هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تنته آلام العدوان الإسرائيلي الدامي على قطاع غزة عام 2008، إلى الآن رغم مرور 13 عاما عليه، بل تثور مع كل ذكرى لما ارتكبته "إسرائيل" من مجازر بشعة أثناء عدوانها.
وبدأت الحرب الأولى التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على
قطاع غزة، بغارات شرسة طالت العديد من الأهداف المدنية ومقرات الشرطة الفلسطينية.
ألم ومعاناة مستمرة
بحسب ما شاهده مراسل "عربي21" في تلك
الأيام، فقد بدأ العدوان الإسرائيلي قبيل أذان الظهر على القطاع يوم 27 كانون الأول/
ديسمبر 2008، وبشكل مباغت كسر روتين الحياة اليومي في القطاع، وقلب حياة نحو مليوني إنسان، هم في الأصل يعانون من حصار خانق.
وشاركت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية (يفوق
عددها الـ60 طائرة) في شن هجمات متزامنة على العديد من المناطق في القطاع، وطالت عدة
مقرات لوزارة الداخلية بغزة، ما أدى في هذه الضربة الأولى إلى استشهاد أكثر من 300 فلسطيني جلهم من ضباط ومنتسبي وزارة الداخلية وإصابة المئات.
واستمرت الحرب التي أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية
"حرب الفرقان" 22 يوما، استشهد خلالها نحو 1420 فلسطينيا، ودمر ما يزيد
على ثمانية آلاف منزل تدميرا كليا وجزئيا، وشرد قرابة نصف مليون فلسطيني، فيما أكد
التقرير الدولي للقاضي ريتشارد غولدستون، أن الاحتلال ارتكب جرائم حرب بحق
المدنيين الفلسطينيين في القطاع المحاصر منذ 16 عاما.
اقرأ أيضا: "عربي21" تعيد نشر مقالين للراحل ديزموند توتو حول فلسطين
ورغم اتهام التقرير الدولي الاحتلال بارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني، فما زال ضحايا الحرب بعد 13 عاما ينتظرون تحقيق العدالة ومحاكمة قادة الاحتلال، لكنهم على ما يبدو يثقون بـ"عدالة السماء" أكثر من "عدالة الأرض".
يقول الفلسطيني صلاح طلال السموني (42 عاما) من سكان
مدينة غزة، وأحد شهود العيان على مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال بحق عائلته أثناء
عدوان 2008، في حديثه لـ"عربي21"، إن "ذكرى الحرب المؤلمة جدا لا
تفارقنا، وما زالت العائلة تعيش ألم هذه المجزرة الإسرائيلية البشعة".
وأوضح السموني
أنه فقد العديد من "أعمدة البيت"، من بينهم والده ووالدته، وبعض أعمامه
وزوجاتهم، وخالته الوحيدة وطفلته، في واحدة من أفظع المجازر التي ارتكبت بحق الشعب
الفلسطيني، وأدت إلى استشهاد نحو 30 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء وشيوخ، إضافة إلى نحو 57 جريحا، ما زال بعضهم يعاني حتى اليوم.
وأشار السموني إلى أن العديد من جرحى هذه المجزرة ما
زالوا يعانون حتى يومنا هذا، ويتلقون العلاج ومن بينهم ابنه، موضحا أنه رافق
غولدستون خلال زيارته لمكان المجزرة، حيث إنه اطلع على تفاصيل موجعة ممن فقدوا أطفالهم
وأقرباءهم وزوجاتهم وغيرهم، وكتب تقريره الذي أدان فيه الاحتلال".
خداع لإخفاء الجرائم
أعرب السموني عن "أسفه الشديد لتجميد هذا التقرير
الدولي وعدم محاكمة قادة الاحتلال على ما ارتكبوه من جرائم حرب بحق عائلات الشعب
الفلسطيني، مضيفا أن "غولدستون وعد بمحاكمة المجرمين، لكننا حتى الآن لم نر
أي شيء، وللأسف أن القاتل المجرم يزداد عنفا وإجراما، بل قام الاحتلال بتكريم وترقية
من ارتكبوا المجازر بحق شعبنا".
ويرى أن "عدم تقديم قادة الاحتلال إلى المحاكم الدولية والمماطلة في محاسبتهم ومحاكمتهم على ارتكابهم جرائم حرب، شجعهم على شن المزيد من الحروب الشرسة وارتكاب المجازر ضد شعبنا، وقتل المزيد من الأطفال والنساء والشيوخ".
وأكد السموني، أن حكومات الاحتلال المختلفة، "تشجع على
قتل المدنيين والأطفال، عبر ترقية مرتكبي الجرائم بحق شعبنا الفلسطيني"،
منوها إلى أنه "لم يلمس أي سلوك حقيقي من قبل المؤسسات الدولية من أجل ملاحقة
قادة الاحتلال، الذين تسببوا بمجزرة "السموني" وغيرها، وهناك تهميش واضح
لهذه القضية الإنسانية".
وطالب كافة المؤسسات الدولية العاملة في مجال حقوق
الإنسان وتحقيق العدالة، بأن "تعمل بشكل جاد وحقيقي على ملاحقة ومحاكمة قادة
الاحتلال الإسرائيلي"، لافتا إلى أنه رأى "مشاهد تقشعر لها الأبدان"،
من تشوهات في جثث عائلته، وغيرها من المشاهد اللاإنسانية التي قام بتنفيذها جيش
الاحتلال في حرب 2008".
وتساءل في حديثه مع "عربي21": "ما الذنب
الذي ارتكبه هؤلاء كي يقتلهم جيش الاحتلال بهذه الطريقة الشرسة؟ وأين المحاكم
الدولية من هذه الجرائم؟"، منوها إلى أن "الاحتلال يحاول خداع العالم
ويكذب عليه، من أجل أن يخفي جرائمه بحق شعبنا، نحن ننتظر العدالة في
السماء".
وقال: "13 عاما ونحن ننتظر عدالة الأرض، وحتى هذه
اللحظة لم نر شيئا، لم نر سوى المماطلة والكذب، وكنا ننتظر ونأمل أن ينفذ ما جاء
في تقرير غولدستون، ونحن لا نعرف لماذا جمد هذا التقرير"، متسائلا:
"لماذا لا تقوم المؤسسات الدولية بمحاسبة "إسرائيل" أم إنها فوق
القانون؟".