كتاب عربي 21

الافراج عن المعتقلين.. هل يكون قريباً؟!

سليم عزوز
1300x600
1300x600

"من ربى أفضل ممن اشترى"!

مثل مصري شائع، نذكره بتصرف، لأن عاميته ركيكة إذا كُتب وإن لم تكن كذلك إذا ذكر شفاهة، وقد تذكرته وهناك احتفاء بطلب إبراهيم عيسى المقرب من أهل الحكم، الإفراج عن المعتقلين السياسيين، فلأن "الجائع يحلم بسوق الخبز"، فقد اعتبره البعض كاشف عن توجه جديد بالإفراج عن المعتقلين من التيار المدني، وأنه ليس أكثر من صدى لصوت القوم في الحجر المغلقة!

فالإجماع منعقد على أن "المذكور"، من الأذرع الإعلامية للنظام الانقلابي، والأبواق الإعلامية مسيرة لا مخيرة، وكونه يقول هذا فالمعنى أنه نطق بما أملاه عليه "حضرة الضابط" الذي يدير هذه الأبواق بوساطة رسائل سامسونج الشهيرة، ولعله كان صدمة لمن سألوني فكانت إجابتي محبطة لهم، وإذا كان من الجائز أن يكون السؤال في البداية منطقياً، فقد أدهشني من طرحوا السؤال بعد ذلك، وعندما صدرت الأحكام بالسجن ضد الرموز الشبابية لهذا التيار المدني؛ علاء عبد الفتاح، ومحمد الباقر، وأوكسجين!

وإذا كان من المنطقي أن يستمر السيسي في سجن المعتقلين من الإخوان، ومن الإسلاميين كافة، فإن استمراره في سجن شباب التيار المدني يبدو مدهشاً لدى البعض، ومن ثم فقد اعتبروا أن ما ذكره "عيسى" إنما يؤكد على عدول السلطة عن شمول هذا التيار ببطشها، وهم بذلك لا يعرفون كيف يفكر السيسي وكيف يقدر!

فاستمرار التنكيل بشباب الحركة المدنية، يرجع إلى في جانب منه إلى الانتقام، ليس فقط لأنهم شاركوا في ثورة يناير، وإنما أيضاً لأنه لم يغفر لهؤلاء الشباب تطاولهم على المجلس العسكري إبان حكمه وعلى بعض رموزه، وهم وإن شاركوا في الانقلاب على الإخوان، فإنه لا يقيم علاقته في الحكم على الأشياء أو الأشخاص القرب من الإخوان أو البعد عنهم، وفي جانب آخر فإنه يعتمد دائماً سياسة الأخذ بالأحوط، وهو يتشدد في الاحتياط لنفسه، لأنه يسيطر عليه الهاجس الأمني بشكل مبالغ فيه، وجانب من تعدد قصوره الرئاسية يرجع لذلك، وهو لديه تصور خاطئ عن أن الذين شاركوا في ثورة يناير، هم شعلة نار تنتظر الفرصة لإحراق الأرض تحت أقدامه، فإذا لم يكونوا زعماء الثورة المقبلة، فإن التسامح معهم سيكون سبباً في تجرؤ آخرين، إذن فليتعلم الجميع من رأس الذئب الطائر، ليستقر في وجدان الناس، أنه لن يرحم صغيراً ولن يوقر كبيراً.

شكوى محمود عزت:

فالفيديو الرائج عن شكوى الدكتور محمود عزت القيادي بجماعة الإخوان المسلمين يأتي في سياق الدروس المجانية في هذا الصدد؛ فتصوير الجلسات بعد التجريم القانوني، لا يمكن أن تقوم به إلا السلطة وأدواتها، وإلا كان قد فتح التحقيق فوراً في انتشاره، لمعاقبة من تطاول على المحكمة وقام بهذا الفعل المجرم بنص قانون جديد، أقره النظام لتكون جلسات المحاكم قبضته!

إن سياسة الأخذ بالأحوط مردها إلى ما أفصح السيسي عنه كثيراً من أن هامش الحريات في عهد مبارك كان سبب قيام الثورة، وهو أمر ليس دقيقاً، فالدقيق أن أجهزة الأمن فعلت كل ما في وسعها من أجل فرض القبضة الأمنية، التي بدأت في الارتخاء بسبب الانتهاء الحقيقي لحكم مبارك، واستفزاز سياساته، وبدأ انهيار هيبته، فضلا عن ضغوطاً أمريكية في عهد بوش الابن، بدأت بتفجير البرجين، والذي كان يؤمن بأن دول الاستبداد العربي هي السبب في انتقال الإرهاب إلى بلده، ومن ثم كانت ضغوطه في اتجاه التحول الديمقراطي، فكانت الصحف الممولة أمريكياً، وكان كلا منهما يحاول هندسة الموقف بطريقته!

فالأجهزة الأمنية لم تتوقف عن التنكيل بالنشطاء، عياناً بياناً وأمام الكاميرات، وحدث أن تم الاعتداء من قبل الشبيحة الذين يحيطون برجال الأمن بالصحفية نوال علي أمام نقابة الصحفيين، ومرة أخرى صدرت إدانة أمريكية لهذا الفجور، لكن مثل هذه الممارسات كانت سبباً في اتساع نطاق المعارضة حتى وصلت لقوى محافظة بطبيعتها مثل نادي القضاة!

 

الفيديو الرائج عن شكوى الدكتور محمود عزت القيادي بجماعة الإخوان المسلمين يأتي في سياق الدروس المجانية في هذا الصدد؛ فتصوير الجلسات بعد التجريم القانوني، لا يمكن أن تقوم به إلا السلطة وأدواتها، وإلا كان قد فتح التحقيق فوراً في انتشاره، لمعاقبة من تطاول على المحكمة وقام بهذا الفعل المجرم بنص قانون جديد

 



ومرة أخرى يتحايل مبارك على الأمر في اتجاه القمع، فألغى الإشراف القضائي على الانتخابات، وأغلق الاستوديوهات في وجه قنوات تلفزيونية كما حدث مع قناة بي بي سي، ثم كانت الطامة الكبرى بالانتخابات البرلمانية التي جرت في سنة 2010، التي سدت كل أبواب التغيير عبر الأطر الشرعية، وفي المقابل فان الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن ضد استمرار مبارك في الحكم، لكنها كانت تحتاط لفكرة تغييب الموت له، وإذا لم ينجح في التوريث فلابد من أن تصنع البديل على عينها، وكان هذا البديل هو الدكتور البرادعي، الذي لم يكن مؤهلاً لشيء من هذا، مع الوضع في الحسبان أن واشنطن وإن لم تؤيد التوريث فإنها لم تعارضها!

ومن هنا فإن اليأس من التغيير السلمي كان سبباً في ثورة يناير، والتي خرجت لتتحدى القبضة الأمنية وقد وصل غشمها إلى سحل قاض أمام نادي القضاة!

بيد أن قناعة السيسي غير ذلك، وهو يرى أن أي ثقب إبرة يمكن أن تنفذ منه الثورة، فلا يسمح بأي قدر من الحرية، كإجراء احترازي، ولهذا فان الإفراج عن المعتقلين ولو كانوا ضمن القوى المدنية، ليس مسموحاً به، وليس مسموحا لصوت مختلف في البرلمان كما جرى بإبعاد النائب أحمد طنطاوي!

إبراهيم عيسى ماذا هناك؟

والحال كذلك، فماذا وراء غضب إبراهيم عيسى في برنامجه بقناة مصرية من استمرار اعتقال شباب الثورة، ومطالبته بالإفراج عنهم، وكأنه كان نائماً واستيقظ فهم في السجون منذ سنوات ولم يعتقلوا قبل شهور؟!

لأن من ربى أفضل ممن اشترى، فإن مثلي يعرف أنه من المستحيل أن يكون هذا الدفاع مرده إلى أن إبراهيم عيسى، ليس هو من يتحرك بهدف الدفاع عن الحريات، لأنه فيما يختص بها فإنه يدور مع نفسه وجوداً وعدماً!

لقد أغلقت صحف في عهد مبارك، وسجن صحفيون وشردوا وعذبوا، فلم يضبط متلبساً بموقف دفاع عن أحد، لكنه إذا تعرض لاستدعاء للمثول أمام النيابة فإنه يحول ذلك كما لو كان العدوان الأول على حرية الصحافة، ويجد دائماً من يؤوب معه، وتقديمه على أنه مانديلاً، فيذهب إلى النيابة في زفة، وقد أقامت المنظمات الدولية الدنيا وأقعدتها في عهد مبارك لمجرد إحالة النيابة لأربعة صحفيين، كان من بينهم عيسى ووائل الإبراشي، وحصل إبراهيم بسبب ذلك على جوائز صحفية دولية، في وقت سجن فيه زملاء وأغلقت فيه جريدة "الشعب"، دون أن يمثل هذا شيئاً لهذه المنظمات، فالغرب ينصع نخبته، وكانت صحيفة "الشعب" تقف على خط النار انحيازاً لقضايا الأمة، ومدفعاً في مواجهة عدوها، وهي قضايا لا تشغل إبراهيم فلهذا يتبناه الغرب!

 

ماذا وراء غضب إبراهيم عيسى في برنامجه بقناة مصرية من استمرار اعتقال شباب الثورة، ومطالبته بالإفراج عنهم، وكأنه كان نائماً واستيقظ فهم في السجون منذ سنوات ولم يعتقلوا قبل شهور؟!

 



وقد وقفت قبل سنوات ضد قرار السلطة بإغلاق جريدة "الدستور"، الصادرة بترخيص أجنبي، لنشرها خبراً كاذباً لصالح نجيب ساويرس، رآه مبارك يهدد السلم الداخلي، وعندما عادت بقبول حكومي، لحسابات يطول شرحها، وأحيل إبراهيم للنيابة في قضية نشر طلبت مني زميلة المشاركة معهم في حملة تضامن معه، فحدث أن سألتها ومع من تضامن إبراهيم عيسى، والمهنة تتعرض لتحديات كبيرة، ومن المعروف أن حكما صدر بسجنه شهرين، تنازل عنه مبارك، الذي سجن في عهده مجدي أحمد حسين، رئيس تحرير "الشعب" وأربعة من زملائه بهذه الصحيفة من بينهم رسام الكاريكاتير بالجريدة، قبل إغلاقها في وقت لاحق!

واستغل هذا العفو الرئاسي الكريم، في دعم الأسطوانة المشروخة عن العهد الذي لم يقصف قلماً، ولم يصادر صحيفة، ولم يسجن صحفياً، وتواطأ عيسى مع هذه الدعاية، لأنه يتمحور حول ذاته، ومن هنا يكون السؤال منطقياً من وراء هذه الدعوة التي أطلقها بالإفراج عن المعتقلين!

إن من الواضح أن جهة ما داخل السلطة، هي وراء هذه الدعوة، لكن جهة أكثر نفوذاً هي من تملك سلطة الحبس، وإنزال العقاب، ولا يعني هذا أن هناك صراعاً على السلطة في مصر، ولكنه صراع على النفوذ لخدمة السلطة الأعلى، وقد ترى هذه الجهة أنه للحفاظ على هذا النظام لابد من إزالة الاحتقان، وتهدئة اللعب، والتوقف عن هذا الشحن المتواصل، الذي يهدد باحتمال انفلات الموقف! وعندما نعرف أين "تمام" إبراهيم عيسى بحسب بالمعنى العسكري، فسوف نقف على الجهة العاقلة في هذا البلد!

إبراهيم عيسى لا يبشر بانفراجة..


التعليقات (5)
rr
الثلاثاء، 28-12-2021 07:39 م
الى الاستاذ سليم عزوز ممكن تشرح لنا معنى كلمه مثلى فى الجزء الاتى....لأن من ربى أفضل ممن اشترى، فإن مثلي يعرف أنه من المستحيل أن يكون هذا الدفاع مرده
صابر
الثلاثاء، 28-12-2021 09:19 ص
هذه مافيا مغتصبة للحكم لا تنتظروا منها اي خير و هي تعمل بقوانين المافيا الإجرامية و هذا مثل جار لنا كان يربي كلبا من الانواع الغالية و انقد هذا الكلب على كتف ابن صاحب الكلب و غرز اسنانه في الكتف و سمعنا صراخ الام و الاب فذهبنا لهم وجدنا الاب يجذب ابنه و الكلب يرفض ان يترك الابن فأخذنا نضرب الكلب على راسه حتى مات و ترك كتف الابن و اخذنا الابن للمستشفى هذه قصه حقيقيه تعبر عن السيسي الذي هو الكلب المسعور هنا فهو يعيش على قتل المصريين حتى نظل مرعوبين منه و لا يمكن التخلص منه بالحسنى و لكن بمثل ما تخلصنا من الكلب المسعور لان السيسي لو دخل اي محكمة منصفه حاكمته على قتل المصريين و الخيانة و بيع الأرض و البحر و النهر لطارت راسه فورا و هو يعلم ذلك لذلك فحياته دون حياة المصريين الذي سيظل يقتل فيهم ليظل الرعب منه موجود ويظل السيسي مغتصبا للحكم بمعنى تصور ان لصا اغتصب بيتك فما الذي سيمنعك من طرده الا اذا كنت خائف منه و قد يصنع الخوف بقتل احد ابنائك كل فترة فان تظل خائف و تتركه سيظل يقتل ابنائنك و مغتصبا لبيتك بمعنى ان الخوف منه لن يجعله يتوقف عن القتل او اغتصاب الحكم فالذي يوقفه هو ان نضربه على راسه مثل الكلب المسعور.
أعتقد أنه سيفرج عنهم!
الإثنين، 27-12-2021 11:44 م
أعتقد أن رئيس الانقلاب سيُفرج في نهاية المطاف عن الثلاثة من التيار المدني المذكورين في التعليق ومنهم علاء عبد الفتاح، لا لشيء إلا لأنه يعلم أنهم، وخاصة ألمانيا والولايات المتحدة اللتان طالبتا بالإفراج عنهما، لا يهتمون بعشرات الآلاف من الإخوان والإسلاميين الآخرين الذين يسومهم النظام الانقلابي سوء العذاب. كما أنه لا يقوى على رفض طلب هذه القوى في آخر اليوم، وكان قد استجاب خانعاً ذليلاً لأوامر ترامب بالإفراج عن آية حجازي ومحمد سلطان وغيرهم. وما التمثيلية التي حدثت منذ أيام وحكم على الثلاثة فيها بالسجن خمس سنوات إلا لكي يحاول إقناع الراي العام المصري بأنه مستقل في قراراته وليس خانعاً ذليلاً. والذي سيحدث في الأسابيع وليس الشهور القادمة هو الإفراج عن الثلاثة من محكمة أعلى درجة، لكي يحاول التضليل بأن المسألة مسألة قضائية بحتة. وإنا لمنتظرون.
أعتقد سيفرج عنهم!
الإثنين، 27-12-2021 10:23 م
أعتقد أن رئيس الانقلاب سيُفرج في نهاية المطاف عن الثلاثة من التيار المدني المذكورين في التعليق ومنهم علاء عبد الفتاح، لا لشيء إلا لأنه يعلم أنهم، وخاصة ألمانيا والولايات المتحدة اللتان طالبتا بالإفراج عنهما، لا يهتمون بعشرات الآلاف من الإخوان والإسلاميون الآخرون الذين يسومهم النظام الانقلابي سوء العذاب. كما أنه لا يقوى على رفض طلبهم في آخر اليوم، وكان قد استجاب خانعاً مطيعاً لأوامر ترامب بالإفراج عن آية حجازي ومحمد سلطان وغيرهم. وما التمثيلية التي حدثت منذ أيام وحكم على الثلاثة فيها بالسجن خمس سنوات إلا لكي يحاول إقناع الراي العام المصري بأنه مستقل في قراراته وليس خانعاً ذليلاً. والذي سيحدث في الأسابيع وليس الشهور القادمة هو الإفراج عن الثلاثة من محكمة أعلى درجة، لكي يحاول التضليل بأن المسألة مسألة قضائية بحتة. وإنا لمنتظرون.
الكاتب المقدام
الإثنين، 27-12-2021 10:18 م
*** البعد الإنساني في قضية المعتقلين السياسيين لا يخفى، وما يعانيه المعتقلون وأسرهم من آثار الاعتقال المادية والاجتماعية والإنسانية، هو أمر تتحمل وزره العصابة الانقلابية ومؤيدوها، وهو الذي كشف كذب المقولة التي كانت رائجة عن القضاء الشامخ المستقل، والذي أظهر دونية وتبعية أعضاء من الهيئات القضائية فضلاً عن الشرطية وعمالتهم وانبطاحهم تحت بيادة العسكر، والسكوت المخذي لآخرين منهم عما يرتكب من جرائم في حق أبناء هذا الشعب، ومشاركتهم في ذلك الإجرام مقابل أموال السحت التي تلقى إليهم لإسكات ضمائرهم، وتضحيات المعتقلين لا تزيد عن تضحيات أسر الآلاف الذين تم قتلهم عمداُ برصاص قناصة العصابة الانقلابية المتسربلين بالزي الرسمي، وعشرات الآلاف غيرهم ممن أصيبوا بعاهات مستديمة، وبعضهم لم يكونوا من المشاركين في التظاهرات ولكن تصادف وجودهم في أماكن التظاهر، والاعتقال العشوائي سيظل مستمراُ من أجل إخافة وإخضاع كل فئات الشعب بمختلف طوائفه لسلطة جنرالهم الدجال المنقلب وعصابته، وما مسرحية الاعتقال والإفراج إلا لإظهار الجنرال الدجال بصورة العملاق القادر المعبود الذي يحيي ويميت، وبأن بيده الأمر كله، والواقع الذي لا يخفى عن عاقل أنه مسخ يرتعد رعباً من أقرب الأقربين إليه، وقد قام بتصفية غالبية من يحيطون به ممن دعموه ووقفوا بجانبه، وبعض مؤيدي انقلابه الخسيس قابعون اليوم في معتقلاته أو في المنافي يلعنون اليوم الذي أيدوه فيه، ونهايته ونهايتهم قريبة يوم ينكشف الغطاء عن عمالتهم، وسيتم التضحية به من أجل تبييض ساحة من أتوا به ورفعوه على سدة الحكم، ولكن الشعب اللاهي المنخدع بإفكهم والساكتين عنهم، سيدفعون ثمناُ غالياُ، لا يقل عما دفعه آباءهم في هزيمة 1967، الذين أيدوا وسكتوا عن إجرام عصابة عسكر 1952، والله أعلم بعباده.