الصرخة التي أصدرها الفنان محمد صبحي والتي ظهرت
في الڤيديو منذ مدة؛ كانت مثار جدل كبير في الشارع
المصري وإعلامه ووسائل التواصل الاجتماعي. تلك الصرخة كانت مؤثرة ومبطنة بمرارة الحزن، وأسىً وغضب لما آل إليه حال الإنتاج
الفني في مصر، وتُعبر عن مدى معاناته من
الاحتكار. الجدل والانقسام كانا بالطبع ما بين معارض مؤيد ومتسائل.
منهم من رأى صبحي مجرد انتهازي لا يأبه إلا بمصلحته الشخصية؛ في أن يقدم مسلسلاً من الدموع مستجدياً، وأن هذا الشجب والنقد يصب في خانة لفت الانتباه لكي يحنو عليه أولو الأمر كما كان الأمر سابقا أيام مبارك.
ومنهم من ذهب إلى أن هذا الڤيديو ما هو إلا بالون اختبار بالاتفاق مع الجهات المسؤولة لقياس الرأي العام.
لكن المؤيدين على الجانب الآخر من النهر، رأوا في خطوة صبحي خطوة جريئة أعادت للأذهان صورته الذهنية أيام مبارك؛ قبل أن يكشف عن وجهه القبيح، ولكن عزاءهم في هذا أن أحدهم ألقى الحجر في المياة الراكدة على أية حال.
لكن برأيي أن المسألة أعمق من مسألة
اتهام فنان أو محاسبته أو حتى معايرته بمواقفه الانتهازية، فالمسألة تخص الخطر الذي يتهدد القوة الناعمة في مصر؛ التي كان لها عظيم الأثر في عالمنا العربي بل وعالميا أيضا.
ألم يخرج من عندنا عمر الشريف مثلا؟
ألم يكن عندنا نجمات تضارع النجمات العالميات بمواهبهن الفذة، سعاد حسني مثال آخر؟
مرة أخرى أقول: قوتنا الناعمة في خطر محدق؛ فهي تعاني من احتكار قد يُغضّ الطرف عنه مرحلياً، ولكن الاحتكار حتى لو كان يظهر بأرقى صوره يؤدي للتهور، فكيف لو كان يعيث في عالم السينما بأسوأ صوره، مع الأسف؟
وما زالت تظهر كارثية هذا الاحتكار في اختيار تيار من أناس بأعينهم؛ مع تجاهل تام وكامل وجامع مانع لفنانين كبار في كافة التخصصات.
هذا الاحتكار أدى إلى ضعف المنظومة الفنية، وانعكس سلباً على إنتاج السنوات الماضية إلا باستثناءات قليلة.
لهذا السبب كان الاهتمام بصرخة صبحي؛ بغض النظر عن
دوافعها. هذه الصرخة؛ تدعو للتأمل والعمل على استعادة دور مصر الريادي في الفن، لعل قوتها الناعمة تتعافى، فهي بلا شك ثروة لا تُقدّر بثمن.