هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وسط انتقادات محلية وغربية لملف مصر الحقوقي بعهد رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، يزور وفد برلماني وسياسي مصري العاصمة الأمريكية واشنطن، لإقناع إدارة الرئيس جو بايدن بحدوث تغيرات جديدة بعد إصدار القاهرة "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" أيلول/ سبتمبر الماضي.
وتأتي الزيارة بعد ثلاثة أسابيع من إعلان الخارجية الأمريكية، في 15 أيلول/ سبتمبر الماضي أن إدارة بايدن ستحجب 130 مليون دولار من مساعداتها إلى مصر، مؤقتا، بشرط التزام القاهرة بمعايير محددة متعلقة بحقوق الإنسان.
وقالت الخارجية الأمريكية حينها؛ إن واشنطن "تناقش المخاوف الجادة بشأن حقوق الإنسان بمصر"، مضيفة أن الوزير أنتوني بلينكن، "سيفرج عن 130 مليون دولار من شريحة قيمتها 300 مليون دولار (بخلاف 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية)، إذا عالجت القاهرة وضع حقوق الإنسان".
اقرأ أيضا: العفو الدولية: السيسي غير جاد بتحسين الوضع الحقوقي (شاهد)
وأدانت مجموعة من 19 منظمة حقوقية، بينها "منظمة العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" و"بيت الحرية"، ملف حقوق الإنسان في مصر، واعتبرت أن دعم بايدن نظام السيسي والإفراج عن 130 مليون دولار من المعونة، "خيانة لالتزاماته بملف حقوق الإنسان في مصر".
ويترأس الوفد المصري عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورئيس مجموعة الحوار الدولي، وعضو مجلس النواب السابق محمد أنور السادات، ومهمته توضيح موقف النظام من ملف حقوق الإنسان، ومحاولة استعادة المعونة الأمريكية كاملة دون اقتطاع.
ويعول النظام المصري على خطوات صورية عدة، اتخذها، هي وضع "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، التي تعرضت لانتقادات شديدة من حقوقين، باعتبارها تسعى إلى تشتيت الانتباه عن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان.
كما شكل النظام "المجلس القومي لحقوق الإنسان" الاثنين الماضي، بعضوية 27 سياسيا وبرلمانيا وحقوقيا بعد وقف عمله 4 سنوات منذ العام 2017؛ في خطوة لا يعول عليها حقوقيون في تغيير حقائق وضع حقوق الإنسان، وسط انتقادات لتشكيلة المجلس ذاته.
ويعول النظام المصري على إقناع الأمريكيين بأهميته في منطقة الشرق الأوسط، إثر دوره في إنهاء الحرب بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي أيار/ مايو الماضي، ودوره في ملفات إعمار غزة وأزمة الأسرى الفلسطينيين.
وهناك أكثر 65 ألف معتقل مصري في سجون النظام يعانون القهر والبطش والحرمان من أبسط الحقوق، وسط موت بطيء لكبار السن والمرضى؛ إذ لقي أكثر من ألف سجين مصرعهم خلال فترة حكم السيسي، بسبب الإهمال الطبي.
أسئلة إلى الأمريكيين
وتحت عنوان: "خمسة أسئلة للوفد المصري القادم إلى واشنطن"، قال مدير البرامج في منظمة "DAWN" جون هيرش: "تتجاهل حكومة السيسي كل الانتقادات وتعاقب كل المعارضين، وتخلق مجتمعا يعيش فيه الناس في حالة من عدم اليقين والخوف".
وقال: "يجب على المسؤولين الأمريكيين والممثلين المنتخبين التصدي لهذه الروايات الكاذبة والأفعال المخادعة التي تعمل على تعزيز الوضع القمعي للسيسي"، مطالبا إياهم بتوجيه 5 أسئلة صعبة حول سجل حقوق الإنسان لحكومة السيسي.
وأوضح أن أولاها عن الخطوات الملموسة التي ستتخذها الحكومة المصرية لإنهاء حبس آلاف السجناء السياسيين، وهل ستحاسب قوات الأمن عن جرائم الاختفاء القسري والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء منذ 2013؟
وتابع: "لماذا يرفض مجلس النواب المصري التحقيق في الانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الأمن والشرطة المصرية؟"، وأيضا: "متى سيُنهي السيسي حالة الطوارئ اللانهائية، ويسمح بإجراء إصلاح حقيقي في المجتمع المدني والمجال العام؟".
"خطوة دعائية"
وفي إجابته على تساؤل "عربي21": "هل ينجح الوفد المصري في إقناع الإدارة الأمريكية بتغيير مواقفه من حقوق الإنسان؟ قال السياسي والبرلماني المصري السابق عز الكومي: "الحقيقة أن هذه الخطوات لن تغير كثيرا من صورة النظام لدى الإدارة الأمريكية".
وأضاف عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري سابقا، أنه يعتقد بأن "هذه الخطوات للاستهلاك المحلي، ولا ينبنى عليها عمل؛ وكان لا بد من خطوات عملية مقنعة، خاصة أنه الأسبوع الماضي عقدت جلسة محاكمة 4 ضباط مصريين في روما، متهمين بقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني".
وأكد أنه "لا بد من عمل حقوقي يُقنع الغرب والإدارة الأمريكية للإفراج عن بعض الناشطين العلمانيين، من أمثال باتريك جورج، وعلاء عبدالفتاح، وغيرهم".
وقال؛ إن تلك الزيارة ليست فرصة حقيقية لإجراء إصلاحات في مجال حقوق الإنسان في مصر، وأنها لتبييض وجه النظام، مؤكدا أن "لجنة محمد أنور السادات لن تستطيع إقناع الإدارة الأمريكية بمثل هذه الزيارات، التي يغلب عليها الطابع الدعائي فقط".
اقرأ أيضا: المعتقلون في مصر والمصالحة للخروج من السجن!!
ولا يعتقد الكومي، أن الإدارة الأمريكية ستفرض بعض النقاط والشروط على الفريق المصري لتخفيف أزمة حقوق الإنسان، مضيفا؛ "إن كان ولا بد، فستقدم قائمة بأسماء نشطاء من غير الإسلاميين، وهذا أقصى ما يمكن أن تطلبه واشنطن، أما الإسلاميون فلا بواكي لهم".
"تبييض لوجه الحاكم"
من جانبه أكد الحقوقي والإعلامي المصري هيثم أبو خليل، أن "الوفد المصري بالفعل في واشنطن، ولكن الإدارة الأمريكية لا تعتمد على ما يقدمه أشخاص إليها، كوفد أنور السادات من كلام مرسل بأن حقوق الإنسان في مصر بخير".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أبوخليل، أن "واشنطن لديها سفاراتها، وتقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي عن الأوضاع في الشرق الأوسط لكل دولة وحقوق الإنسان بها، والملف كاملا يعتمد على التقارير التي تصدرها الاستخبارات والسفارات الأمريكية".
وأشار إلى أن "حوار أنور السادات لموقع (مدى مصر) 13 أيلول/ سبتمبر الماضي، الذي طلب حذفه كان فضيحة وكشف الكثير من التناقضات المصرية، وأن دور مجموعة السادات انتقائي لصنف من المعتقلين ويقوم بتبييض وجه الحاكم".
وأكد أن "الإدارة الأمريكية ليس لديها رغبة في تحسين ملف حقوق الإنسان، وإدارة بايدن لم تف بوعودها طوال 10 أشهر، وجرى إعدام 17 مصريا بقضية (كرداسة) بشهر رمضان الماضي بالمخالفة لتقاليد السجون، ولم يحرك الديمقراطيون ساكنا".
وقال؛ إنه "في النهاية، فداعمه السيسي الرئيسي هو رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ودولة الإمارات؛ فليفعل ما يشاء طالما أنه يقوم بالتنكيل وقهر التيار الإسلامي، الذي يهدد تل أبيب، وهذا ما يعني الإدارة الأمريكية باهتمامها بحقوق الإنسان في مصر".
ولفت إلى أن "الإدارة الأمريكية غضت الطرف عن قصف المساكن ونسفها في غزة على رأس ساكينها في ازدواجية معايير فاضحة؛ فكيف نعول عليها بملف حقوق الإنسان لمصر؛ لن يكون هناك قيمة للمواطن المصري إلا بإرادة المصريين أنفسهم، وليس بإرادة عابرة القارات أو خارجية".
بدورها، قالت الكاتبة المصرية المعارضة مي عزام، عبر "فيسبوك": "هناك وفد مصري في واشنطن الآن مهمته توضيح موقف نظام الحكم في مصر بالنسبة لملف حقوق الإنسان"، متسائلة: "ماذا يقول؟ وما الحقائق التي سيرد بها على الوقائع؟".