هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه إزاء مقتل مهاجر أفريقي وإصابة آخرين برصاص قوات الأمن الليبية أثناء حملة أمنية واسعة اعتقل فيها آلاف المهاجرين واللاجئين في منطقة قرقارش بالعاصمة طرابلس.
وقال المرصد الأورومتوسطي ـ ومقره جنيف ـ في بيان صحفي اليوم الاثنين، أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، إنّه تلقّى معلومات تفيد بمقتل مهاجر أفريقي (مجهول الجنسية) وإصابة أكثر من 20 آخرين بعضهم بحال الخطر، بالإضافة إلى اعتقال آلاف آخرين، خلال حملة أمنية نفذتها وزارة الداخلية الليبية صباح الجمعة 1 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، في حي الأندلس بمنطقة قرقارش في العاصمة طرابلس.
ووفق معلومات قال الأورومتوسطي إنه اطلع عليها، فقد استقبل مركز "التجميع والعودة" بمنقطة غوط الشعال يوم الجمعة، نحو 4,000 مهاجر ولاجئ من جنسيات أفريقية، عقب الحملة التي قالت وزارة الداخلية الليبية إنّها نفذتها لـ"مداهمة أوكار المجرمين بمنطقة قرقارش"، إذ زعمت أنّ تلك الأماكن تستخدم في ترويج المخدرات والخمور وإيواء المهاجرين غير الشرعيين.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنه اطّلع على صور ومقاطع مصورة وإفادات نشرها شهود عيان، توثّق استخدام قوات الأمن العنف المفرط في التعامل مع المهاجرين واللاجئين، وشمل ذلك الضرب والإهانة واقتحام المنازل بطرق عنيفة من خلال كسر الأبواب وتحطيم الشرفات، بالإضافة إلى تجميع آلاف من المهاجرين واللاجئين بينهم نساء وأطفال بأوضاع مهينة وغير إنسانية.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنه تابع إعلان رئيس الوزراء الليبي تنفيذ ما وصفها بـ"العملية الأمنية المخططة للقضاء على أكبر أوكار صناعة وترويج المخدرات بمنطقة قرقارش"، لكنّه تجاهل في ما يبدو الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها قوات الأمن ضد المهاجرين الذين كانوا يقيمون في المنطقة.
ووفق الأورومتوسطي فإنّ عددًا من المحتجزين مسجلون لدى مفوضية اللاجئين في ليبيا، ويحملون أوراقًا رسمية تفيد بذلك، لكنّ القوات الأمنية لم تحترم وضعهم، وتعاملت معهم بصفتهم متهمين وخارجين عن القانون.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ احتجاز نحو 4,000 مهاجر بينهم نساء وأطفال وقصر على احتمال مخالفة بعضهم للقوانين الليبية، ينتهك بشكل واضح تطبيق المبدأ القانوني المستقر في نصوص القوانين الدولية والقوانين المحلية بخصوص شخصية العقوبة، ويندرج ضمن ممارسات العقاب الجماعي المحظورة في كل الظروف.
وشهد العام الجاري زيادة ملحوظة في استهداف المهاجرين في ليبيا، إذ تنفذ السلطات حملات دورية تحتجز فيها الآلاف في مراكز احتجاز لا تلبي المعايير الإنسانية الدنيا، ما تسبب في وفاة عدد من المهاجرين المحتجزين نتيجة الإهمال الطبي والممارسات غير القانونية، كان آخرهم محتجز سوري توفي في أحد مراكز الاحتجاز بطرابلس، بحسب توثيق المرصد الأورومتوسطي.
وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي يوسف سالم: "إنّ استخدام العنف غير المبرر ضد المهاجرين واللاجئين، واحتجاز أكثر من أربعة آلاف منهم في يوم واحد، يعكس الواقع القاتم الذي يعيشه المهاجرون في ليبيا، والسياسات الرسمية المتبعة ضدهم، والتي تنتهك بشكل واضح الحماية التي يوفرها لهم القانون الدولي".
وأضاف أنّ من حق الدولة الليبية محاربة الجريمة والمخدرات والعمل على ضبط الأوضاع الأمنية في البلاد، لكنّ ذلك لا يبرر بأي حال ممارسة مزيد من الاضطهاد ضد المهاجرين واللاجئين الضعفاء، ومعاملتهم على نحو غير قانوني، خصوصًا في ظل غياب شبه كامل لمتابعة حقيقية لأوضاع المهاجرين من سفارات بلادهم في ليبيا.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة الليبية إلى فتح تحقيق في التجاوزات الخطيرة التي رافقت الحملة الأمنية في طرابلس، بما يضمن محاسبة المتورطين في حادثة قتل مهاجر أفريقي، بالإضافة إلى جميع الانتهاكات الأخرى التي ارتكبتها قوات الأمن ضد المهاجرين خلال الحملة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الحكومة الليبية بالإفراج عن المهاجرين واللاجئين المحتجزين ممن لم يثبت تورطهم بارتكاب أفعال يُعاقب عليها القانون، واحترام حقوق المهاجرين وكرامتهم الإنسانية، ومعاملتهم وفقًا لأحكام القانون الدولي ذات العلاقة، والكف عن استهدافهم جماعيًا على نحو غير قانوني.
وطالب المرصد الأورومتوسطي بعثة الأمم المتحدة في ليبيا والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالتحرك لدى السلطات الليبية للتحقيق في التجاوزات التي تخللت الحملة الأمنية، ومراجعة سياسة السلطات تجاه المهاجرين واللاجئين في البلاد، والعمل على حماية حقوق المهاجرين ومتابعة أوضاعهم.
إقرأ أيضا: مئات المهاجرين المغاربة محتجزون في ظروف غير إنسانية بليبيا