هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تباينت مواقف النواب التونسيين إثر دعوتهم من قبل رئيس البرلمان راشد الغنوشي لاستئناف نشاطهم وعملهم الرقابي في كنف الهدوء والاحترام لمقتضيات الدستور والقانون، مع إعلان بقاء مكتب البرلمان في حالة انعقاد دائم.
واختلفت آراء النواب من الدعوة بين مؤيد لها
واعتبار أن المجلس سلطة لابد من الحفاظ على شرعيتها وبين من يرى أن دعوة الغنوشي
لا معنى ولا قيمة لها وأن البرلمان تم حله وانتهى.
وتأتي دعوة رئيس البرلمان في مفتتح السنة
البرلمانية بعد عطلة سنوية تستمر لشهرين، ولكنها تزامنت كذلك مع تجميد رئيس
الجمهورية قيس سعيد لجميع اختصاصات المجلس النيابي ورفع الحصانة عن جميع النواب
وإنهاء كل الامتيازات التي يتمتع بها الرئيس والنواب.
هذا وتستمر أزمة تونس السياسية وسط تحذيرات من
انهيار اقتصادي واجتماعي وتتالي الدعوات إلى وجوب حوار وطني أو الذهاب إلى
انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة.
اقرأ أيضا: إيكونوميست: سعيّد يحكم بـ"المراسيم" واقتصاد
تونس ينهار
دعوة شرعية
وقال النائب عن التيار الديمقراطي رضا الزغمي في تصريح خاص لـ"عربي21"، بخصوص موقفه من دعوة رئيس البرلمان للنواب لاستئناف نشاطهم إنه "كنائب شعب أعتبر أننا أصبحنا في مأزق حقيقي بين ما قام به رئيس الجمهورية خاصة بعد احتكاره لكل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ونحن نرفض ذلك ونعتبره أمرا غير معقول، وفي ذات الوقت نجد من جهة ثانية رئيس مجلس النواب يدعو إلى عودة العمل كأن شيئا لم يحصل على الرغم من شرعية هذه الدعوة ومشروعيتها".
ولكن النائب رضا الزغمي أقر بأن "المرحلة
الحالية لا تستوجب هذه العودة بقوة لأن جزءا كبيرا من الرأي العام يرفض العودة
ورئيس الجمهورية متشبث بموقفه".
وعن تجاوب النائب الزغمي في حال تمت الدعوة
لاجتماع المجلس عن بعد أو في مكان آخر يرد: "شخصيا لا أرى أنها دعوة وجيهة
لأنها ستزيد في تعقيد الأوضاع ولكن في حال كانت بالتنسيق والحوار مع الرئيس نعم مع
أنني أعتقد جازما أنه من الصعب والمستحيل ذلك".
ومازالت القوات
الأمنية المدعومة بعناصر من الجيش التونسي تُغلق المقرّ الرسمي للبرلمان منذ إعلان
قيس سعيّد تجميد اختصاصات البرلمان في 25 تموز/يوليو الماضي.
من جهتها تؤكد النائبة عن حزب "قلب
تونس" آمال الورتتاني في تصريح خاص لـ"عربي21" أن "دعوة
رئيس البرلمان في مكانها شخصيا أمضيت على بيان النواب المطالبين بالعودة لعملهم،
تم انتخابي كنائبة حتى أعمل، للأسف رئيس الجمهورية استحوذ على كل السلطات وهذا
خطير جدا، الوضع غير طبيعي بالمرة نحن نواب شعب يجب أن نعمل".
وشددت النائبة على أنه عند دعوة النواب
للاجتماع عن بعد ستحضر وستقوم بواجبها "سألتحق أنا نائبة شعب، ما يحصل خطير
الرئيس جعل البرلمان معلقا، البرلمان مؤسسة مهمة وما حصل للأسف انتكاسة كبيرة
وأعتبر أن الديمقراطية انتهت".
ويعتبر النائب عن حركة النهضة ناجي الجمل في
تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "الدعوة رمزيّة لأنّ البرلمان
يعلم استحالة استئناف النشاط دون حلّ وطنيّ شامل".
وتابع الجمل قائلا، "دور المجلس في
التحضير للأزمة جعله مستهدفا من الجميع ولا أحد يرغب في عودته رغم أن جلّ الدعوات
للحلّ تستبطن عودته ولو بشروط، البرلمان مؤسسة دستورية بقطع النظر عن النواب لذلك
لا أرى مرضي دون دور للمجلس، لأجل هذا أرى أنّ الأزمة أعقد من أن يحلها النواب
بتحركات خاصة ما ينبغي أن يتخلفوا عن الحراك ولكن بتنسيق مع جميع الداعين للعودة إلى الشرعية".
رفض
من جهته يرفض النائب المستقل حاتم المليكي في
تصريح خاص لـ"عربي21" الدعوة معتبرا أنها "مواصلة في نفس السلوك
لرئيس البرلمان وهي اتخاذ مواقف وآراء بصفة أحادية باسم رئيس مجلس نواب الشعب، قد
يكون بحكم النظام الداخلي أن الرئيس هو من يدعو في مفتتح السنة البرلمانية
لاستئناف النشاط ولكن الجميع يعلم أن الوضع مختلف ونحن أمام تعليق اختصاصات
البرلمان".
وأفاد النائب المليكي أن دعوة رئيس البرلمان هي
"موقف سياسي أكثر من أنه قانوني وبرلماني ولا سند قانوي له، وهو موقف لرئيس
حركة النهضة استعمل فيه صفة رئيس البرلمان وهي مبادرة مرفوضة".
وأكد النائب المليكي: "لن أستجيب لدعوة
الاجتماع في حال تمت دعوتنا كنواب لها عن بعد، لا وجود لشرعيات متناحرة في تونس
وهي مرفوضة تماما لأنها تؤدي إلى العزلة والشلل".
فيما تؤكد رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي
في تصريحات إعلامية أن كتلة حزبها غير معنية بدعوة رئيس البرلمان: "نحن لم
نعمل مع الغنوشي حين كان المجلس قائم الذات ولن نتعامل معه الآن".
الحوار.. استفتاء.. انتخابات
وعن رؤية النواب لحلحلة الأزمة السياسية
المستمرة منذ أشهر طويلة يرى النائب رضا الزغمي "هناك حلول إما تنقية المجلس
من العناصر التي تبث الفوضى والبلبة وخاصة عبير موسي ونواب كتلتها ونواب ائتلاف
الكرامة وبعض النواب الذين تتعلق بهم قضايا بشبهة فساد".
وأضاف محدثنا: "هذه دعوة للرئيس هو تحدث
عن قائمة نواب تقريبا في حدود ما بين 25 و35 نائبا تتعلق بهم ملفات وليس 217 نائبا
ويعود بذلك البرلمان للعمل ولكن للأسف الرئيس يرفض ذلك وليس ضمن برنامجه لأن
برنامج الرئيس ضرب الديمقراطية البرلمانية أصلا وهذا خطير جدا ومن غير المعقول أن
يحتكر الرئيس كل السلطات".
وأشار النائب عن التيار الديمقراطي إلى حلول
أخرى وهي بالأساس الدعوة إلى حوار شامل أو حل البرلمان بصفة نهائية والدعوة إلى
انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة حتى يتم وضع حد لمقولة "شعب الرئيس
يريد"، "الشرعية البرلمانية تريد"، وعندها يحدد الشعب القرار ويختار من يمثله من
جديد".
من جانبه دعا النائب حاتم المليكي رئيس
الجمهورية إلى حل البرلمان بشكل رسمي وواضح مع الدعوة إلى حوار وفق خارطة طريق
سياسية.
وطالب النائب المليكي "بضرورة تشكيل
حكومة في أسرع وقت ممكن لأنها أولوية قصوى، مع استفتاء على طبيعة النظام السياسي
والشعب يختار".
وشدد النائب على ضرورة الذهاب بعد الاستفتاء
إلى انتخابات مبكرة ويقول الشعب كلمته وأنه في حال تم تغيير النظام ستصبح
الانتخابات الرئاسية ضرورة.
وتعرف الساحة السياسية التونسية أزمة خانقة منذ إعلان قيس سعيّد "إجراءات استثنائية"، شملت إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد اختصاصات البرلمان، وأن يترأس النيابة العامة، والسلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، في خطوة وُصفت بالانقلاب من قبل أغلب الأحزاب في البلاد.