هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على الأساليب الجديدة التي تتبعها دول في أوروبا الشرقية، من أجل مراقبة وملاحقة وسائل الإعلام، بينها التشهير بالصحفيين وضرب مصداقيتهم بين الجمهور.
وفي هذا السياق قالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إن الصحفية الصربية آنا لاليك تعرضت للسجن ربيع العام 2020، بعد أن كشفت عن وجود نقص حاد في الأقنعة ومعدات الحماية الأخرى في ذروة انتشار فيروس كورونا، لكن سرعان ما أفرج عنها.
وتلقت اعتذارا علنيا من الحكومة في ما بدا كأنه انتصار صغير ضد القمع القديم من قبل الرئيس الصربي، ألكسندر فوسيتش.
لكن الصحفية تعرضت بعد ذلك للتشهير لأسابيع باعتبارها خائنة من قبل الكثير من وسائل الإعلام الإخبارية في البلاد، والتي أصبحت بشكل متزايد تحت سيطرة فوسيتش وحلفائه.
ولفتت الصحيفة أن صربيا لم تعد تسجن أو تقتل الصحفيين الناقدين، كما حدث في ظل حكم سلوبودان ميلوسيفيتش في التسعينيات. ولكنها تسعى الآن إلى تدمير مصداقيتهم وضمان رؤية قلة من الناس لتقاريرهم.
وشددت على أنه من بولندا في الشمال إلى صربيا في الجنوب، أصبحت أوروبا الشرقية أرضا خصبة لأشكال جديدة من الرقابة التي تتجنب في الغالب القوة الغاشمة ولكنها تستخدم أدوات ألطف، لكنها فعالة لتقييد الوصول إلى الأصوات الناقدة وإمالة الرأي العام، وبالتالي الانتخابات، لصالح من هم في السلطة.
وأضافت أن التلفزيون أصبح متحيزا جدا في دعم فوسيتش، وفقا لزوران جافريلوفيتش، المدير التنفيذي لمجموعة بيرودي، وهي مجموعة مراقبة مستقلة، لدرجة أن صربيا أصبحت "تجربة اجتماعية كبيرة لمعرفة مدى تحديد وسائل الإعلام للرأي والانتخابات".
وتجري كل من صربيا والمجر الانتخابات العامة في نيسان/ أبريل وهي انتخابات ستظهر ما إذا كانت السيطرة على وسائل الإعلام تؤتي أكلها أم لا.
وأظهر استطلاع حديث لبيرودي للتقارير الإخبارية على التلفزيون الصربي أنه على مدى ثلاثة أشهر من أيلول/ سبتمبر، حصل فوسيتش على أكثر من 44 ساعة من التغطية، 87% منها إيجابية، مقارنة بثلاث ساعات لحزب المعارضة الرئيسي، 83% منها كانت سلبية.
ويدير الموالون للحكومة خمس قنوات تلفزيونية مجانية في صربيا، بما في ذلك محطة البث العامة RTS التي يفترض أنها محايدة. المنافذ التليفزيونية الوحيدة في صربيا التي تمنح وقتا للمعارضة وتتجنب تغطية القداسة لفوسيتش هي قناة الكابل الإخبارية N1، المرتبطة بـ CNN، وتليفزيون نوفا التابع له أيضا.
ويصنف مجموعة معهد V-Dem السويدي، صربيا وبولندا والمجر بين "الدول العشر الأوتوقراطية"، مستشهدا "بالاعتداءات على القضاء والقيود المفروضة على وسائل الإعلام والمجتمع المدني". وتصنف منظمة فريدوم هاوس الآن صربيا على أنها "حرة جزئيا".
وتقول الصحيفة: "تمت الاستعاضة عن قوات الأمن - التي شكلت الأدوات الأساسية لإسكات الأصوات الناقدة خلال الحقبة الشيوعية - بالشركات الخاضعة لسيطرة الدولة والمعتمدة على الدولة والتي غالبا ما تمارس ضغطا لا يقاوم على وسائل الإعلام".
وعلى سبيل المثال، قام حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا، بتحويل محطة البث العامة في البلاد، TVP، إلى بوق دعائي، بينما استحوذت شركة نفط تديرها الدولة على سلسلة من الصحف الإقليمية، على الرغم من أن بعض المنافذ المطبوعة الوطنية لا تزال تهاجم الحكومة بانتظام.
وفي كانون الأول/ ديسمبر، دفعت منظمة القانون والعدالة من خلال تشريع كان من شأنه أن يقضي على القناة الإخبارية التلفزيونية المستقلة الوحيدة، TVN24 المملوكة أمريكيا، لكن الرئيس البولندي، الذي كان قلقا بشأن تنفير واشنطن، استخدم حق النقض ضد مشروع القانون.
وذهبت المجر إلى أبعد من ذلك، حيث جمعت مئات المنافذ الإخبارية في شركة قابضة يسيطر عليها حلفاء رئيس الوزراء فيكتور أوربان. وهناك محطة تلفزيون واحدة فقط ذات انتشار وطني تنتقد أوربان وهي مستقلة ماليا عن حكومته.
وشكل الخصوم السياسيون المنقسمون سابقا لأوربان جبهة موحدة لخوض الانتخابات في نيسان/ أبريل، لكنهم لم ينجحوا في هز قبضته الخانقة على وسائل الإعلام.
ووبخ الاتحاد الأوروبي وأمريكا فوسيتش مرارا بسبب الافتقار إلى التعددية الإعلامية، لكن حرصا منهما على منع صربيا من احتضان روسيا أو تأجيج الاضطرابات في البوسنة المجاورة، لم يضغطوا بشدة.
وقد منح ذلك فوسيتش حرية التصرف إلى حد كبير لتوسيع نطاق سيطرة وسائل الإعلام التي وصفتها راسا نيديليكوف، مديرة البرنامج في بلغراد لمركز البحوث والشفافية والمساءلة، بأنها "الهيكل العظمي لنظامه بأكمله".