هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اهتمت الصحافة العالمية بتناول المشهد الأخير للانسحاب الأمريكي من أفغانستان، بعد احتلال دام 20 عاما.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن انسحاب آخر دفعة من القوات الأمريكية من أفغانستان، مشيرة إلى أن الرحلة الأمريكية الأخيرة من مطار كابول خلفت وراءها مجموعة من الوعود التي لم تتحقق وتساؤلات مقلقة حول مصير البلاد تحت حكم طالبان.
وقالت الصحيفة إن نهاية أطول حرب للولايات المتحدة لم تتخذ طابعا رسميا، حيث انتشرت القمامة عبر مهبط طائرات واحد في مطار كابول الدولي الذي شهد مغادرة آخر الجنود الأمريكيين، بينما ظل الأفغان خارج البوابات أملا في إجلائهم، وأطلقت طالبان الألعاب النارية في سماء البلاد احتفالا بانتصارها على العدو.
وأوضحت الصحيفة أن الأمر متروك حاليا لطالبان لتقرر ما إذا كانت ستطيل أمد انتقامها، أم أنها ستتبنى المسار الجديد الذي وعد به قادتها في الأيام الأخيرة، والذي يتمحور حول المصالحة بين أطياف الشعب الأفغاني.
ونشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن مصير أفغانستان الذي يبدو ضبابيا مع خروج آخر جندي أمريكي من الأراضي الأفغانية. وذكرت الصحيفة أن عملية الإجلاء تمت بواسطة طائرة نقل عسكرية من طراز سي-17، كان على متنها الميجور كريستوفر دوناهو، قائد الفرقة الجوية 82، والسفير الأمريكي روس ويلسون، وقد انطلقت قبل دقائق من الموعد النهائي في 31 آب/ أغسطس.
وأكدت الصحيفة البريطانية أنه لم تكن هناك ضجة أو احتفالات، ولم يتم تسليم الأعلام لحكام البلاد الجدد، كما تم تدمير جميع المركبات المدرعة وغيرها من المعدات العسكرية المتبقية، وتم إبلاغ حركة طالبان بالرحلة الأخيرة.
ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، قوله إن أكثر من 100 جندي أمريكي أرادوا المغادرة لكنهم لم يتمكنوا من السفر في الرحلة الأخيرة، موضحا أن وزارة الخارجية ستواصل العمل على إجلائهم.
وكان الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، قد أعلن عن لحظة المغادرة التاريخية، حيث ظهر عبر بث مباشر بالفيديو على الموقع الرسمي للبنتاغون.
وفي تقرير آخر، أفادت صحيفة الغارديان بأنه في تمام الساعة 11.59 مساءً بتوقيت كابول، غادرت آخر خمس طائرات أمريكية من طراز سي- 17 الأراضي الأفغانية. وأرسل قائد القوات الأمريكية، كريس دوناهو، رسالة أخيرة إلى قواته يقول فيها "عمل جيد، أنا فخور بكم جميعًا".
واعتبرت الصحيفة أن الصورة التي نشرتها القيادة المركزية الأمريكية للميجور دوناهو وهو يصعد على متن الطائرة، تشير بوضوح إلى انسحاب الولايات المتحدة المهين من أفغانستان.
وقالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في رصدها للحدث إن المسؤولين وصفوا عملية إجلاء 123 ألف شخص بأنه أكبر مهمة غير قتالية في تاريخ الولايات المتحدة، لكن مصير عشرات الآلاف من المدنيين الأفغان ما زال غير واضح.
وأوردت المجلة أن الانسحاب الأمريكي ترك مطار كابول يحتضر، وأصبحت الحدود البرية هي وسيلة الخروج الوحيدة من البلاد، وأضافت أن خروج القوات الأمريكية النهائي من أفغانستان يترك إدارة بايدن في موقف حرج، حيث أنها مضطرة لمواصلة جهود الإجلاء في بلد يسيطر عليه أحد خصوم الولايات المتحدة، ولا يوجد فيه أي عسكري أو دبلوماسي أمريكي.
صورة رمزية للانسحاب المهين
اعتبرت صحيفة "الموندو" الإسبانية أن الميجور كريس دوناهو، قائد الفرقة 82 المحمولة جوا، أصبح رمزا لنهاية الحرب في أفغانستان. وقد نشر البنتاغون على حسابه على تويتر صورة لدوناهو قبل فترة وجيزة من صعوده على متن طائرة عسكرية من طراز بوينغ سي-17، أقلعت من مطار حامد كرزاي الدولي في كابول.
وأضافت الصحيفة أن هذه الرحلة الأخيرة وضعت حدا لأطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.
من جانبها، أشارت صحيفة "البيريوديكو" الإسبانية إلى أنه يمكن مقارنة صورة الجنرال دوناهو بصورة الجنرال السوفييتي بوريس غروموف، الذي قاد طابورا مدرعا عبر جسر الصداقة إلى أوزبكستان، عندما خرج الجيش الأحمر من أفغانستان سنة 1989. وقد ظهر غروموف يسير مع ابنه على الجسر الذي يعبر نهر أمو داريا حاملا باقة من الزهور الحمراء والبيضاء.
عبر غروموف جسر الصداقة بتاريخ الخامس عشر من شهر شباط/ فبراير سنة 1989، منهيا حرب الاتحاد السوفييتي التي استمرت 10 سنوات في أفغانستان، والتي قتل خلالها أكثر من 14 ألف جندي سوفييتي.
وأضافت الصحيفة الإسبانية أن دوناهو وجنوده سوف يحملون صورا مفجعة للأيام الأخيرة التي عاشوها في كابول، حيث شاهدوا الأفغان يهرولون للهروب من البلاد ويسقطون من أجنحة الطائرات، والأسوأ من ذلك كله، مقتل العشرات من الأفغان و13 جنديا أمريكيا في هجومين استهدفا المطار قبل أيام.
وقد صرّح الجنرال ماكنزي قائد القيادة المركزية الأمريكية أنه "على الرغم من اكتمال الإجلاء العسكري، تواصل البعثة الدبلوماسية تأمين المزيد من المواطنين الأمريكيين والأفغان الراغبين في المغادرة".
وقال الجنرال ماكنزي، الذي اعترف بعدم تمكن قواته من إجلاء الكثير من الأشخاص، إنه "منذ الرابع عشر من شهر آب/ أغسطس، خلال 18 يوما، قامت طائرات من الولايات المتحدة وحلفائها بإجلاء أكثر من 123 ألف مدني من مطار حامد كرزاي الدولي".
وقالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية إن البنتاغون اختار عن قصد نشر صورة رديئة لآخر جندي يغادر أفغانستان ليجعلها رمزا لهذا الحدث التاريخي. وحسب الصحيفة الفرنسية، سيُسجل اللواء دوناهو في التاريخ باعتباره رمز الانسحاب المهين للولايات المتحدة من أفغانستان.