مقابلات

غليون: التطبيع واتهام المقاومة بالإرهاب لن يجلب الاستقرار

برهان غليون: التطبيع العربي مع إسرائيل دليل فشل في حل المسألة الإسرائيلية  (فيسبوك)
برهان غليون: التطبيع العربي مع إسرائيل دليل فشل في حل المسألة الإسرائيلية (فيسبوك)
قلل أستاذ علم الاجتماع بجامعة السوربون الكاتب والمفكر السوري برهان غليون، من أهمية الرهان على التطبيع العربي مع إسرائيل والتصنيف الغربي للمقاومة الفلسطينية بالإرهاب، لتصفية القضية الفلسطينية، واعتبر ذلك دليل عجز عربي ودولي لن تقف آثاره على الفلسطينيين والعرب وحدهم.

ورأى غليون في حديث خاص لـ "عربي21"، أن التطبيع العربي الرسمي مع إسرائيل هو تعبير عملي عن فشل عربي ودولي في حل المسألة الإسرائيلية، وليس مشروعا لتصفية القضية الفلسطينية.

وشرح ذلك قائلا: "أعتقد أن التطبيع العربي مع إسرائيل، هو اعتراف بأن العرب فشلوا في استيعاب وحل المسألة الإسرائيلية.. أعتقد أن المسألة الرئيسية في المشرق والمغرب والمنطقة العربية هي المسألة الإسرائيلية وليس الفلسطينية، بمعنى هو وجود دولة فوق القانون مدججة بالسلاح تفرض رأيها على الدول المحيطة بها، ولا تقبل حتى بالتفاوض على حقوق الشعب الذي اضطهدته وأخذت مكانه". 

وأضاف: "لذلك أعتقد أن التطبيع هو اعتراف من طرف العرب بأنهم فشلوا في تأمين رد طبيعي لتحقيق العدالة في فلسطين التي أعلنوا أنهم متمسكون بها، على الأقل في مستوى حل الدولتين الذي هو التسوية.. وثانيا يدل على انفراط عقد العالم العربي وأن كل طرف يسعى لتأمين نفسه، أي فشل فكرة تأمين دفاع عربي مشترك أو رد عربي مشترك، ولهذا تسعى كل دولة تحقيق ما تستطيع من أمنها حتى بالتحالف مع من كانت تعتبره كل الدول العربية عدوا لها، أي إسرائيل". 

وتابع: "ويدل هذا التطبيع أيضا على أن لدى هذه الدول شعور بأنها ليست دول ذات سيادة، وإنما هي دول لا يمكنها أن تعيش بدون حماية خارجية". 

وأشار غليون إلى أن "معظم هذه الدول التي تعلن التطبيع مع إسرائيل هي في الأساس مطبعة عمليا"، مشددا على وجود دول عربية تعلن العداء مع إسرائيل ظاهريا، لكنها عمليا مطبعة معها، وقال: "هذا يدل على أن السياسات العربية هي سياسات غير شفافة، ومبنية كلها على التلاعب بالرأي العام".

وعما إذا كان التطبيع من شأنه أن ينهي القضية الفلسطينية، قال غليون: "التطبيع لا يمكن إنهاء القضية الفلسطينية لسبب بسيط، أنها قضية.. بالعكس أصبح اليوم دعم القضية الفلسطينية في أوساط الرأي العام الدولي أقوى من حجم الدعم الذي تتلقاه فلسطين من طرف الدول العربية". 

وأضاف: "على كل حال الدول العربية منسحبة من القضية، لكن الرأي العام العربي مستمر، وأعتقد أن هذا هو الأساس.. طبعا يمكن لإسرائيل أن تظل في فرض الأمر الواقع، لكن هذا الأمر الواقع لا يمكنه أن ينهي القضية، لأنه ببساطة فرض للأمر الواقع". 

وأكد غليون أن "القضية الفلسطينية لا يمكنها أن تنتهي إلا بحل فيه الحد الأدنى من العدالة للشعب الفلسطيني". 

وقال: "ثم إن الشعب الفلسطيني باق حتى لو أخذوا كل أرضه، هو باق على أرضه وحتى داخل إسرائيل.. وداخل البلدان العربية وفي المخيمات، ومن ثم لا يمكن القضاء على القضية الفلسطينية؛ لأنها قضية شعب موجود وحي، ويمكن القول إن الشعب الفلسطيني اليوم هو أكثر الشعوب العربية حيوية ووعيا ونشاطا دوليا وعربيا ودوليا".

على صعيد آخر، انتقد غليون استخدام بعض الدول الغربية للإرهاب سبيلا لدعم إسرائيل، وقال: "أعتقد أن العالم العربي كله اليوم متهم بالإرهاب وليس فقط المقاومة الفلسطينية، الإسلاموفوبيا التي تتطور، والتي أعتقد أنها ليست خوفا من الإسلام، وإنما هي عداء للإسلام بمعنى للدول والشعوب الإسلامية بسبب تجرؤ هذه الشعوب لانتزاع سيادتها والدفاع عن حقوقها، هو الغالب اليوم أكثر من عداء للقضية الفلسطينية لدى الرأي العام العالمي".

وأضاف: "أعتقد أننا في حالة أزمة حقيقية في العلاقات الدولية وأزمة حقيقية داخل الصف العربي، ستستمر، فلن يتم القضاء على القضية الفلسطينية ولا التوصل لحل لها.. كذلك القضية السورية لن تموت لأنها قضية شعب تم تدمير حياته بسبب تحالف نخبة وحشية حاكمة مع دول طامعة في السيطرة على المنطقة وعلى سوريا، وكذلك لا يوجد حل لها.. بمعنى أننا في أزمة لا حل لها بسبل تضارب المصالح الدولية وتفكك الشعوب العربية".


ودعا غليون الدول الغربية إلى مغادرة مربع الاستقالة تجاه القضايا العادلة، ومنه القضية الفلسطينية، وقال: "برأيي أن استمرار الدول الغربية التي هي مركز القرار الدولي، في طريق يمزج بين الاستقالة من المسؤولية والخوف من الاعتراف بالعدالة ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية والنظم الديكتاتورية، الاستمرار في هذا الطريق بمستوييه الاستقالة والتردد في مواجهة العدوان، لن يقود إلا إلى تفاقم الأزمة، وسيضع الدول الغربية التي هي مركز القرار والمدنية، سيضعها هي نفسها في أزمة، سينقل الأزمة إلى هذه الدول سواء عبر الإجراءات أو عبر تفتت الإجماع الداخلي حول إثارة العداء من قبل شعوب العالم تجاه هذا المركز الذي يستلم القرار ويضع نفسه في موقع القيادة، ولكنه يفشل في إيجاد الحلول للمسائل الدولية التي هو مسؤول بحد كبير عن وجودها"، وفق تعبيره.

التعليقات (0)