هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
هل استعجل قيس سعيّد في تعيين مكلّف بتسيير وزارة الداخليّة دونا عن بقيّة الوزارات الشاغرة.. بإجراءات تخرق الدستور.. للشروع في تنفيذ إيقافات استثنائيّة وفق قانون الطوارئ وخارج إطار القضاء..؟؟!!
بخلاف إقالة رئيس الحكومة.. فإنّ رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد أقال ثلاثة وزراء سيادة هم وزراء الداخليّة والعدل والدفاع.. وكلّف الكتّاب العامّين أو المديرين الإداريّين والماليّين بالقيام بمهام الوزير في تسيير الوزارت بالنيابة..
لكن.. ودونا عن أكثر من عشر وزارات بلا وزير.. فإنّ قيس سعيّد
لم يستعجل إلاّ في تعيين وزير الداخليّة اليوم..
ويبدو أنّ الغرض الحقيقي لذلك ليس ضبط الأمن.. أو فقط النزعة
الأمنيّة لإجراءاته وقراراته الأخيرة.. وإنّما الغرض أساسا من استعجال تعيين قائم بوزارة
الداخليّة هو تطبيق أحكام قانون الطوارئ الذي يعطي سلطة الإيقاف ووضع الأشخاص تحت الإقامة
الجبريّة ووقف وسائل الإعلام وغير ذلك من الإجراءات الاستثنائيّة بمقتضى حالة الطوارئ..
ودون إذن قضائيّ.. لوزير الداخليّة..!!
يعكس ذلك بوضوح أنّ أهمّ ما حرص عليه قيس سعيّد حاليّا هو
استعجال اكتسابه لآليّة إيقاف المواطنين أو وضعهم تحت الإقامة الجبريّة وذلك خارج نطاق
القضاء.. بمجرّد قرار من وزير الداخليّة.. الذي هو تحت إمرته الكاملة والمباشرة..
يتأكّد ذلك يقينا باختيار سعيّد لشخص كان يعمل معه في قصر
الرئاسة منذ شهر أفريل 2020 كمستشار في دائرة الأمن القومي.. أي أحد رجاله..!!
بهذا أعطى الرئيس سعيّد الأولويّة لذلك الهدف حتّى على حساب
تجاوز حالة الفراغ في رئاسة الحكومة وفي أغلب الوزارات الأخرى..
- يذكرّنا هذا التوجّه وهذه النيّة بقرار رئيس الجمهوريّة
في خطابه الشفاهي بمناسبة إعلان تفعليه للفصل 80 من الدستور الذي أعطى لنفسه فيه صفة
المشرف على النيابة العموميّة.. والتي هي أصلا من صلاحيّات القضاء.. وقد عكس ذلك رغبته
في الاستحواذ على اختصاص النيابة العموميّة في فتح البحث ضدّ أشخاص وتوجيه التهم إليهم
والأمر بإيقافهم وإحالتهم على القضاء.. وهو الأمر الذي يبدو أنّ قيس سعيّد تراجع فيه
لاحقا.. مرّة أولى عندما أصدر البلاغ الرسمي المكتوب لإجراءاته المعلنة ولم ينصّ فيها
على ذلك الاختصاص.. ومرّة ثانية عندما التقى بأعضاء من المجلس الأعلى للقضاة بيّنوا
له بوضوح بأنّه لا سبيل لخرق استقلاليّة القضاء ولا للاستيلاء على بعض صلاحيّاته ومنها
النيابة العموميّة.. ومرّة ثالثة عندما أصدر رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد الصيغة التنفيذيّة
لقراراته بالرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة ولم ينصّ على إشرافه على النيابة العموميّة..
وهو قانونا النصّ الرسمي النافذ المفعول..
- من جهة أخرى..
ومع تجاوز الخرق القانوني باعتبار أنّ الدستور لا يخوّل بأيّ شكل لرئيس الجمهوريّة
لا عزل ولا تعيين الوزراء ولا تعيين المكلّفين بتسييرها ولو وقتيّا.. لكون الرئيس سعيّد
نسبه لنفسه زورا على أساس تأويله الخاصّ للفصل 80 من الدستور.. فإنّ الغريب أنّ قيس
سعيّد عيّن شخصا مكلّفا بتسيير وزارة الداخليّة مؤقّتا.. ونظّم له طقوس أداء اليمين
الدستوريّة طبق الفصل 89 من الدستور كما جاء ببلاغ الرئاسة الرسميّ..
وتجدر الإشارة أوّلا إلى أنّ الدستور لا يتحدّث أصلا عن تعيين
"مكلّف وقتي بتسيير وزارة" في أيّ فصل من فصوله..
وثانيا.. فإنّ المعمول به أنّ أداء اليمين الدستوريّة يكون
لرئيس الحكومة وأعضائها أي الوزراء وكتّاب الدولة.. ولا يمكن اعتبار المكلّف بتسيير
وزارة مؤقّتا عضوا في الحكومة..
ثالثا.. أنّ رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد سبق له وبنفسه أن
اعتبر أنّ تعيين أعضاء في الحكومة بطريقة منفردة لا يخضع لأحكام الفصل 89 من الدستور..
وقال بأنّ هذا الفصل ينطبق فقط في حالة تكوين حكومة جديدة برمّتها بعد الانتخابات التشريعيّة..
وقد أبدى ذلك الرأي صراحة للتعليق على ما اعتبره إخلالات دستوريّة لتبرير رفضه استقبال
الوزراء لأداء اليمين في التحوير الوزاري السابق الذي أجراه هشام المشيشي..
وهكذا فإنّ قيس سعيّد يقول الشيء ونقيضه.. ويفتي بآراء مختلفة
في نفس الفصل الدستوري وفي نفس الواقعة..!!!
- لماذا يتعسّف قيس
سعيّد على الدستور ويجعل مكلّفا وقتيّا بتسيير وزارة الداخليّة يؤدّي اليمين الدستوريّة
أمامه ببدعة لا وجود لها ؟؟!!
هل أنّ الجواب البسيط أنّه يحاول أن يعطي "شرعيّة دستوريّة"
مزعومة ولا وجود لها.. لذلك الشخص الذي سيكلّفه وقتيّا بتسيير وزارة الداخليّة.. وسيكلّفه
بإجراء الاعتقالات والإيقافات وتنفيذ الإجراءت الاستثنائيّة خارج إطار القضاء..؟؟!!
(عن صفحته الشخصية- فيسبوك)
هل يعكس عزل قيس سعيّد لسفير تونس بواشنطن مشاكل مع الولايات المتحدة؟