نشرت صحيفة "
لوموند" الفرنسية تقريرا
عن مهنة التهريب، والسياسة التي تتبعها الحكومات الأوروبية في إلقاء المسؤولية
عليهم بموجات الهجرة.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته
"عربي 21"، إنه منذ إغلاق الحدود في الثمانينيات، والتخفيض الكبير في عدد
تأشيرات الهجرة الشرعية، لم يكن أمام الفارين من بلدانهم نحو دول جنوب
أوروبا خيار
آخر سوى الاستعانة بالمهربين، وخوض غمار الرحلات غير الشرعية المحفوفة بالمخاطر.
وترى أن عمليات تهريب
المهاجرين هي نتاج لسياسة
إغلاق الحدود، وليست بأي حال من الأحوال سببا مباشرا في موجات الهجرة غير الشرعية،
لكن السياسيين الأوروبيين يتجاهلون هذه الحقيقة، ويواصلون اتهام
المهربين
بالمسؤولية عن الوفيات التي تحدث أثناء محاولات الهجرة السرية.
وحسب الصحيفة، فإن صورة "المهرب"
الذي يستغل البؤس المنتشر في عدد من الدول ويكسب المال من عمليات الهجرة غير
الشرعية، منتشرة على نطاق واسع حتى بين أشد مؤيدي استضافة اللاجئين.
"المهرب البطل"
عُرف المهرب تاريخيا بأنه شخص يعرف الطرق
والمعابر جيدا، ويعيش بين عالمين، وهو ما يسهّل عليه مهمة اجتياز الحدود.
وكان المهرب في عدد من الثقافات شخصية بطولية
تتخذ مواقف شجاعة. في بلاد الباسك على سبيل المثال، كان المهرب محبوبًا، حيث مثّل
حلقة الوصل بين أطراف الدولة المنقسمة.
وخلال الحرب العالمية الثانية، ذاع صيت عدد من
المهربين، مثل شارلو بلانتشي دانجيلتو وبول باربيران في فرنسا، وفلورنتينو
غويكوتكشيا في إقليم الباسك.
ولجأت المخابرات البريطانية والأمريكية
والفرنسية للمهربين لتنظيم عبور عملائها عبر جبال البيرينيه خلال الحرب العالمية
الثانية. وقاد المهرب أليخاندرو إليزالدي طيارين من فرنسا إلى إسبانيا ليلة 24
إلى 25 تموز/ يوليو 1941.
التهرب من المسؤوليات
وأوضحت أن السياسات الأوروبية التي تجرّم
العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي هي التي حولت التهريب من مصدر لكسب المال إلى
مهنة إجرامية، لكن طالبي اللجوء ينظرون إلى الأمر من منظور مختلف.
في ذروة ما يسمى "أزمة الهجرة"
الأخيرة، اهتمت جامعة هارفارد بدراسة نشاط المهربين على طريق البلقان. وقد أكد 75
بالمئة من اللاجئين، ومعظمهم من السوريين، عن رضاهم عن خدمات التهريب، وهم يستخدمون عبارات مثل "المرشدون، المنقذون" لوصف مهربيهم.
وتشهد دول شمال أفريقيا، مثل تونس وليبيا، تشديد
الإجراءات بدعم أوروبي لمنع الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط، لكن
المهربين يطورون أساليبهم باستمرار للإفلات من السلطات، وفي كثير من الأحيان ينتهي
الأمر بمقابر جماعية في قاع البحر.
وترى الصحيفة أن تصنيف المهرب كشخص مخالف
للقانون، وتحميله مسؤولية وفيات المهاجرين على تخوم أوروبا، يعني ببساطة أن
الحكومات الأوروبية تسعى للتهرب من مسؤولية سياساتها.