رياضة دولية

بعد غياب 10 سنوات.. ما مكاسب الكرة المصرية من عودة الجماهير؟

قررت السلطات المصرية عودة الجماهير بشكل تدريجي مصحوبة بعقوبات رادعة- أرشيف
قررت السلطات المصرية عودة الجماهير بشكل تدريجي مصحوبة بعقوبات رادعة- أرشيف

 بعد غياب دام لأكثر من 10 سنوات وحضور متقطع خلالها؛ قررت السلطات المصرية عودة جماهير كرة القدم إلى الملاعب مع بداية مباريات الدوري العام 2021/ 2022، الاثنين المقبل، بشكل تدريجي، مصحوبة بعقوبات رادعة ومحظورات أهمها الشعارات الدينية والسياسية.

 

ومنذ مباراة المصري والأهلي الدامية في الدوري العام مطلع شباط/ فبراير 2012، والتي راح ضحيتها 74 مشجعا للنادي الأهلي، في عهد المجلس العسكري الحاكم إبان ثورة يناير 2011، جرى إيقاف النشاط الرياضي ولمدة عام، وعند عودته غابت عنه الجماهير.

 

 

لكن وفي شباط/ فبراير 2015، أيضا ومع قرار النظام الحالي عودة الجماهير بعد منع كامل لمدة 3 سنوات، جرت مجزرة أخرى بحق جماهير نادي الزمالك بمباراة الفريق مع نادي إنبي، أدت لمقتل 22 مشجعا للنادي الأبيض، ما أدى لمنع الحضور الجماهيري إلى اليوم.

 

 

 وظلت السلطات منذ عام 2015 على رفضها عودة الجماهير التي كان يهتف بعضها من آن إلى آخر ضد النظام ولصالح قضية فلسطين في مباريات المنتخب الوطني وبعض المباريات الأفريقية والتي كانت تشكل الاستثناء من المنع الجماهيري، وتجري وفق حراسة مشددة.

 

وجرت حينها وقائع أمنية عديدة بتوقيف مشجعين من المدرجات، أهمها في مباراة منتخب مصر الأوليمبي وجنوب أفريقيا باستاد القاهرة 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.

 

 

وإثر توقيف العشرات من شباب الألتراس في مواقف عديدة، قامت السلطات بتفكيك روابط الألتراس، وخاصة للأندية الكبيرة مثل الأهلي والزمالك. إلا أنه ومع انطلاق موسم الكرة الجديد الاثنين المقبل، قرر النظام عودة الجماهير بشرط حضور 2000 مشجع بكل مباراة، مع لائحة عقوبات قوية لمنع الشغب أو أي خروج عن النص.

 

وحظرت رابطة الأندية المصرية الهتافات المسيئة والسباب الجماعي، والتي تستوجب توقيع غرامة على النادي الذي تنتمي إليه الجماهير من 20 إلى 50 ألف جنيه.

 

وكذلك حظرت الشعارات الدينية والسياسية، والتي تصل عقوبتها إلى 50 ألف جنيه، مع منع الجماهير من الحضور 5 مباريات، بجانب منع الهتافات العنصرية، واقتحام الملاعب، والألعاب النارية والشماريخ، والتي تحدد لكل مخالفة منها عقوبة خاصة.

 

"غير كافية"

 

شيخ الرياضيين ولاعب منتخب مصر والأهلي سابقا الدكتور طه إسماعيل، يقول إن "مكاسب الأندية المصرية ولعبة الكرة والدولة المصرية يمكن أن تكون كثيرة وبلا حدود مع عودة كاملة لجماهير كرة القدم تمتلئ بها المدرجات مثل الملاعب العربية والعالمية".

 

ويضيف لـ"عربي21": "لكن العودة الجزئية لـ 2000 مشجع للمدرجات لن تؤثر بأي شكل سريع على اللاعبين واللعبة واقتصادياتها؛ ومع ذلك نعتبرها خطوة من خطوات منتظرة قادمة ومتتالية، عندها ستنتعش المنظومة اقتصاديا وتسويقيا وتجاريا".

 

رئيس لجنة التخطيط السابق بالنادي الأهلي، دعا "لعودة كاملة للجماهير مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية بمواجهة فيروس (كورونا)، ودخول الجماهير بالبطاقات كما حدث بالبطولة الأفريقية في القاهرة 2019".

 

ويشير إلى أن هناك عدة مقترحات جرى رفضها من الجهات المنظمة لبطولة الدوري، وبينها أن يحضر المباريات جماهير كل فريق في أرضه فقط ولا يذهب لأرض خصمه، وذلك في حال الخوف الأمني من شغب الجماهير المتبادل".

 

الشيخ طه، يلفت إلى أن "مباريات الأهلي والزمالك مع فرق أفريقية، لا يوجد إلا جمهورهما والفريق المنافس بلا جمهور، وإذا كانت دعوى المنع هي احتكاك الجماهير فلا أدري سببا هنا لمنع الجمهور بالبطولات الأفريقية، رغم أن المفروض هو امتلاء الملاعب".

 

ويجزم بأن غياب الجماهير عن المدرجات "مؤثر على حماس اللاعبين في الملعب وفنيات اللعبة وتسويق المباريات واللاعبين أنفسهم"، مبينا أن "الأهلي كمثال خسر في 10 سنوات كثيرا بخسارة جمهوره في أرضه، لما لتأثير الجمهور الإيجابي على اللاعبين والسلبي على الفريق المنافس".

 

ويؤكد أن "الجمهور له تأثير بفعل السحر على اللاعبين"، مشيرا إلى أن "ليفربول الإنجليزي أُضير كثيرا عندما لعب بدون جمهور بسبب (كورونا) عام 2020، ونال المركز الثالث بالدوري الإنجليزي لغياب الجمهور عن ملعب أنفيلد".

 

إسماعيل، يشير إلى جانب آخر، وهو "أهمية حضور جماهير الكرة الحقيقيين، لا كما جرى بالبطولة الأفريقية في القاهرة 2019، إذ لم يفد منتخب مصر حضور الأسر والعائلات دون الجمهور الحقيقي وهم شباب الألتراس، ولذا خرجنا مبكرا من البطولة".

 

ويقول إن "ملعبا ممتلئا بجماهير الكرة يرفع مستوى الأندية والدوري العام ويزيد من تسويقه وتجاريا واقتصاديا ويزيد الرعاة والإيرادات"، موضحا أن "قيمة وعدد التذاكر من ضمن تقييم الأندية في أوروبا، لذا خسرت أندية أوروبا كثيرا ماليا من غياب الجماهير بسبب كورونا".

 

ويختم الدكتور طه إسماعيل، بأن "هذه خطوة مبدئية جيدة، مع زيادتها بالتدريج مع التزام الجماهير وعدم الخروج على النص والاحتكاك بالفرق الأخرى واللافتات السياسية، حتى تكون هناك فرصة لكي تكتمل مسيرة عودة الجماهير، والتفكير لاحقا في تنظيم بطولة كأس العالم".

 

"رغبة الدولة"

 

ويعتقد الناقد الرياضي أيمن بدرة، أن "منع الجماهير من ملاعب الكرة أمر يتعلق بالحماية أكثر من أي شيء، والدولة اتخذت إجراءات قبل جائحة (كورونا) بعدم حضور الجماهير لأن هناك ثمنا كبيرا دفعته مصر منذ 2011".

 

رئيس تحرير "أخبار الرياضة" السابق يضيف لـ"عربي21": "وبالتالي فإن توفير مناخ آمن يحافظ على أرواح الجماهير كان السبب الرئيسي لعدم حضورهم بالمدرجات، وكذلك الخوف من اندساس عناصر وسط الجماهير تسبب أزمة كما حدث باستاد بورسعيد 2012، والدفاع الجوي 2015".

 

ويجزم بأنه "شيء جميل عودة صورة شباب مصر في المدرجات، رغم أن العودة بحد أدنى لكنها قابلة للزيادة تباعا وبسرعة لتصل لأعداد كبيرة، مع ضوابط منها قواعد بيانات يقدمها كل مشجع مع الضوابط الأمنية عبر شركات أمن الملاعب والتعاون مع الأندية ورابطتها".

 

نائب رئيس الاتحاد المصري للثقافة الرياضية، يشير إلى أن "الخطوة الحذرة المتخذة مجرد تجربة كلنا نتمنى أن تنجح بالجمهور الملتزم، وبصناع اللعبة، لأن الدولة بحاجة لوجود جمهور، ومصر مقبلة على تصفيات كأس العالم ومباريات مهمة".

 

ويتابع: "يجب أن تكون الصورة براقة والجماهير موجودة، وكلنا نرى شكل الجماهير بالملاعب الأوروبية، بما ينعكس على صورة مصر التي لا يصح أن يكون لديها لاعب تقريبا هو الأفضل في العالم (محمد صلاح) ومدرجات الدوري التي خرج منها خاوية".

 

الكاتب الصحفي، يضيف: "بلد لديها مائة سنة وواحد على تأسيس اتحاد الكرة، ولها سنوات الدوري دون جماهير والمدرجات خاوية، وبالتالي نحتاج تنمية هذه التجربة والكل يلتزم بدوره والضوابط الموضوعة".

 

ويختم بالدعوة إلى "تفعيل مواد مكافحة الشغب للقانون 71 لسنة 2017، وتفعيل الدور الإيجابي المحترم لروابط المشجعين التابعة للأندية، ويكون هناك حوافز للجمهور، ما ينعكس على صورة الدوري وصناعة الكرة".

 

"شريان حياة"

 

وحول مكاسب الكرة المصرية والدولة يقول الإعلامي الرياضي سيف زاهر، إن عودة الجماهير للمدرجات تؤكد عبور أزمة كورونا، وتدعم الاقتصاد المصري واقتصاد اللعبة، وتدفع مصر لاستقبال بطولات دولية وتضعها على الخريطة العالمية للعبة.

 

وأضاف عبر فضائية "OnTime Sports"، أن المكاسب كبيرة للكرة المصرية وفنيات تضاف للعبة وأشياء كثيرة كانت تفتقدها الكرة، مؤكدا أن عودة الجماهير تمثل شريان الحياة للكرة المصرية.

 

ودعا زاهر الجماهير للالتزام في المدرجات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى يصبح الألفا متفرج 20 و50 ألفا.


التعليقات (0)

خبر عاجل