هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يسود التوتر بين تركيا وبين المجلس الأوروبي الذي أطلق إجراء تأديبي بحق أنقرة على خلفية رفضها الإفراج عن رجل الأعمال عثمان كافالا، المتهم حاليا بدعم محاولة الانقلاب بالبلاد في 15 تموز/ يوليو 2016.
وفي 3 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، اتفقت لجنة الوزراء الحقوقية التابعة للمنظمة الأوروبية على الخطوة، بعدما رفضت تركيا مرارا الامتثال إلى حكم صدر عام 2019 عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يقضي بالإفراج عن كافالا، وفق بيان المجلس.
ويضع قرار اللجنة الوزارية، الذي يحتاج إلى موافقة الأغلبية بالثلثين، تركيا حاليا قيد مذكرة رسمية مفادها أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ستتولى النظر في فشلها في إطلاق سراح كافالا.
وستقرر المحكمة بعد ذلك بشأن ما إذا كان عدم تطبيق تركيا لقرارها يمثل انتهاكا إضافيا للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ولدى تركيا مهلة أقصاها 19 كانون الثاني/ يناير للرد، وبعدها ستحيل اللجنة القضية مجددا إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في اجتماعها المقبل في الثاني من شباط/ فبراير.
ويتيح النظام الأساسي لمجلس أوروبا تعليق حق دولة عضو في التصويت في اللجنة الوزارية أو حتى طردها كإجراء عقابي أخير. لكن ما زالت هذه القضية بعيدة عن الوصول إلى هذه المرحلة، علما بأن هناك آلية لحل منازعات من هذا القبيل.
اقرأ أيضا: مجلس أوروبا يطلق إجراء تأديبيا بحق تركيا بسبب "كافالا"
أردوغان: لا نعترف بالقرارات المتعلقة حول كافالا ودميرتاش
وتعقيبا على الإجراء الأوروبي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء الماضي، إن أنقرة لا تعترف بقرارات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بملفي عثمان كافالا وصلاح الدين دميرتاش.
وأوضح أردوغان في تصريحات تصعيدية ضد المجلس الأوروبي، أنه لا يعترف بقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن كافالا ودميرتاش، ولا تعنيه وهي باطلة ولاغية، وأيا كانت العقوبات التي يريد مجلس أوروبا اتخاذها فليتخذها، "هذا الأمر لا يهمنا"، مؤكدا أن الأحكام الأوروبية ليست فوق القضاء التركي.
هل تراجع تركيا التزاماتها المتعلقة بتنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية؟
الكاتب التركي سيدات أرغين في تقرير على صحيفة "حرييت"، أشار إلى أن تصريحات الرئيس أردوغان أظهرت تفسيرا بأنه لا يعترف بقرارات المحكمة الأوروبية في إطار شمولي.
وتساءل الكاتب، حول ما إذا كانت تصريحات أردوغان رد فعل سياسيا قاسيا تجاه لجنة وزراء مجلس أوروبا التي تشرف على تنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بسبب كافالا ودميرتاش، أم إن الرئيس التركي سيذهب لخطوات أبعد من ذلك يراجع فيها التزامات تركيا المتعلقة بتنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية.
ورأى أن التوجه للخيار الثاني قد يخلق بلا شك وضعا حساسا للغاية من حيث علاقات تركيا مع العالم الغربي بشكل عام، لأن تركيا بصفتها طرفا في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان فهي ملتزمة بتنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
اقرأ أيضا: من هو "كافالا" المتسبب بأزمة دبلوماسية بين تركيا و10 دول؟
وأوضح أن إثارة النقاش بهذه المسألة له جانب بشأن المادة 90 من الدستور التركي، لافتا إلى أن من أهم الإصلاحات التي قام بها حزب العدالة والتنمية خلال فترة ولايته الأولى تعديل المادة 90 من الدستور عام 2004، حيث تم قبول أحكام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية وتطبيق أحكام المعاهدة الدولية في النزاعات كمرجع أساسي بسبب تضمن القوانين التركية أحكاما مختلفة في هذا الإطار.
ولفت إلى أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واحدة من أهم المعاهدات الدولية في هذا المجال، ويتضمن ذلك الأحكام القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وتابع بأنه مع التعديل المذكور فقد اكتسبت الاتفاقية وقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مكانة أعلى من القوانين وقرارات المحاكم في تركيا بالتسلسل الهرمي للقواعد.
وتساءل الكاتب: هل ستدخل تلك التعديلات عام 2004 اتجاها مغايرا؟ مشيرا إلى أن الإجابات تكمن في تطبيقات ذلك في الفترة المقبلة.
ورأى أنه من المرجح أن يحافظ أردوغان على خط المواجهة المتزايد ضد المؤسسات الأوروبية في إطاره السياسي خلال الفترة الحالية، لكن قد يتشكل هيكل علاقة متصدع بين تركيا والمجلس الأوروبي لا يصل إلى كسر الجسور بينهما، لكن المشاكل التي قد تنشأ في مسألة تنفيذ بعض القرارات لا سيما الحساسة قد تظهر على السطح.
ولفت إلى أن بيان وزارة الخارجية التركية جاء في هذا الطرح، والذي أشار إلى أن "إبراز قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بحق كافالا على وجه الخصوص دون غيره من القرارات الصادرة عن المحكمة نفسها وغير المنفذة حيال قضايا أخرى في دول مختلفة، يعتبر نهجا غير متسق".
وأكد بيان الخارجية، أن تركيا العضو المؤسس للمجلس مضطلعة بمسؤولياتها المنبثقة عن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن البلاد نفذت 3 آلاف و674 قرارا صادرا عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بينها 128 قرارا خلال العام الجاري.
وقال الكاتب سيدات أرغين، إن المطلوب من تركيا الرد على لجنة وزراء المجلس الأوروبي قبل 19 كانون الثاني/ يناير المقبل، مشيرا إلى أن محاكمة كافالا ستعقد قبل يومين من هذا التاريخ (17 كانون الثاني/ يناير)، لافتا إلى أن التساؤل المهم هو: كيف ستصوغ وزارتا العدل والخارجية ردا للجنة الأوروبية، لا سيما بعد تصريحات أردوغان بأن أنقرة لا تعترف بتلك القرارات؟
وأوضح أنه إذا كان الرد الذي قد ترسله أنقرة غير مرض، ولم يحدث أي تغيير بشأن احتجاز كافالا، فستجري لجنة الوزراء تصويتا ثانيا بحق تركيا في 2 شباط/ فبراير المقبل، وهذا يعني وضع العقوبات على جدول الأعمال.
ميزان التصويت
من أجل اتخاذ قرار جديد في لجنة مجلس وزراء مجلس أوروبا، فإن ذلك يلزم تصويت ثلثي الدول الأعضاء البالغ عددها 47 دولة (أي 32 دولة).
وبحسب التصويت الذي أجري الأسبوع الماضي، فإن 35 من أصل 47 دولة عضوا في مجلس أوروبا أيدت الشروع بإجراء تأديبي بحق تركيا، فيما رفضت ثلاث دول وهي تركيا وأذربيجان والمجر الإجراء.
وامتنعت سبع دول أخرى عن التصويت وهي روسيا ورومانيا وأوكرانيا وجورجيا وألبانيا وصربيا ومولودوفا، فيما لم تشارك بولندا والبوسنة والهرسك في التصويت.
كما أن 24 من أصل 27 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي صوتت لصالح الإجراء التدريبي بحق تركيا، والمجر هي العضو الوحيد الذي صوت لصالح تركيا، فيما امتنعت رومانيا عن التصويت ولم تشارك بولندا العضو في الاتحاد فيه.
اقرأ أيضا: محكمة تركية تقرر تمديد اعتقال رجل الأعمال عثمان كافالا
وأيدت 11 دولة في مجلس أوروبا غير منضمة للاتحاد الأوروبي بما في ذلك المملكة المتحدة والنرويج وسويسرا وآيسلندا، الإجراء ضد تركيا.
ويتبين أن الدول التي امتنعت عن التصويت ولم تشارك فيه هي بلدان أوروبا الشرقية والبلقان.
وفي الاجتماع الذي سيعقد في 2 شباط/ فبراير المقبل، إذا لم تحدث تركيا أي تغيير بالنسبة لوضع كافالا، فإن توازن الأصوات قد يظهر على ذات النمط الذي سار عليه التصويت الأسبوع الماضي في لجنة وزراء مجلس أوروبا.
يشار إلى أن هذه هي المرة الثانية التي يستخدم فيها مجلس أوروبا هذه الإجراءات ضد إحدى البلدان الـ47 المنضوية فيه. وكانت المرة الأولى عام 2017 عندما أطلق إجراء مشابه ضد أذربيجان لرفضها إطلاق سراح معارض.
ووضع الإجراء عام 2010 لضمان الامتثال الكامل لقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الملزمة قانونيا للدول الأعضاء، فيما تتولى اللجنة الوزارية الإشراف على تطبيق قرارات المحكمة.