ملفات وتقارير

هل تستطيع حكومة ميقاتي حل أزمات لبنان؟.. خبراء يجيبون

جاء تشكيل حكومة ميقاتي بعد عام كامل من الفراغ السياسي الناتج عن انقسامات سياسية حادة- الرئاسة اللبنانية
جاء تشكيل حكومة ميقاتي بعد عام كامل من الفراغ السياسي الناتج عن انقسامات سياسية حادة- الرئاسة اللبنانية

وقّع يوم الجمعة في لبنان، مرسوم تشكيل الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، وذلك أمام كل من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

وتألفت الحكومة من 24 وزيرا من الاختصاصيين المعروف عن عدد منهم نجاحهم في مجالات عملهم سواء الاقتصادية أو الثقافية أو الإعلامية أو الطبية.

وجاء تشكيل حكومة ميقاتي بعد عام كامل من الفراغ السياسي الناتج عن انقسامات سياسية فاقمت الأزمة الاقتصادية التي استفحلت منذ عامين ولم يسبق للبنان المرور بها.

وساهمت الأزمة الاقتصادية في التسبب بشح الكثير من المواد الأساسية ومنها الوقود والأدوية، ما ساهم في زيادة المشاكل الاجتماعية بين المواطنين وزيادة التوتر أيضا.

حكومة محاصصة


ووفق متابعة عربي21 لبعض وسائل الإعلام اللبنانية فقد عبر كثير من اللبنانيين عن عدم رضاهم بهذه الحكومة المشكلة والتي اعتبروها امتدادا لسابقاتها من الحكومات المتهمة بالفساد بحسب رأيهم.

وعلى ضوء ضبابية المشهد السياسي في لبنان وعلى وقع المخاض العسير الذي تمخضت عنه حكومة ميقاتي، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع هذه الحكومة أو تملك المقدرة على حل أزمات لبنان وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية التي تعصف بحياة وجيب المواطن اللبناني؟

اعتبر المحلل السياسي والأستاذ بكلية الإعلام في الجامعة اللبنانية ببيروت، إبراهيم حيدر، أن "الإنجاز الوحيد الذي يمكن الحديث عنه هو أن هذه الحكومة تشكلت، حيث لا يمكن للبنان أن يستمر دون وجود حكومة تديره، لكنه بالتأكيد لا يمكن وصف ذلك بالإنجاز العظيم".

وأوضح حيدر خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "تشكيل الحكومة جاء بعد صراع ونزاعات وعقبات كانت تعرقل حدوث ذلك، وبالتالي فهي حكومة سياسية بالمعنى غير المباشر، على الرغم من وجود اختصاصيين ضمن أعضائها، فإنهم بالنهاية يمثلون القوى السياسية الحاكمة ضمن الاصطفاف السياسي الطائفي في البلد".

وأشار إلى أنها " تتضمن في داخلها عناصر تفجير داخلية بمعنى أنها حكومة غير متجانسة، حيث تشكلت وفق الثلث المعطل بمعنى أنه تمكن رئيس الجمهورية بموقعه وبما يمثله وبدعم من الناظم السياسي لأمور البلد وهو حزب الله من الحصول على الثلث المعطل، بالتالي فإن تشكيلها جاء ضمن المحاصصة ولهذا فإن أي مشروع أو خطة إصلاحية سيخضع لهذه الشروط التي تشكلت الحكومة على أساسها".


لافتا إلى أن "هذه الشروط التي ستخضع لها الحكومة هي نفسها التي منعت وأخرت تشكيلها، الذي لم يتم إلا بعد ضغوط دولية ومحلية ولأسباب لها علاقة بانهيار البلد".

 

وحول قدرة الحكومة على حل أزمة لبنان الاقتصادية قال حيدر: "حيثيات تشكيلها تطرح علامات استفهام حول قدرتها على نقل البلد إلى مرحلة جديدة، ولا نقول إنها ستكون مرحلة نهوض البلد ولكن على الأقل ستكون مرحلة لوقف الانهيار المتتالي الذي أخذ من رصيد البلد وأفقر اللبنانيين وأدى إلى تغييب معالم الدولة كاملة".

وأكد أن "هناك معضلات وصعوبات تقف أمام قدرة الحكومة على حل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد والمواطن اللبناني، لهذا فهي الآن أمام بيان وزاري من المفترض أن تتفق عليه وبنفس الوقت يحدد موقفها السياسي محليا وإقليميا ويبني ويحدد مشروعها الاقتصادي للإنقاذ".

ويرى أن "حكومة ميقاتي ربما تتمكن من وقف الانهيار بحده الأدنى، وبالتالي فإن تشكيلها أمر إيجابي ولكنه بنفس الوقت ليس بهذا الإنجاز العظيم حيث تأخرت القوى السياسية الحاكمة في الاتفاق على تشكيلها، الذي لو تم قبل سنة لكان الأمر مختلفا تماما، حجم الانهيار الذي حدث في الاقتصاد وبنية البلد كبير جدا".

 

اقرأ أيضا: خبراء: مكالمة رئيسي-ماكرون سهلت ولادة حكومة ميقاتي

تحديات دون حلول


من جهته لفت الباحث والكاتب اللبناني وائل نجم، إلى أن "حكومة ميقاتي أمامها تحديان أساسيان، الأول والعاجل يتعلق بالأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد"، مشيرا إلى أنه "بهذا الوقت تحتاج إلى إدارة مفاوضات دقيقة وسريعة مع صندوق النقد الدولي والدول الداعمة التي يمكن أن تقدم مساعدات فعلية على هيئة هبات أو قروض".


وأوضح نجم خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "المفاوضات هي التحديث الأصعب، وذلك لحاجة لبنان إلى سيولة نقدية بالعملات الصعبة والتي لا يمكن توفيرها إلا من خلال هذا الخيار".


وأكد أن على "الحكومة تشكيل قناعة للمجتمع الدولي وصندوق النقد، والذي يضع مجموعة شروط تأتي على هيئة مطالب بإجراء إصلاحات لها علاقة بالقانون اللبناني والاقتصاد والإدارة لوضع حد لحالة الفساد المستشرية في البلد، وهذه الشروط في عمقها وحقيقتها تتعلق بمصادرة القرار اللبناني على المستوى السياسي وفق البعض هنا".


وأما التحدي الثاني أمام الحكومة وفق نجم فهو "إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، حيث تحتاج إلى تحضيرات خاصة مع وجود ملاحظات على قانون الانتخاب الذي أجريت على أساسه الانتخابات السابقة".


وأوضح أن "لبنان يعيش حالة انقسام ليست بالهينة، خاصة أن من يحصل على الأغلبية النيابية هو من سيشكل الحكومة بعد انتهاء فترة ولاية الرئيس عون، وهذا الأمر يعتبر جزءا من الصراع القائم حاليا سواء في الداخل اللبناني أو حتى بين القوى المتنافسة إقليميا والتي تستخدم لبنان ساحة لها".

وعن قدرة الحكومة على إجراء الانتخابات المقبلة، اعتبر نجم أن "ذلك أمر إجرائي ويمكن تنفيذه، ولكن المسألة الأساسية تكمن في مدى نزاهة وشفافية هذه الانتخابات ومدى تمثيلها ونتائجها، خاصة أن الانتخابات الماضية كان عليها الكثير من علامات الاستفهام والاتهام بالتزوير في أكثر من مكان".


وأكد نجم أن حكومة ميقاتي أو أي حكومة أخرى لا تمتلك أوراق لعب أو ضغط لحل الأزمة الاقتصادية، لأن لبنان للأسف تحول إلى ساحة وصندوق بريد للقوى الدولية والإقليمية التي تتنافس وتتصارع في المنطقة".

وقال إن "قلق معظم الأطراف التي لها علاقة بما يجري في لبنان من انهيار الوضع فيه بشكل كامل هو نقطة القوة الأساسية التي تتكئ عليها الحكومة المشكلة لإدارة ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولتشكيل قناعة بالاتجاه الآخر بضرورة تسهيل الإجراءات التي تتصل بالبلد حتى لا يقع رهينة الفوضى والانزلاق نحو المجهول، فلا مصلحة لأي طرف من الأطراف سواء داخليا أو خارجيا بهذا الأمر".

القدرة على تنفيذ شروط صندوق النقد


ولتلبية حاجة لبنان من السيولة النقدية من العملات الصعبة فإن هذه الحكومة تحتاج وفق المحللين لإقناع صندوق النقد الدولي والدول الداعمة، ولكن دائما ما يطلب الصندوق من الدول المقترضة منه شروطا تعتبرها بعض هذه الدول تعجيزية وتمس بسيادتها، فهل تستطيع حكومة ميقاتي تنفيذ هذه الشروط؟

 

أوضح المحلل السياسي إبراهيم حيدر أن "المفاوضات مع صندوق النقد الدولي هي المرحلة الأولى من القرض، وستدور حول وضع خطة لإقراض لبنان ومساعدته على الخروج من الأزمة".

واستدرك بالقول: "سيكون هناك عقبات سياسية قائمة في البلد وداخل الحكومة نفسها، حيث يوجد خلاف داخلها حول الطريقة التي سيدار وفقها النقاش مع صندوق النقد الدولي، فهناك وجهة نظر داخل الحكومة ترى أنه للخروج من الأزمة يجب التوجه ناحية الشرق ودول أخرى مثل روسيا والصين وإيران".

ولهذا فإنه "حتى مسألة القرض من صندوق النقد الدولي تعتبر مسألة خلافية داخل الحكومة، وبالتالي فإن هذا الأمر ريما سيكون معضلة وعقبة تقف عائقا أمام قدرة الحكومة على استجلاب المساعدات والحصول على قروض ومساعدات دولية للخروج من الأزمة"، وفق قول حيدر.

 

اقرأ أيضا: ميقاتي يعلن حكومة جديدة للبنان ويدعوها للاجتماع الاثنين

شروط تعجيزية


من جهته أكد الكاتب وائل نجم على "صعوبة مهمة ميقاتي في ما يتعلق بالحصول على قرض من صندوق النقد الدولي"، مشيرا إلى أن "الصعوبة تكمن في أن هذه الحكومة لن تستطيع تلبية شروط الصندوق".

وأوضح أن "عدم القدرة على تنفيذ شروط الصندوق يعود لسبب، هو أن بعض هذه المطالبات والشروط ليس لها علاقة فقط بإجراء إصلاحات سياسية، ودستورية وقانونية وإدارية تتضمن مكافحة الفساد".

وأضاف: "يتعلق بعض هذه الطلبات بموضوع النزاع الحدودي البحري بين لبنان وكيان الاحتلال الإسرائيلي على الحقول أو مناطق النفط في المتوسط، وأيضا يدخل سلاح المقاومة ضمن هذه الشروط، والتي لا يمكن للحكومة أن تقررها بدون رضا أو قبول من قبل حزب الله، وبالتالي فأنا لا أظن أنه يستطيع تلبية هذه الشروط لأننا نعيش إذا شئنا تسميتها حالة من الصراع بين قوى متعددة لها علاقة بهذه العناوين بشكل أساسي".


التعليقات (1)
من سيربح المليار
الإثنين، 13-09-2021 01:48 ص
تفاؤلوا بالخير تجدوه وبقدوم حكومة ميقاتي ومعه جورج قرداحي سنعلم من سيسرق المليون وخاصة بعد وصول الغاز الاسرائيلي عن طريق مصر والاردن وسوريا الاسد ومع قدوم الدعم البترولي الايراني من الجانب الاخر فالخير قادم ومحور الممانعه والصمود والتصدي صامد وبدعم من تل ابيب وطهران وباوامر امريكيه ولاخوف على لبنان بوجود سيد المقاومه وكنز تل ابيب في تنفيذ مشاريعها وتحت شعارات لن تسبى زينب مرتين وياثارات الحسين الى حين ظهور الدجال ومعه سبعين الف عمامه وقلنسوة من اتباع الولي السفيه.