هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا نور الدين مفتاح رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الحكومة المغربية إلى التراجع عن السقف الثلاثيني الخاص بمباريات ولوج التعليم، مؤكدا أن "الحكومة بهذه الخطوة ستربح نقطة التواضع ونقطة الإصغاء لنبض الشعب، ونقطة مباشَرة إصلاح تعليمي حقيقي خارج الحواشي التي لن تزيد الطين إلا بلة والطبل إلا رنَّة".
وأعرب مفتاح في مقال نشره اليوم بصحيفة "الأيام" المغربية، عن استغرابه الشديد لقرار وزير التربية شكيب بنموسى، الذي يتمتع بخبرة سياسية واسعة، باقتصار مباريات ولوج التعليم على من لا يتجاوز سنّه الثلاثين.
وقال: "صدمت وأنا أتتبع النقاش الذي فجّره السيد شكيب بنموسى وهو يرمي بقنبلة مفادها اقتصار مباريات ولوج التعليم على من لا يتجاوز سنّه الثلاثين! وأقسم في البداية أنني اعتبرت الأمر (فايك نيوز)، ولاحقت التصريحات والتعليقات والتدوينات حتى تبين لي أن ما جرى هو الحقيقة المُرَّة!".
وتساءل مفتاح: "أهذا هو بنموسى الذي كنا ننتظر بركاته؟ أهذا هو رأس سوق إصلاح منظومة التربية والتكوين؟ هل تحتاج هذه الحكومة التي ولدت وفي فمها ملعقة من بارود إلى مثل هذه الشرارات الطائشة؟".
وأضاف: "هل تنتهي كفاءة مشروع مدرس عند الثلاثين بيولوجيا؟ هل هناك عاقل يدفع بأن بعض المهن تحتاج لشروط خاصة ويحشر فيها التعليم ويربطه بالسن؟ هل المعلم غواص أو مظلي أو طيار حربي؟ وكيف نجد في دول ترتيبها في الصدارة من حيث جودة التعليم أن المواطن المؤهل يمكن أن يلج إلى مهنة التدريس قبل سنة من سن التقاعد ونبتدع نحن هذه البدعة الغريبة؟ أليس هذا الرأي أحول ما دام التعليم عموماً ينضج بالخبرة والخبرة تأتي بالتراكم والتراكم يأتي مع توالي سنوات العمر؟".
وتابع مفتاح متسائلا: "كيف يمكن أن نقنع أبسط إنسان بأن الكفاءة تنتهي في سن الثلاثين؟ وما موقع هذا القرار من الدستور ومن قانون الوظيفة العمومية نفسه الذي يرفع أهلية ولوجها إلى ما بين 45 و50 سنة؟ ولماذا سنحرم مواطنا مغربيا له سهم في هذا الوطن من اختيار التعليم وهو في الأربعين أو الخمسين، شريطة أن يشارك في مباراة القبول وينجح في إطار تكافؤ الفرص؟".
وأكد مفتاح أن نية الإصلاح التي تقف خلف هذا القرار لا تصمد أمام الوقائع، وقال: "مهما تحذلق المدافعون عن هذا القرار غير الموفق لشكيب بنموسى في تبرير ما لا يبرر، فإن أضراره وللأسف أكبر منه في حد ذاته، وهي آثار بليغة على الثقة في هذا الفريق الجديد الذي يكاد يبدو متجاوزاً قبل الأوان".
وأضاف: "أعتقد أن الأصوب والأصلح هو أن تتراجع حكومة السيد أخنوش عن هذا السقف الثلاثيني، وستربح نقطة التواضع ونقطة الإصغاء لنبض الشعب، ونقطة مباشَرة إصلاح تعليمي حقيقي خارج الحواشي التي لن تزيد الطين إلا بلة والطبل إلا رنَّة، فهل من سميع مجيب؟"، على حد تعبيره.
يعم الاحتجاج عددا من المدن المغربية منذ أيام، رفضا لإعلان الحكومة تسقيف سن اجتياز اختبارات التعليم إلى 30 عاما، وسط إصرار حكومي على تنفيذ القرار الذي يشكك قانونيون بدستوريته.
وفي 19 تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم، أعلنت وزارة التربية المغربية شروط خوض اختبارات المعلمين في 11 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، ومنها ألا يتجاوز عمر المتقدم 30 عاما، وهو ما أثار ردود أفعال رافضة وجدلا في الإعلام المحلي ومنصات التواصل.
وطيلة الأيام الماضية، نظم طلاب ومجازون (حاملو شهادات) مسيرات ووقفات احتجاجية ضد القرار بعدد من المدن، منها مراكش وفاس (شمال) ووجدة (شمال شرق) وتطوان ومرتيل (أقصى الشمال) وأكادير (جنوب).
وأعلن شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أن "عامل السن سوف يساعد المنظومة التعليمية على تقوية قدرات وكفاءة مواردها البشرية".
وأعلنت نقابات وأحزاب رفضها لقرار تسقيف سن الولوج لاختبارات التعليم، من بينها حزب الحركة الشعبية (معارض) وحزب التقدم والاشتراكية (معارض) و"التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين".
وفي فبراير/شباط 2018، أعلن رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، أن "التعاقد المبرم مع الأساتذة نهائي وغير محدد المدة"، وهو ما لم يثنِ الأساتذة عن مواصلة الاحتجاج.
وفي 2017، أطلقت الحكومة المغربية، برنامج التوظيف بالقطاع العام بموجب عقد يمتد عامين قابل للتجديد، وبدأ تنفيذه في التعليم.
ويبلغ عدد المعلمين المتعاقدين أكثر من 100 ألف، حسب تقارير إعلامية.