سياسة عربية

هل يعيد اتفاق السودان المسار الديمقراطي أم يعمق الأزمة؟

تظاهرات ضد الانقلاب العسكري في السودان- جيتي
تظاهرات ضد الانقلاب العسكري في السودان- جيتي

لم يستغرق قائد الانقلاب في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، سوى 27 يوما، من أجل العودة إلى النقطة الأولى، والتوقيع على اتفاق لتكليف عبد الله حمدوك بتشكيل حكومة مجددا، مع بعض التغييرات.

فلم يمر سوى عامين وأزيد قليلا، حتى قطع البرهان الفترة الانتقالية بإعلانه حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، وهو ما أطلق احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات باعتبارها "انقلابا عسكريا".

وأثارت تلك الإجراءات رفضا إقليميا ودوليا قادته دول "الترويكا"، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والنرويج، بالإضافة إلى غضب شعبي واسع عبر احتجاجات مستمرة سقط فيها 40 قتيلا ومئات الجرحى.

ويتضمن اتفاق البرهان وحمدوك الأخير 14 بندا، أبرزها إلغاء قرار إعفاء حمدوك من رئاسة الحكومة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي.

ويؤكد على أن الوثيقة الدستورية لعام 2019 هي المرجعية الرئيسية خلال المرحلة المقبلة، مع ضرورة تعديلها بالتوافق، بما يضمن ويحقق مشاركة سياسية شاملة لكافة مكونات المجتمع، عدا حزب المؤتمر الوطني المنحل.

وهذه الوثيقة خاصة بهياكل السلطة خلال مرحلة انتقالية يعيشها السودان منذ 2019 وتنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق السلام في 3 تشرين أول/ أكتوبر 2020.

وينص الاتفاق على أن يشرف مجلس السيادة الانتقالي على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية دون تدخل في العمل التنفيذي.

وفي أكثر من مناسبة، قال البرهان إنه أقدم على إجراءات 25 أكتوبر "لحماية البلاد من خطر حقيقي"، متهما قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى"، ومشددا على اعتزامه تشكيل "حكومة كفاءات".

واشنطن وتل أبيب

واعتبر الدكتور حاج حمد محمد، الأستاذ الجامعي، أن "ما تم توقيعه من اتفاق سياسي هو نسخة مكررة من الوثيقة الدستورية لعام 2019، وفي اتفاق الأحد حافظ الجيش على مشاركته في السلطة الانتقالية كما يريد".

وأضاف أن "عودة الجيش وقائده للتوقيع مع المدنيين برئاسة حمدوك، تم جراء الضغط الدولي وكذلك الضغط الشعبي الرافض للحكم العسكري للبلاد مرة أخرى".

وتابع بأن "إسرائيل وحلفاءها في المنطقة، من دول الإمارات ومصر، كانوا داعمين للبرهان في خطواته".

وأردف محمد بأن "واشنطن مارست ضغطا على البرهان ومجموعته، عبر حلفائها وعلى رأسهم إسرائيل، التي ظهرت مؤخرا في السودان بقوة من خلال دعاة التطبيع، وعلى رأسهم البرهان".

وفي 2020، وقعت حكومات السودان وثلاث دول عربية أخرى، هي الإمارات والبحرين والمغرب، اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ما أثار رفضا شعبيا عربيا، في ظل استمرار الاحتلال.

وأضاف أن "أمريكا ضغطت لعودة المسار الديمقراطي.. البرهان تراجع تحت ضغط دولي كبير، لا سيما من أمريكا، التي توجهت إلى إسرائيل وطالبتها بالضغط على البرهان، وهو ما تم".

إبعاد قوى الحرية والتغيير

من جانبه قال المحلل السياسي أمير بابكر، إن "البرهان نجح في تحقيق ما كان يريده، وهو إبعاد قوى إعلان الحرية والتغيير من المجلس المركزي".

وقوى "إعلان الحرية والتغيير" هي ائتلاف مدني شارك بالاحتجاجات التي أدت إلى عزل قيادة الجيش للرئيس عمر البشير (1989- 2019)، ثم أصبح شريكا مع الجيش في السلطة الانتقالية، وهو الذي رشح حمدوك رئيسا للحكومة.

لكن جرى إبعاد قوى "إعلان الحرية والتغيير" عن توقيع اتفاق الأحد، الذي أعاد المواد التي جمدها الجيش في الوثيقة الدستورية إلا تلك المذكور فيها "إعلان الحرية والتغيير".‎

ورأى بابكر، أن "البرهان لم يتراجع، بل حقق ما يريده بأن أبقى على حمدوك رئيسا للوزراء وتحت إشراف مجلس السيادة، وأبعد قوى إعلان الحرية والتغيير من المجلس المركزي".

وأضاف بابكر أن "الضغط الإقليمي والدولي أسفر فقط عن إعادة حمدوك لرئاسة الوزراء ومشاركة المدنيين، وهذه لم تكن أولوية الشارع المطالب بحكم مدني متكامل وإبعاد العسكر عن السلطة".

ورأى المحلل السياسي عثمان فضل الله، أن "البرهان تراجع خطوة للوراء، وهي خطوة جاءت في التوقيت الخاطئ، حيث كان يمكن أن تتم قبل ذلك".

وتابع فضل الله بأن "البرهان تراجع خطوة للوراء خوفا من العقوبات الأمريكية التي كانت ستطاله هو والجيش لانقلابه على السلطة المدنية".

واعتبر أن "قائد الجيش لا يضع اعتبارا كبيرا لضغط الشارع، بقدر ما يضع حسابا للضغط الدولي، الذي جعله بالفعل يتراجع خطوة".

واستدرك: "لكنه بتوقيع الاتفاق السياسي مع حمدوك مضى بالأمور إلى مزيد من التأزيم، فالشارع لا يريد غير الحكم المدني المتكامل، وهو ما لن يتم في ظل وجود المكون العسكري الذي سيمارس ذات السياسات الحالية في قمع وكبت الحريات حتى في وجود حمدوك الذي سيجد نفسه في مأزق مع العسكر في السلطة".

ومساء الأحد، شهدت مدن سودانية احتجاجات رافضة للاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك.

وقالت وسائل إعلام سعودية في وقت مبكر اليوم الاثنين، إن قوات التحالف الذي تقوده السعودية أعلن رصد "مؤشرات خطر وشيك" يهدد الملاحة والتجارة العالمية بجنوب البحر الأحمر.

وأشارت إلى أن التحالف رصد تحركات ونشاطا عدائيا، لقوات الحوثي باستخدام زوارق مفخخة، وقال إنه يتخذ إجراءات لتحييد التهديد البحري وضمان حرية الملاحة.

وكان التحالف العربي بقيادة السعودية، قال في أيلول/ سبتمبر الماضي، إنه أحبط هجوما وشيكا خططت له جماعة الحوثي، بواسطة زورقين مفخخين بالبحر الأحمر.

وقال التحالف، في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية "واس"، إنه قام بتدمير زورقين مفخخين تابعين لقوات الحوثيين في مياه البحر الأحمر أمام بلدة الصليف غرب اليمن، "وإحباط تنفيذ هجوم".

وشدد التحالف على "استمرار التهديد الحوثي لخطوط الملاحة البحرية والتجارة العالمية بمضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر".

واتهم الحوثيين بانتهاك اتفاق ستوكهولم؛ "بإطلاق العمليات العدائية من محافظة الحديدة".

 

التعليقات (0)