هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد عدد من الخبراء ما جاء على لسان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بقمة المناخ، التي عقدت بإسكتلندا مؤخرا، والتي حذر فيها من غرق عدة مدن جراء ذلك، من بينها الإسكندرية المصرية، مطالبين الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتلافي هذه المخاطر.
وانتقد الخبراء بتصريحات لـ "عربي٢١" أساليب الحكومة المصرية في معالجة ما يجرى بالإسكندرية، مؤكدين أن هذه الإجراءات ليست كفيلة بمنع هذه المخاطر، مطالبين بردم أجزاء من البحر وليس إقامة الأسوار العالية، وذلك لتلافي مخاطر الغرق من ناحية أخرى.
ومؤخرا حذر رئيس الوزراء البريطاني من تعرض عدة مدن للغرق بسبب التغيرات المناخية، مشيرا إلى أن مدنا مثل الإسكندرية تحت هذا الخطر، محذرا من أن ارتفاع درجات حرارة الكرة الأرضية 4 درجات قد يؤدي لغرق عدد من المدن.
وكان تقرير أصدرته الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة (IPCC) حذر من أن شواطئ الإسكندرية ستُغمر حتى مع ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 0.5 متر، ما سيتسبب في تهجير حوالي 8 ملايين شخص بسبب الفيضانات في الإسكندرية ودلتا النيل، بحلول عام 2050 حال عدم اتخاذ تدابير عاجلة واستثنائية.
وفي مصر أكد وزير الموارد المائية محمد عبد العاطي في تصريحات صحفية أن الإسكندرية ليست وحدها المدينة المصرية المعرضة للغرق بسبب التغيرات المناخية، ولكن هناك 5 مناطق أخرى مهددة بالغرق في الدلتا، في محافظات البحيرة ودمياط والدقهلية، وكفر الشيخ، وأيضا بورسعيد، بسبب تلك التغيرات، التي تدفع ثمنها دول العالم النامي.
ردم الساحل هو الحل
وفي سياق تعليقه قال خبير السدود محمد حافظ: بالنسبة للمخاطر التي تهدد مدينة الإسكندرية فالقضية ببساطة أن منسوب معظم ساحل الإسكندرية هو (صفر)، وهذا يعني أنه في منسوب سطح البحر ومع ارتفاع منسوب البحر بسبب ذوبان الجليد، أي أن (صفر البحر عام 1990 ليس هو ذاته صفر البحر عام 2000، وليس هو ذاته صفر البحر عام 2010، وليس هو ذاته صفر البحر عام 2020) فكل 10 سنوات يزيد منسوب البحر قرابة 25 مم، أي في خلال 40 عاما يرتفع لقرابة واحد 1.0 متر هذا يعني غرق ساحل الإسكندرية تحت سطح البحر بنفس الــ 1.0 متر.
اقرأ أيضا: FP: الشرق الأوسط ربما يتحول إلى منطقة "لا تصلح" للعيش
وحول الحل لمنع هذه المخاطر وحماية المدينة وسكانها قال الخبير في حديثه لـ "عربي٢١"، إن "الحل الجذري لمشاكل ساحل الإسكندرية هو ردم الساحل، وبناء الشريحة الاقتصادية القادرة على تحويل الإسكندرية لمنطقة تجارية أهم من سنغافورة، فالإسكندرية قيمتها الحقيقية ليست كمصيف ولكن كبوابة تجارية تخدم القارة الأفريقية وحوض البحر المتوسط.
مضيفا: "أما بخصوص ما تفعله الحكومة المصرية والسلطات المحلية بالمحافظة لمكافحة غرق المدينة، فهو زيادة تكاليف حماية الشواطئ عاما بعد عام دون جدوى، حتى تصل لنقطة تفقد فيها أنواع الحماية الشاطئية فاعليتها ولا يصبح لها أي معنى، وهنا لابد للانتقال لطرق حماية من نوعية الحماية الشاملة، مثل الموجودة منذ أكثر من 100 عام على سواحل دولة هولندا".
مقررات قمم المناخ حبر على ورق
أما الباحث بكلية الدراسات العليا للدراسات البيئية بجامعة عين شمس أحمد أمين فيرى أن الأمور بشأن مخاطر المناخ وصلت لمراحل صعبة، وهو ما نبهت إليه مؤتمرات بيئية عديدة بداية من مؤتمر استكهولم بالسويد في سبعينيات القرن الماضي، مرورا بقمة ريو دي جانيرو بالبرازيل وكذلك مؤتمر جوهانسبرج بجنوب أفريقيا وصولا لقمة اسكتلندا الأخيرة ومع ذلك ظلت توصيات هذه المؤتمرات دون تفعيل حقيقي، حتى باتت هذه المخاطر مهددة بشكل مباشر للبشرية، وعليه يجب تفعيل مقررات هذه القمم ووضع تحذيرات رئيس الوزراء البريطاني محل الجدية.
وطالب الباحث بكلية الدراسات العليا بضرورة وجود توعية بيئية حقيقية لدى الأفراد والأسر، وأن تضع الأمم المتحدة برنامجا في هذا الإطار ويتم تفعيله عالميا، لأن معالجة المخاطر البيئية لابد أن تسير في خطوط متوازية، سواء باتخاذ إجراءات عملية لمنع الملوثات البيئية وكذلك التوعية، وهو ما تعاني منه الشعوب خاصة في منطقتنا العربية وفي مصر على سبيل المثال، حيث تم تسجيل القاهرة كثاني أكبر مدينة تعاني من التلوث عالميا، وهناك لا مبالاة لدى المواطن العادي نتيجة عدم الوعي الكافي بمخاطر تلوث البيئة، وإن كانت هناك جهود تبذل مؤخرا ولكن ليست بالقدر الكافي.
تحذيرات متكررة ولكن...
من جانبه أكد الباحث في شؤون الري مصطفى إبراهيم صحة التصريحات التي أدلى بها رئيس وزراء بريطانيا بغرق الإسكندرية ومدن أخرى نتيجة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض، مضيفاً أنها ليست هذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها عن هذه الآراء، بل سبقتها تحذيرات كثيرة من هيئات علمية محترمة، وكذلك بحوث عديدة نشرت وآراء لمتخصصين مصريين وأجانب، مطالبا بمتابعة أحدث الإجراءات التي يتخذها العالم المتقدم لحماية الشواطئ من الغرق.
وانتقد في حديثه لـ "عربي٢١" قيام الحكومة المصرية ببناء أسوار أو حواجز على شواطئ البحر المتوسط، لأنها تتسبب في دوامات تؤدي إلى غرق المصطافين، وتكون بمثابة مصائد تجذب الأطفال والكبار الذين يسبحون بالقرب منها، لافتا إلى وجود انتقادات لبعض الخطوات التي اتخذتها الحكومات المصرية المتعاقبة لحماية الشواطئ.