هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد قرابة الخمسة أشهر
من انقلابه على البرلمان والحكومة، يخرج الرئيس قيس سعيد ليتحدث للشعب ويقدم خارطة
طريق للمرحلة الاستثنائية، خروج اعتبر على عجل وتحت الضغط المتزايد داخليا وخارجيا،
واستباقا لما يمكن أن يحدث من تحركات في السابع عشر من كانون الأول ذكرى اندلاع
الثورة.
مجموعة من القرارات
أعلنها سعيد أهمهما مواصلة تجميد البرلمان، إلى حين إجراء انتخابات تشريعية مبكرة،
ووفقا لقانون انتخابي جديد في السابع عشر من كانون الأول 2022، ولكن أية دلالة لما
أعلنه سعيد من حيث المضمون والتوقيت؟ وهل يعد خطاب سعيد قطعا للطريق أمام التحركات
المنتظرة ضده أم تأكيدا للحاجة إليها؟
خطبة الوداع
الأستاذ الجامعي سفيان
علوي قال في حديث لـ"عربي21" إن "خطاب سعيد قد قيل على عجل ولا
يحمل مفاجآت تذكر إلا من حيث توقيته ومن حيث سقف الانتظارات المتوقعة لموعد 17
كانون الأول فمن حيث التوقيت يبدو عبارة عن ولادة مبكرة لمرحلة ما بعد 22 أيلول أو
النسخة المتحولة لـ25 يوليو وهو صيغة استباقية لموعد الجمعة القادم ولجملة
التحركات التي رتبت على هامشه ومنها تحرك القضاة وتحرك مواطنون ضد الانقلاب، وهو
يحسب على المناورة واستعادة المبادرة".
ويرى الأكاديمي علوي
أن الخطاب ومن حيث سقف الانتظارات "مفاجأة وكان دون المتوقع والذي ساد الحديث
عنه في الأيام الفارطة من حل للبرلمان وتعليق صريح للدستور ومعه حل كل الهيئات
الدستورية وأولهم المجلس الأعلى للقضاء".
بدوره قال الناشط
السياسي وعضو حراك "مواطنون ضد الانقلاب" الأمين البوعزيزي لـ"عربي21"، إن كان خطابا "لرئيس سلطة انقلاب، والبارحة مر الانقلاب إلى إجراءات أكثر تهديدا
وخاصة في ما يتعلق بالقضاء، فالرئيس بات عاجزا أمام الحصار الداخلي والخارجي فأصبح
يهدد بإزاحة من هو عقبة أمامه".
ووصف البوعزيزي كلمة
سعيد بـ"خطاب الهروب إلى الأمام، الرجل لا يعترف لا بالدستور ولا
بالديمقراطية النيابية وإن أجبر على ذلك فهو يبحث عن مخارج وفق مقاسه".
هل يتحرك الشارع؟
وطالبت مجموعة من
الأحزاب وشخصيات وطنية في الساحة التونسية بالنزول للشارع والتظاهر رفضا لقرارات
الرئيس قيس سعيد الأخيرة.
ودعت الأحزاب
والشخصيات كل القوى الديمقراطية والمدنية للمشاركة في تحرك شعبي رفضا
"للانقلاب" وذلك بالتزامن مع ذكرى اندلاع الثورة.
فيما دعا أمين عام الحزب
الجمهوري أحمد نجيب الشابي إلى ضرورة تكثيف الضغط من أجل التصدي "للانحرافات
الخطيرة التي يقوم بها قيس سعيد والتي تنسف مقومات الدولة المدنية الديمقراطية".
وعن تقبل الأحزاب لما
أعلنه سعيد يرى الأستاذ والنقابي عبد السلام الككلي في قراءة لـ"عربي21"، "هناك معطى جديد توضح بعد الندوة الصحفية لأحزاب "التيار والجمهوري
والتكتل" صبيحة 14 كانون الأول فقد
قررت هذه الأحزاب النزول إلى الشارع الجمعة القادم، أخيرا فهمت هذه الأحزاب أن
الموقف ضد سعيد ليس بالضرورة مشاركة للنهضة في تحركاتها".
ولفت الككلي إلى أن
حركة مواطنون ضد الانقلاب استطاعت في آخر الأمر أن تجمع الفرقاء في مظاهرة واحدة، ولعل
هذا سيكون مقدمة للتنسيق بين كل الرافضين لانقلاب سعيد سواء الذين قرروا المشاركة
في المظاهرة أو أولئك الذين لم يحسموا
أمرهم.
وتساءل النقابي الككلي: "ماذا سيكون رد فعل الاتحاد العام التونسي للشغل أمام الإهانة.. أمام
الاحتقار الذي واجه به قيس سعيد المنظمة الشغيلة وخاصة أمام الكارثة الاقتصادية التي تنتظر تونس؟".
من جهته يقول الأمين
البوعزيزي إن "مبادرة مواطنون ضد الانقلاب كانت أول من تحرك منذ اليوم الأول
للانقلاب، وحشد عشرات الآلاف في الشارع، وخروجنا يوم 17 كانون الأول محطة من المحطات
المتواصلة لإسقاط الانقلاب".
وأكد البوعزيزي أن
"الرئيس حاول استباق التحركات المنتظرة، وشخصيا أرى أنه بذلك قدم هدية
للتحركات القادمة، وليس إرباكا لها، فهو وفر أكثر المبررات للخروج، حتى عند من
كان مترددا، والرئيس البارحة هاجم مسانديه أكثر حتى من منتقديه، فهو لم يترك له
صديقا".