هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تواصل المعارضة التونسية التحشيد للمظاهرات، المقررة في العاصمة تونس الجمعة، تزامنا مع الذكرى الحادية عشر لاندلاع الثورة، ورفضا لقرارات الرئيس قيس سعيّد.
ولا تبدو صفوف المعارضة التونسية موحدة، رغم اتفاق غالبية الأحزاب على خطورة توجهات الرئيس سعيّد تجاه التجربة الديمقراطية بتونس، لاختلاف قراءة المشهد السياسي منذ 25 تموز/ يوليو الماضي.
وتوسعت دائرة الرفض لقرارات سعيّد خلال الفترة الماضية، خصوصا بعد كشفه عن خارطة طريق تتضمن تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022، وعرض مشاريع تعديلات دستورية لصياغة دستور جديد على الاستفتاء في تموز/ يوليو المقبل.
ورغم الإجماع والموقف المشترك من رئيس الجمهورية، يبدو أن الأحزاب التونسية اختارت العمل دون تنسيق، وهو ما اتضح الثلاثاء الماضي في ندوة صحفية لأحزاب "التيار الديمقراطي" و"الجمهوري" و"التكتل" التي دعت لمظاهرات يوم الجمعة المقبل.
وكانت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" دعت الأحد الماضي إلى التظاهر بتونس العاصمة، يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر، ضد الرئيس سعيّد، وكذلك فعلت بعض منظمات المجتمع المدني وأحزاب أخرى.
دوافع التقارب
ولا يعني التشارك في موعد ومكان الاحتجاج ضد سعيّد توحد المعارضة، وهو ما أكده أمين عام حزب "التكتل" خليل الزاوية في تصريح لـ"عربي21" قائلا: "موقعنا مختلف عن موقع بقية معارضي قيس سعيّد".
وتابع: "اتفقت الأحزاب والأطراف الاجتماعية والديمقراطية بخصوص الموقف من سعيّد، لكننا اشتغلنا على توحيد الصفوف منذ بداية السنة، وليس فقط بعد 25 تموز/ يوليو، لكن قرارات الرئيس دفعت أكثر نحو هذا التقارب".
وأوضح الزاوية أن "هناك جزءا من المعارضة يقع بالقرب من حركة النهضة، لكن ليس لنا نفس التوجهات التي تدعو إلى عودة البرلمان برئاسة راشد الغنوشي مثلا".
وأشار الوزير السابق إلى أن "الأحزاب الاجتماعية والديمقراطية اقترحت خارطة طريق مشتركة، للخروج من الأزمة، ويوجد عمل مشترك فيما بيننا من أجل أرضية تحالف".
وأردف: "تواصلنا مع الاتحاد العام التونسي للشغل لم ينقطع، ونحن دفعناه نحو تبني مسألة الخط الثالث، لنؤكد أنه لا يمكن حل الأزمة من خلال الثنائية بين طرفين اثنين".
اقرأ أيضا: البرلمان التونسي يعلن رفضه تعطيل عمله سنة أخرى
من جانبه، أرجع المحلل السياسي زياد بومخلة انقسام المعارضة التونسية إلى عدم وقوف كل الأطراف على نفس الأرضية وعلى نفس المسافة من الانقلاب، مبينا أن "ذلك يعود إلى أن بعض الأحزاب مثل التيار الديمقراطي لم تكن معارضة لسعيّد منذ البداية، بل تدعمه"، وفق تقديره.
ورأى بومخلة في حديث لـ"عربي21" أن "هناك عاملا آخر غير مساعد على التقاء المعارضة، وهو حركة النهضة، التي كانت سببا في تحالف بعض الأحزاب مع سعيّد ضدها، وحملوها مسؤولية الحكم".
وأوضح: "صيغة المعارضة الحالية أيضا من أسباب انقسامها، ذلك أن كل الأحزاب ليس لها بديل أو مشروع واضح، هي فقط تعارض سعيّد دون أي شيء واضح"، على حد قوله.
وشدد المحلل السياسي على أن "كل الأحزاب مارست الحكم وهي مسؤولة عن الفشل، ولم تقم بمراجعات".
من جهة أخرى، قال زياد بومخلة إن "التحركات المعارضة لقيس سعيّد يقف وراءها جمهور مسيس ومؤدلج"، معتبرا أن "ماكينة حركة النهضة تقف خلف هذه التحركات، مقابل غياب شارع مواطني حقيقي لسعيّد، وهو ما أدى إلى تشتت المعارضة وانقسامها".
ائتلاف حزبي
في المقابل، قال عضو البرلمان ورئيس المكتب السياسي لـ"حركة النهضة" بلقاسم حسن إن التقاء ثلاثة أحزاب فقط ضد سعيّد، لا يعني توحد صفوف المعارضة.
وأفاد حسن في تصريح لـ"عربي21" بأن "النهضة كانت الطرف الوحيد الذي قال إن سعيّد قام بانقلاب في 25 تموز/ يوليو".
وأوضح القيادي بـ"النهضة" أن "هناك أحزابا عدة ضد الانقلاب، منها التيار الديمقراطي والجمهوري والتكتل ومجموعة اللقاء الوطني الديمقراطي التي تضم بعض الشخصيات وحزب العمال".
واستدرك: "تحرك يوم 17 كانون أول/ ديسمبر سيضم عديد الأطراف والقوى السياسية، من ضمنهم حراك مواطنون ضد الانقلاب الذي انخرطت فيه حركة النهضة".
وكشف بلقاسم حسن أن "النهضة دخلت في ائتلاف يضم 8 أحزاب، منها قلب تونس، وائتلاف الكرامة، حيث بدأنا التنسيق منذ البدايات".
وتابع: "لسنا في قطيعة مع بقية الأحزاب، ورغم توحد الموقف من سعيّد، إلا أن لكل طرف رأيه وموقفه بشكل منفصل عن الآخر".
وقال: "بعض الأحزاب مثل التيار أو حركة الشعب هيأت في السابق كل الظروف لوقوع هذا الانقلاب ودفعوا إليه، لكن عندما علموا أنه لما يؤكل الثور الأبيض تؤكل بقية الثيران، أصبحت لهم رؤية أن سعيّد قام بانقلاب"، بحسب وصفه.
واستكمل بقوله: "نحن نعتبر ذلك تحولا إيجابيا، لكن لا يعني بالضرورة أن تتوحد كل المعارضة، بقية الأطراف ليس لها وزن اجتماعي وحركة النهضة دائما تسعى إلى أن تكون في أوسع لقاء وطني برفقة أعرض الفئات الاجتماعية والشعبية".