قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن
الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين "يخاطر بأكبر مقامرة في حياته المهنية لمحاولة
استعادة أمجاد
روسيا المفقودة".
وأضافت الصحيفة أنه ومنذ تفكك الاتحاد السوفيتي
فقدت موسكو 48.5 بالمئة من سكان ذلك الاتحاد العالمي، بما في ذلك عشرات الملايين
من الناطقين بالروسية الذين تقطعت بهم السبل خارج الحدود المقطوعة، و41 بالمئة من
ناتجها المحلي الإجمالي.
كما خسرت روسيا أيضا مكانتها العزيزة كقوة
عالمية ونظير استراتيجي للولايات المتحدة.
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن
الرئيس بوتين، الذي يتولى السلطة منذ عام 1999، كرس نفسه لقضية الدولة السوفيتية
وإعادة أمجاد بلاده المفقودة، إذ دائما ما يوصف تفكك الاتحاد السوفيتي بأنه أكبر
كارثة جيوسياسية في القرن العشرين.
وتهدد تحركات بوتين بإشعال حرب برية واسعة
النطاق ستكون الأولى في القارة الأوروبية منذ أربعينات القرن الماضي، حيث يسعى إلى
إعادة كتابة الترتيبات الأمنية للقارة والتراجع، جزئيا على الأقل، عن هزيمة روسيا
في الحرب الباردة، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وحشد بوتين بالفعل أكثر من 100 ألف جندي لغزو
محتمل لأوكرانيا، وطالب بانسحاب القوات الأمريكية من أوروبا الوسطى، ويهدد بإرسال
قوات عسكرية روسية إلى كوبا وفنزويلا في محاولة لتسليط الضوء على نقاط الضعف
الاستراتيجية للولايات المتحدة.
وبالنسبة للكثيرين في المؤسسة الروسية، فإن
شهية بوتين للمخاطرة طبيعية فقط بالنظر إلى شدة المظالم التاريخية لروسيا التي كان
يؤججها طوال حياته المهنية لتبرير نظام عسكري واستبدادي على نحو متزايد.
وقال النائب الروسي البارز، كونستانتين
زاتولين، وهو نائب رئيس لجنة العلاقات مع دول الاتحاد السوفيتي السابقة بمجلس
الدوما، "عندما نشعر بالظلم، تبدأ الاعتبارات البراغماتية في التلاشي".
وأضاف: "في التسعينيات، كانت روسيا تُعتبر
دولة مشطوبة لن تنهض مرة أخرى، ولا ينبغي أخذها في الاعتبار بعد الآن. لقد عشنا
جميعا هذا الشعور بالإذلال والظلم. ويتمتع بوتين بالدعم لأن هذا شيء محسوس بعمق في
روسيا على الرغم من أن الناس لديهم دائما الكثير من الشكاوى بشأن السلطات".
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن عدم وجود عواقب
لإجراءاته السابقة، شجعت بوتين على رفع درجة المخاطر والمقامرة الجديدة بشأن
أوكرانيا التي يرغب في تغيير النظام الحاكم فيها.
في 2008، غزا بوتين جورجيا، ثم أوكرانيا عام
2014، وضم شبه جزيرة القرم في العام ذاته، وأمر بمؤامرات اغتيال مزعومة في الخارج،
مثل قضية نوفيتشوك عام 2018 في إنكلترا، ولم يجد إلا عقوبات غربية محدودة فقط.
وقالت الزميلة بمعهد بروكينغز وضابطة المخابرات
القومية الأمريكية السابقة بشؤون روسيا وأوراسيا، أنغيلا ستينت، "عند مراجعة
خياراته بشأن أوكرانيا، هناك أمران واضحان لبوتين: لن يرد الناتو عسكريا على
التوغل الروسي، تماما كما امتنع عن القيام بذلك في جورجيا والقرم، ويمكن لروسيا أن
تتحمل أي عقوبات تُفرض" عليها.
كذلك، أدى اعتماد أوروبا المتزايد على الغاز
الطبيعي الروسي إلى جعل العديد من حلفاء أمريكا الأوروبيين أكثر ترددًا في تحدي
موسكو لأنهم يخشون تأثير عقوبات أكثر جدوى على اقتصاداتهم.
قال الجنرال المتقاعد، بن هودجز، الذي قاد
الجيش الأمريكي في أوروبا من 2014 إلى 2017، "يعمل رئيس الاتحاد الروسي
بمستوى أعلى لتحمل المخاطر. إنه واثق لأننا نحن الغرب لم نوقفه من قبل أو نجبره
على التراجع".
وتمثل كييف بالنسبة لموسكو أكبر خسارة منذ
انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، حيث كانت أوكرانيا ثاني أكبر جمهورية سوفيتية
سابقة من حيث عدد السكان وأكثرها تقدما صناعيا.
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إنه
إذا كان الأوكرانيون والروس هم نفس الشعب، فإن أوكرانيا الديمقراطية الناجحة تشكل
تهديدا استراتيجيا للدولة القمعية التي بناها بوتين على أنقاض الاتحاد السوفيتي.
في المقابل، قال المتحدث باسم بوتين، دميتري
بيسكوف، إن الرئيس الروسي لا يسعى لاستعادة الاتحاد السوفيتي لأنه من الواضح أن
ذلك لم يعد ممكنا.
وأضاف أن هدف بوتين هو "الحفاظ على علاقات
الاعتماد المتبادل المتناسق" مع دول الاتحاد السوفيتي السابق.
وتتجمع القوات العسكرية النظامية الروسية
علانية على طول حدود أوكرانيا، مما يهدد القدرات التي لم تستخدمها موسكو في عام 2014،
مثل الضربات الجوية والصواريخ بعيدة المدى والصواريخ التي يمكن أن تدمر الدفاعات
الأوكرانية بسرعة على اعتبار أن بوتين نفى تورطه المباشر في الغزو السابق.
وتشير التصريحات الروسية، بحسب صحيفة "وول
ستريت جورنال"، إلى أن الهدف الآن قد يكون تغييرا مباشرا للنظام في كييف بدلا
من ضم المزيد من الأراضي الأوكرانية.