ترون قرار عقيلة صالح استبعاد المجلس الأعلى للدولة من مشاورات اختيار رئيس وزراء جديد؟

أولا هذا القرار من الناحية القانونية لا قيمة له، لأن البرلمان ليس هو مَن أعطى الصلاحيات والحقوق للمجلس الأعلى؛ فكلاهما يستمدان شرعيتهما من نفس التشريعات وخصوصا وثيقة اتفاق الصخيرات، ومن الناحية السياسية يمثل الآن المجلس الأعلى للدولة الجسم السياسي المماثل أو المقابل للبرلمان في المنطقة الغربية بعد أن حوّل عقيلة صالح البرلمان إلى مجرد جسم يُعبّر من خلاله عن مطالبه ومطامحه السياسية، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك. لكني أعتقد أن محاولات التوفيق ما بين المجلسين البرلمان والدولة ما زالت قائمة إذا ما أرادت الدول الإقليمية ذلك.

إلى أي مدى بات عقيلة صالح مسيطرا على البرلمان؟ وهل تلاشت شرعية البرلمان؟

باختصار؛ البرلمان هو عقيلة صالح، وعقيلة صالح هو البرلمان. كل السنوات السبع الماضية من عمر البرلمان تثبت ذلك وبوضوح شديد. والبرلمان سيظل يعطي الشرعية لعقيلة صالح ولن تُجرى الانتخابات في ليبيا ما لم يتم تأمين منصب آخر لعقيلة، وكذلك هو حال لسان باقي المناظريين له من السياسيين والعسكريين.

هل تؤيدون "الدستور أولا" أم "الانتخابات أولا"؟

الآن أنا شخصيا لا أؤيد لا دستورا ولا انتخابات. أنا أعتقد أن البلاد في حاجة ملحة إلى إجراء حوار وطني حقيقي بين كل القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة والمؤثرة تُطرح فيه على الطاولة كل القضايا الخانقة، بداية من كلمات النشيد ولون وشكل العلم، وصولا إلى كيفية التصرف في قيمة كل برميل من براميل النفط التي يتم بيعها.. غير ذلك ستمضي سنوات التيه من عمر هذا الوطن بلا جدوى أو أفق، وستكون الضحية الأكبر هي الأجيال القادمة.

ما أبعاد التحالف المعلن بين عقيلة صالح وخليفة حفتر وفتحي باشاغا؟

المعادلة السياسية تغيرت كثيرا وبشكل جذري، وأطراف وقوى الصراع اليوم ليست هي التي كانت بالأمس فقط، بل دخلت عليها أطراف جديدة أشد شراسة، كما أن تحالفات الأمس ليست هي تحالفات اليوم. وشهوة السلطة والحكم جعلت من البراغماتية منهج عمل عند البعض، مع امتلاك قدرة كبيرة على أصباغ الوطنية والخوف على الوطن.. على أن المواقف والسلوكيات مهما كانت واضحة فإنها في حقيقتها هي خلاف ذلك.

هل التحالف بين عقيلة صالح وخليفة حفتر استراتيجي وأبدي رغم ما قيل سابقا حول وجود ثمة خلافات بينهما، خاصة أنهما مرشحان متنافسان في الانتخابات الرئاسية؟

عندما تتجرد السياسة من القيم فإنه لا يمكن القول بأن هناك تحالفا أبديا، وبالتالي فإن كل المواقف والتحالفات ستظل رهينة دائما بوجود المصالح النفعية للمتحالفين أيّا كانوا، ويمكن جدا وفي أي لحظة أن تتغير درجة القرب والبُعد مع امتلاك درجة كبيرة عند مَن يقومون بها على التبرير وصناعة الأسباب.

ما هو السيناريو الأقرب في تطورات الأزمة الليبية؟

السيناريو الأكثر احتمالية في اعتقادي هو التوافق مرة أخرى على خارطة الطريق المُعدّلة التي تُعدّها الآن مستشارة الأمم المتحدة الخاصة بليبيا، ستيفاني وليامز، بمضامينها الجديدة التي تستجيب فيها للتغييرات الأخيرة في أوزان أطراف الصراع، وربما يكون مؤتمر روما حول ليبيا المقرر عقده في شهر آذار/ مارس المقبل فرصة للإعلان عن هذه الخارطة، لكن تظل دائما، وبالتجربة، كل الحلول التي جاءت من البعثة الأممية مدخلا جديدا لتأزيم الصراع الليبي-الليبي، وسيستمر الحال كما هو عليه ما لم ينتبه العقل السياسي لأطراف الصراع من الليبيين إلى ضرورة أن يتنازلوا جميعا لبعضهم البعض من أجل الوطن.. لا أن يتنازلوا عن الوطن من أجلهم هم كما يحدث الآن.

3
التعليقات (3)
محمد عويدات
الإثنين، 31-01-2022 08:09 م
اعتقد ان الحوار بين مختلف القوى السياسية فى ليبيا يجب ان ينعقد فى فترة زمنية محددة و يناقش القضايا الاساسية للبلاد ، و فى اعقاب ذلك يتم صياغة دستور الا ان ذلك يجب ان يندرج فى اطار اجندات و طنية حقيقية
أبو أحمد
الإثنين، 31-01-2022 07:31 ص
مقابلة جيدة وكان الدكتور موفق فيها حسب إعتقادي وما طرحه من آراء تعنبر قريبة جدا من الواقع ومنطقية مع تحفظي على أن كواليس السياسة الليبية معقدة جدا وتحكمها ظروف استثنائية الأمر الذي يجعلها قد تتغير فجأة وبشكل بعيدا عن كل التوقعات. الذي يتحكم في الأمور حسب رأيي الشخصي هو مدي تناغم مصالح من يتصدرون المشهد وتوافقها مع مصالحهم الشخصية والخوف على مصيرهم في حال تغير واقع ليبيا الآن وأصبحت دولة مدنية يحكمها القانون والمؤسسات.
عبدالحفيظ مادي
الأحد، 30-01-2022 06:59 م
حسب رايي الخاص ان المبعوث ا?ممي يمكنها خلق توافق بين الليبيين باستعمال ظغوط علي من يعرقل واخراجهم من المشهد السياسي في ليبيا ..