هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توقع رئيس المجلس السوري للتغيير، وعضو اللجنة الدستورية، حسن الحريري، تزايد الضغوط الدولية ضد النظام السوري خلال الفترة المقبلة، منوها إلى أنه ربما يقوم مجلس الأمن بإصدار قرار بتشكيل محكمة خاصة بسوريا تنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المُرتكبة خلال السنوات الماضية.
وأكد الحريري، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن التطبيع العربي الذي ظهر مؤخرا مع النظام السوري لا يمكن اعتباره ذا أهمية كبيرة للنظام، فهناك اتفاق دولي على حل الصراع في سوريا سياسيا، وعن طريق تنفيذ قرارات مجلس الأمن.
وتوقع رئيس المجلس السوري للتغيير، عدم عودة النظام بشكله الحالي إلى جامعة الدول العربية، خاصة أن "هناك أصواتا عالية جدا مناهضة لهذه العودة، وذلك بعدما أدرك الكثيرون أن هذا النظام يرتمي في حضن إيران بشكل كامل".
وأوضح أن "الجولة السادسة لاجتماع اللجنة الدستورية لم تفشل بعد، وإنما كانت مخيبة للآمال، بسبب تهرب وفد النظام من الوصول إلى اتفاق بخصوص إقرار صياغات المبادئ السياسية التي تم طرحها وإعلان الاتفاق عليها"، منوها إلى تعطّل انعقاد الجولة السابعة حيث من المقرر عقدها في شباط/ فبراير المقبل بعدما كان من المفترض انعقادها خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
وتاليا نص المقابلة الخاصة:
ما هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلى فشل الجولة السادسة لاجتماع اللجنة الدستورية السورية؟
الجولة السادسة لم تفشل بعد، وإنما كانت مخيبة للآمال، والسبب المباشر يعود إلى تهرب وفد النظام من الوصول إلى اتفاق على إقرار صياغات المبادئ السياسية التي تم طرحها وإعلان الاتفاق عليها ذلك أن هذا الوفد لا يملك إرادة حرة تمكنه من مناقشة القضايا بمعزل عن إرادة سلطة الأمر الواقع بدمشق، وهذا كان السبب المباشر في إعلان عدم الاتفاق على الصياغات.
ما طبيعة المقترحات التي تم طرحها خلال اجتماعات الجولة السادسة؟
المبادئ التي تم طرحها هي أربعة مبادئ أساسية هي: سيادة الدولة واستقلالها، وسيادة القانون، والإرهاب، والجيش والأجهزة الأمنية. من حيث التقييم هي مسائل هامة للغاية ولا يخلو دستور في دول العالم من مناقشتها وصولا لإقرارها لما لها من أهمية بالغة تؤثر على كافة مرافق الدولة وسياساتها وقرارها.
إلى أي مدى هناك توازن بين الطرفين المفاوضين ضمن إطار اللجنة الدستورية؟
لا يوجد توازن بين الطرفين المفاوضين، وهذا يعود إلى أن وفد هيئة التفاوض يملك قراره ويعتبر أنه يقوم بمهمة غاية في المسؤولية تعبر عن مصير شعب عانى الويلات، ودفع ضريبة الحرية، وفي المقابل هناك وفد تم تعيينه من السلطة الحاكمة بدمشق، ويفتقر إلى الإرادة الحرة كونه مجرد موظف لدى تلك السلطة.
ما هي الآلية المتوقع أن يطرحها المبعوث الأممي مستقبلا؟
لقد تحدثنا سابقا بضرورة إيجاد آلية للمنهجية المُتبعة بطرح المبادئ والنصوص الدستورية من قِبل الوفود الثلاثة، وكيفية تحويلها إلى نصوص مُتفق عليها، لأن عدم تحقيق تقدم في الجولة السادسة يعود إلى فقدان هذه الآلية، وهذا ما عطّل انعقاد الجولة السابعة التي كان من المفترض أن تجرى خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، لكنها تأجلت إلى شهر شباط/فبراير المقبل في حال الاتفاق على الآلية التي تخدم الهدف.
ما هي الخيارات والبدائل أمام وفد المعارضة؟
ليس هناك خيارات أمام وفد هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة، فهذا الوفد يؤدي واجبا والتزاما، وهو محكوم بمرجعيته التي تملك اتخاذ القرار من حيث الاستمرار بالعملية التفاوضية أو تعليقها أو توقفها أو ما شابه ذلك من قرارات ليست بيد هذا الفريق، وإنما بيد هيئة التفاوض العليا التي قامت بتسمية أعضاء الفريق التفاوضي.
من وجهة نظركم، كيف يمكن إجبار النظام السوري على القبول بالمفاوضات والحلول السياسية؟
إجبار النظام على قبول المفاوضات والحل السياسي يأتي عن طريق الضغط الدولي على رعاة النظام، وأعني هنا دولة روسيا الاتحادية التي بدأت بالفعل تعاني من تفلت هذا النظام من قبضتها كونه يرتمي بالحضن الإيراني بشكل شبه كامل، وقد فتح أبوابا باتجاه الصين التي تعتبر سوريا محل اهتمام لها من الناحية الجيوسياسية.
علما بأن الروس ضغطوا لعقد الجولة السادسة التي كانت مخيبة للآمال وفقا للمبعوث الدولي، وهنا أستحضر زيارة المبعوث الروسي إلى سوريا، السفير ألكسندر لافرنتيف، واللقاء الذي عقده بمبنى الأمم المتحدة مع كامل وفدنا، حيث قال صراحة إن موسكو تعاني مع دمشق لأسباب عديدة، وتعهّد على لسان دولته باستمرار الضغط على النظام بهدف إنجاح العملية السياسية.
ما قراءتكم لمآلات اللجنة الدستورية؟
اللجنة الدستورية هي أول اتفاق سياسي بين النظام وهيئة التفاوض العليا لقوى الثورة والمعارضة، والذي تم الإعلان عنه من قِبل الأمين العام للأمم المتحدة، حيث سبق هذا الإعلان مداولات على مدار عامين لتسمية الأعضاء، وبالتالي هذه الجهود لن تذهب سدى، خصوصا أن هناك تفاهما دوليا على عدم إفشال اللجنة الدستورية التي ستؤدي مهامها في نهاية المطاف كون الدستور هو أحد مفردات القرار الدولي رقم 2254، وعلى اعتبار أن هناك اتفاقا بين الدول المعنية بأن الحل في سوريا "سياسي" عبر تطبيق هذا القرار.
للمرة الأولى منذ سنوات، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة لمناقشة ملف جرائم الحرب في سوريا.. كيف تابعتم نتائج هذه الجلسة ومخرجاتها؟
مناقشة مجلس الأمن لملف جرائم الحرب في سوريا هو أحد مؤشرات الضغط على النظام السوري، خصوصا أنه تمت استضافة شخصيات سورية قامت بشرح بعض المفردات عن معاناة الشعب السوري عبر السنوات الماضية وما وقع له من جرائم بفعل النظام السوري.
وفي هذا المقام، نتوقع زيادة الضغوط الدولية بهذا الاتجاه خلال الفترة المقبلة لما لهذا الملف من أهمية قصوى تهم العدالة الجنائية بصفة عامة، ونأمل أن يتم استصدار قرار من مجلس الأمن بتشكيل محكمة خاصة بسوريا تنظر بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المُرتكبة خلال السنوات الماضية.
هل يمكن القول إن المجتمع الدولي قام بتحويل الأزمة السورية من "سياسية" إلى "إنسانية"؟
لا يمكن القول بذلك، بدليل أن الملف السوري لا زال حاضرا في الأوساط الدولية الرفيعة، وخصوصا طاولة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهذا الملف له مبعوث خاص يتابعه بشكل دقيق من الناحية السياسية في محاولة لتطبيق القرارات الدولية وآخرها 2254، وهناك إحاطة شهرية لمجلس الأمن من المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، وهناك مؤخرا اجتماع لمجلس الأمن لمناقشة ملفات جرائم الحرب المُرتكبة، وهناك أيضا اجتماع لمجموعة العمل المصغرة المعنية بدعم الشعب السوري المكونة من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة إلى مصر والسعودية والأردن، والتي ستنضم لها تركيا وقطر في الاجتماع الأخير كمؤشر على استمرار الدعم واستمرار العملية السياسية التي كانت وستظل حاضرة.
طبعا مع عدم التقليل من أهمية الناحية الإنسانية التي تهم الشعب السوري عموما، والتي جرى الاتفاق عليها عبر مجلس الأمن بما يُعرف بالمعابر.
هل من جديد بشأن مبادرة المجلس السوري للتغيير لإنهاء الصراع السوري؟
الأمانة العامة للمجلس بالتشارك مع فريق التخطيط الاستراتيجي ولجنة دراسة الكيانات كقوى فاعلة بالمجلس السوري للتغيير عاكفة على إجراء لقاءات مكثفة مع الأطراف الثورية السورية بهدف الإعلان عن كتلة سورية تقوم على المشتركات وتحفظ أهداف الثورة بما يحقق تطلعات المواطن السوري، والهدف من خلق هذه الكتلة يتمثل في إيجاد شريك قادر على النهوض بمبادرة قد تتضح معالمها خلال الأشهر القادمة علما بأن الساحة السورية تشهد عددا من هذه الأعمال بهدف توحيد الصف وإيجاد كتلة وازنة تستطيع تقديم أشخاص من الثقات.
ما هي انعكاسات المصالحات الجارية في المنطقة على الأزمة السورية؟
لا شك أن الحضن العربي هو الحضن الطبيعي والأساسي للشعب السوري الذي ينتظر المزيد من الدعم من عواصم فاعلة مثل القاهرة والرياض والدوحة وأبو ظبي كعواصم عربية نعتز ونفتخر بها، ونأمل أن يكون لها دور حقيقي وفاعل في إنهاء معاناة الشعب السوري وتحقيق الانتقال السياسي الذي يوفر البيئة الأمنية لعودة اللاجئين والنازحين وإعادة الإعمار بجوار باقي الملفات.
ولا شك أيضا أن الدولة التركية تؤثر في الملف السوري بحكم الجوار، وبحكم وجود أكثر من أربعة ملايين لاجئ على أراضيها، وبالتالي فإن التقارب العربي التركي يخدم مصالح الشعب السوري، ويساعد في تقريب وجهات النظر حول ضرورة إنهاء الصراع السوري كورقة بيد الإيرانيين الذين أصبحوا يزرعون الموت والدمار بالعواصم العربية الواحدة تلو الأخرى.
إذا، هناك مصلحة عربية وتركية في وضع حد للتدخل الإيراني في العواصم العربية، وعلى رأسها التدخل السافر في سوريا. وفي هذا السياق نأمل من القيادات العربية زيادة الضغط لعدم عودة النظام السوري لجامعة الدول العربية قبل تحقيق الانتقال السياسي وإيجاد البيئة الآمنة.
وبالتالي، كيف تتابعون تسارع خطوات التطبيع العربي مع النظام السوري؟
هذا التطبيع الذي ظهر مؤخرا لا يمكن اعتباره ذا أهمية كبيرة للنظام، فهناك اتفاق دولي على حل الصراع السوري سياسيا، وعن طريق تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وقد ظهر مؤخرا ما يُعرف بـ"سياسة الخطوة مقابل الخطوة" لكسر جليد الملف السوري.
وماذا عن الزيارة الإماراتية الأخيرة لدمشق؟
هذه خطوة لا تعدو كونها رسالة رمزية، فلم تحمل أي انفراجة للنظام السوري، ولم تقدم له أي دعم كما حصل بذات الزيارة من ذات الجهة إلى تركيا التي حملت أموالا طائلة ضُخت في الاقتصاد التركي.
وهل هناك تغيير في الموقف المصري من الأزمة السورية؟
لم نشاهد أي تغيير بارز حتى الآن، فما زال الموقف المصري ثابتا ومؤيدا لحقوق الشعب السوري المتطلع للحرية والكرامة الإنسانية.
هل تتوقعون عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية قريبا؟
نحن لا نتوقع عودة النظام السوري بشكله الحالي إلى جامعة الدول العربية على الرغم من بعض الدعوات بهذا الخصوص، والتي تم الإعلان عنها بحجة عودة سوريا إلى الحضن العربي وإبعادها عن إيران، وبالمقابل هناك أصوات عالية جدا مناهضة لهذه العودة مثل صوت مصر والسعودية وغيرهما بعدما أدرك الكثيرون أن هذا النظام السوري يرتمي في حضن إيران بشكل كامل.