هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يدفع الأردنيون ثمن الغاز الإسرائيلي الذي اشتروه من دولة الاحتلال الإسرائيلي بأعلى من أسعاره في الأسواق العالمية، وذلك بموجب اتفاقية الغاز المشبوهة التي بدأ سريانها مطلع العام 2020، وهذا هو التفسير الوحيد لسلسلة الارتفاعات المتكررة لتعرفة الكهرباء على المستهلكين في الأردن.
في العام 2016 وقعت "شركة الكهرباء الوطنية" المملوكة للحكومة في الأردن، والمزود الوحيد للطاقة الكهربائية في البلاد، اتفاقاً لاستيراد الغاز الإسرائيلي يبدأ سريانه اعتباراً من بداية العام 2020 ويستمر لـ15 عاماً لاحقة، وبموجب هذا الاتفاق يدفع الأردن لدولة الاحتلال 15 مليار دولار، أي بواقع مليار دولار سنوياً نظير الغاز الذي سيحصل عليه والذي سيتم استخدامه (أو استخدام أغلبه) في توليد الطاقة الكهربائية.
بموجب هذا الاتفاق الكارثي أصبح الأردن يشتري الغاز الإسرائيلي المسروق من الأرض الفلسطينية المحتلة بأغلى من سعره في الأسواق العالمية، بدلاً من الحصول على سعر تفضيلي كما جرت العادة في الاتفاقات الثنائية التي تتم خارج السوق، كما أنه بموجب هذه الاتفاقية فإن المبلغ الذي سيدفعه الأردنيون سوف يغطي 30% من إجمالي المصاريف السنوية لتجمع شركات حقل "لفايثان" الإسرائيلي، أي أن هذه الاتفاقية هي الممول الرئيس والأهم لمنتجي الغاز الإسرائيليين.
بسبب هذه الاتفاقية ارتفعت تكلفة إنتاج الكهرباء في الأردن وأصبح واضحاً منذ العام 2016 بالنسبة للمنتج الأردني الذي هو "شركة الكهرباء الوطنية" أن تكلفة الإنتاج سوف تقفز اعتباراً من بداية العام 2020، أي منذ بدء استخدام الغاز الإسرائيلي، ولذلك بدأ مشوار رفع الأسعار في وقت مبكر، إذ في العام 2018 وحده ارتفعت تعرفة الكهرباء في الأردن خمس مرات، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 100% خلال 12 شهراً فقط، أما خلال العامين السابقين لسريان الاتفاقية أي خلال 2018 و2019 فقد كانت أسعار الكهرباء في الأردن قد ارتفعت بواقع الضعفين أو 200%، وهو ارتفاع قياسي لم يسبق أن شهدته البلاد في هذه الفترة الزمنية القصيرة من قبل.
الارتفاع الأخير في أسعار الكهرباء بالأردن والذي سيجعل فواتير المنازل الأردنية تُسجل أرقاماً قياسية لا يُمكن قراءتها إلا في هذا السياق وضمن هذا الإطار، فهو ليس سوى استكمال لمسلسل رفع الأسعار لتغطية أثمان الغاز الإسرائيلي الذي تم شراؤه بسعر مرتفع وبأغلى من ثمنه في الأسواق العالمية.
ما يحدث في الأردن هو أن شركة الكهرباء الحكومية التي تحتكر تقديم تزويد الأردنيين بالطاقة ولا يوجد لها أي منافس أصبحت ملتزمة بدفع مليار دولار سنوياً لإسرائيل، وحتى توفر هذا المبلغ وتفي بالتزاماتها ليس لها من سبيل سوى رفع أسعار منتجها الوحيد وهو الكهرباء التي يتم تزويد الفقراء والأغنياء على حد سواء بها في منازلهم ومكاتبهم وشركاتهم ومصانعهم.
ثمة كارثة أخرى لم ينتبه لها الكثيرون في هذا المشهد، وهو أنَّ ارتفاع أسعار الكهرباء سوف يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية الأخرى، وذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، وهو ما سيؤدي إلى نتيجتين: الأولى أن أسعار السلع الأخرى سوف ترتفع على المستهلك النهائي ونسب التضخم سوف تقفز هي الأخرى. أما النتيجة الثانية فهي أن تنافسية المنتج الأردني في الخارج سوف تتراجع، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى تراجع السلع التي يتم تصديرها بعد أن ترتفع أسعارها.
والخلاصة هنا هي أن الأردنيين يدفعون ثمن اتفاقية الغاز التي تم توقيعها في العام 2016 وبدأ سريانها بالفعل اعتباراً من مطلع العام 2020، وسوف يستمر تسديد ثمن هذه الاتفاقية حتى العام 2035، أي لخمسة عشر عاماً قادمة، دون أن يجد أحدٌ جواباً على السؤال الذهبي: لماذا تشترونه بسعر مرتفع؟ ومن المستفيد من ذلك؟!