مع نهاية كل عام يسارع كثير منا لوضع خطة حياة للعام القادم، تملؤه الحماسة والرغبة الجامحة في دخول العام الجديد بخطة تغير حياته إلى الأفضل، فتراه يصيغ
الأهداف ويكتبها في دفتره الخاص بشكلٍ مزخرف.
وهذا شيء جميل، لكن هل جمال الخطة على الورق يكفي؟ وهل صياغة الأهداف على الورق وسيلة أم غاية؟ وهل ننجح كلنا في تنفيذ ما خططنا له؟
إن جمال الأهداف وحسن صياغتها على الورق لا يكفي ولا يضمن تنفيذها، بل إن جمالها مرهونٌ بمدى تطبيقها على أرض الواقع وتحويلها من رؤية نظرية إلى ممارسات عملية، كما أن الأهداف ليست غاية في ذاتها بل ها وسيلة تزيد من إنجازات الإنسان، والخطة تلعب دور المحفز للإنسان والحضن الدافئ لأهدافه التي يرغب في تحقيقها.
وعن هل ننجح كلنا في تنفيذ ما خططنا له؟ الواقع يقول "لا "، لأن الهممَ تتفاوت، فمنا من يبقى حماسه منذ لحظة
التخطيط حتى آخر المدة الزمنية المقررة للخطة وتحقيق الأهداف، ومنا من يتكاسل أو يحدث له ما يؤثر على السير في طريق تحقيق أهدافه، أو يسقط في منتصف الطريق ولسان حاله يقول: "يا شيخ خليها على البركة".
السؤال: تُرى ما الذي جعل الناجحين ينجحون، والفاشلين يفشلون؟
الإجابة هي أن كثيرا منا أثناء التخطيط يضع أهدافاً كبيرة، مع إدراكه أنه لن يتمكن من تحقيقها لكنه يضعها من باب إشعار نفسه بأنه وضع خطة، فتراه يضخم في عدد الأهداف المرجو تحقيقها، وهذا ينطبق عليه المثل القائل "لو دين حط رطلين".
ولو تابعنا سير الناجحين لوجدنا أنهم وضعوا أهدافهم بتدرج وصبروا واجتهدوا حتى حققوها. وهنا أذكر ما قرأته ذات يوم في كتاب 100 طريقة للسعادة، أن من يسعى للنجاح عليه أن يعلم أن عادات جيدة + تطبيقات مستمرة = نتائج جميلة، وهذا ما عبر عنه حديث رسولنا الكريم: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل".
إن التخطيط الشخصي يميز الإنسان عن الحيوان، ولقد ميز الله عز وجل في سورة الملك: "أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم"، وهذه الآية بها تأكيد أن السير في هذه الحياة يحتاج لخطة وخارطة طريق حتى لا يكون الإنسان "كالأنعام بل هم أضل سبيلاً".
والمتأمل في الأهداف حسب علم التخطيط يجدها على أنواع منها:
1- أهداف تتحقق مرة واحدة، مثل شراء جهاز ما، بناء منزل، إعادة ترميم البيت، فتح مشروع خاص.
2- أهداف تتحقق على مراحل مثل حفظ القرآن، قراءة الكتب، الرياضة، تعلم لغة جديدة، تعلم فنون الطباعة أو البرمجة.
لذا لا بد أن نضع أهداف تتناسب مع ظروفنا وانشغالاتنا ونسقي تلك الأهداف بالعنايةِ والاهتمام والسهر. وحتى ننجح في تحقيق أهدافنا علينا:
1- دراسة واقعنا جيداً، ولا تبالغ في أهدافك.
2- أن نجتهد ونصبر ولا نمل ولا نستعجل النتائج.
4- إدراك أن
النجاح لا يأتي دفعة واحدة، بل يأتي نتيجة أعمال وانشطة تدريجية تراكمية.
5- الابتعاد عن المحبِطين والمحبَطين.
6- متابعة وتنفيذ الأهداف بشكلٍ دوري.
أختم بما أجمع عليه علماء التخطيط بأن على الخطة أن تمتاز بما يلي: الواقعية، والمرونة، والشمولية، والقابلية للقياس والتحقيق والتعديل حذفاً وإضافة.
فيا عزيزي خطط لحياتك وتصور نفسك بعد عام، واجتهد لتحقق أهدافك، وتذكر أن من عاش بلا أهداف، عاش تائها في ميادين الحياة.