هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"، تقريرا لمراسلها في لندن ستيفين كاستل، ترجمته "عربي21"، قال فيه إن محطات الوقود أُغلقت وألغيت برامج جمع القمامة، وفرغت رفوف الأسواق من الطعام والماء والسلع الأساسية الأخرى، بعد رسالة من تطبيق خاص بكوفيد-19 أرسلت للسكان.
وقال كاستل إن ذلك وقع في الأسبوع الذي وعد فيه رئيس الوزراء بوريس جونسون إنجلترا، بالعودة إلى الحياة الطبيعية، حيث تم إخطار مئات الآلاف من الأشخاص من خلال تطبيق هاتف تابع للحكومة، يطلب منهم حجر أنفسهم لمدة 10 أيام لأنهم كانوا على اتصال بشخص ثبتت إصابته بكورونا.
وبعد انتهاء شهور من قواعد الإغلاق، عانت الدولة المنهكة من فيروس كورونا أزمة جديدة بدلا من ذلك.. إنه وباء (إخطارات تطبيق كوفيد-19 للمستخدمين).
ولفت كاستل إلى تأثر الكثير من العمال لدرجة أن بعض الشركات أغلقت أبوابها أو بدأت في البحث اليائس عن موظفين جدد، واندلعت معركة سياسية مع حزب العمال المعارض الذي حذر من "صيف من الفوضى" بعد تصريحات متناقضة من الحكومة حول كيفية التصرف إذا وصل الشخصَ إخطارٌ من التطبيق يطلب منه الحجر.
وأوضح أن أولئك الذين يتم إخطارهم من قبل التطبيق "ليسوا مطالبين بموجب القانون القيام بالحجر ولكن الموقف الرسمي للحكومة هو أنها تريد منهم القيام بذلك".
وقالت الصحيفة الخميس، إن بعض العاملين في عدد من القطاعات الحيوية يمكن إعفاؤهم من ذلك من أجل استمرار سير الأمور.
جاء ذلك بعد تحذير من رئيس بلدية لندن، صادق خان، من احتمال تعطل شبكة النقل في العاصمة، والإمدادات الغذائية وخدمات جمع القمامة.
وقالت قوة شرطة في ويست ميدلاندز إنها تعرضت لنقص في الموظفين. وناشدت المتاجر العملاء عدم القيام بشراء أكثر من حاجتهم، بل كانت هناك دعوات للحكومة للنظر في استخدام الجيش للمساعدة في سد النقص في سائقي الشاحنات.
من جهته قال تيم بيل، أستاذ السياسة في جامعة كوين ماري في لندن: "يبدو أن هناك فوضى مطلقة في قلب الحكومة في الوقت الحالي: لديك وزراء لا يتحدثون من نفس النص، وهذا يشير إلى عدم وجود نص"، مضيفا أنه كان من الواضح أن ارتفاع عدد الحالات - وهو ما توقعته الحكومة نفسها - سيعني المزيد من الأشخاص الذين تصلهم الإخطارات.
لم يكن هذا ما كانت تأمله الحكومة عندما رفعت معظم القيود القانونية المتعلقة بجائحة كورونا في إنجلترا يوم الاثنين، وهي لحظة أشادت بها الصحف الشعبية باسم "يوم الحرية".
ويجادل جونسون بأن البلاد تتمتع بمستويات جيدة من الحماية بسبب طرح اللقاح الناجح وأن الصيف هو أفضل وقت لإنهاء القواعد لأن المدارس في إجازات، ويميل الناس إلى تقليل انتقال الفيروس مع قضاء المزيد من الوقت في الهواء الطلق.
ولكن تزامن تخفيف القيود مع ارتفاع كبير في عدد الحالات الجديدة، التي بلغت حوالي 40 ألف حالة في اليوم، مدفوعة بمتغير دلتا شديد العدوى. وانعكس ذلك حتما في عدد الأشخاص الذين تصلهم الإخطارات؛ ففي الأسبوع الممتد من 8 إلى 15 تموز/ يوليو، أصدر التطبيق أكثر من 600,000 تنبيه، ما شكل ضغطا شديدا على العديد من الشركات والخدمات العامة.
وحذرت المتاجر الكبرى من نقص الموظفين، كما فعلت شركات النقل بالشاحنات، وقالت جمعية تصنيع اللحوم البريطانية إن ما نسبتهم 5 إلى 10 في المائة من القوة العاملة في بعض شركاتها وصلتهم إخطارات من التطبيق. وأضافت أنه إذا تفاقم الوضع أكثر، فسيضطر البعض لبدء إغلاق خطوط الإنتاج.
وقال خان، عمدة لندن، لصحيفة إيفننغ ستاندرد المحلية: "إنني قلق بشكل متزايد بشأن قدرتنا على الحفاظ على المستويات الحالية من الخدمات بالغة الأهمية مثل النقل العام، والإمدادات الغذائية، وجمع القمامة".
بعض الشركات في حالة صعبة للغاية لدرجة أنها تطلب من الموظفين الذين تصلهم إخطارات من التطبيق عدم الحجر ولكن فحص أنفسهم والقدوم إلى العمل إذا كانت النتيجة سلبية.
ولتعقيد الأمور بشكل أكبر، فإن هناك نظامين متوازيين للتحذيرات من فيروس كورونا في بريطانيا.
فبالإضافة إلى التطبيق، تمتلك الحكومة نظاما تقليديا لتتبع المخالطين، مع طاقم من العاملين يتصلون بالناس للتحذير من احتمال كونهم تعرضوا للخطر. الأشخاص الذين يتلقون تعليمات عبر الهاتف بحجر أنفسهم ملزمون قانونا بالقيام بذلك، في حين يعتبر إخطار التطبيق غير ملزم.
في بعض الأحيان، قوضت الحكومة دعواتها للأشخاص الذين تصلهم اخطارات بالحجر لاتباع هذه النصيحة.
وتعرض بوريس جونسون ووزير الخزانة ريشي سوناك، لإخطار من التطبيق في نهاية الأسبوع الماضي لأنهما أمضيا وقتا مع وزير الصحة ساجيد جافيد، الذي أصيب بفيروس كوفيد-19. لكن داونينغ ستريت [مقر الحكومة] أعلن أن جونسون وسوناك لن يحجرا وبدلا من ذلك فإنهما سيشاركان في مشروع تجريبي يسمح لهما بمواصلة العمل بينما يخضعان لفحوص منتظمة.
لذا فقد كان رد الفعل القوي سريعا بحيث تم عكس القرار في غضون ساعتين، حيث وعد كلا الرجلين بالانصياع لإخطار التطبيق.
وتداعى الإيمان بالنظام مرة أخرى عندما أشار وزير الأعمال، بول سكالي، إلى أن إخطار التطبيق هو مجرد نصيحة استشارية - بيان صحيح ولكنه لا يتماشى مع التعليمات الصادرة باستمرار عن داونينغ ستريت للناس لحجر أنفسهم إذا طُلب منهم ذلك.
وطوال الأسبوع، طرح "الوباء" أسئلة أكثر تعقيدا. ماذا يجب أن تفعل، على سبيل المثال، إذا وصلك إخطار بالحجر في اليوم السابق لحفل الزفاف؟ هل عليك أن تلغي الحفل؟
وقالت فيكتوريا أتكينز، وكيلة وزارة الداخلية، لراديو أل بي سي عندما طُرح هذا السؤال عليها: "يا إلهي.. التوجيه هو 'من فضلك، يجب أن تبقى في المنزل'.. هذا سيناريو صعب للغاية".
ووفقا لتقارير إعلامية، فقد كانت إحدى الأفكار المطروحة داخل الحكومة هي تقليل عدد الأشخاص الذين يتم الاتصال بهم من خلال إضعاف حساسية التطبيق، والذي يستخدم تقنية بلوتوث لإخطار أولئك الذين كانوا على بعد مترين من شخص مصاب لمدة 15 دقيقة أو أكثر، ويبدو أنه تم رفض ذلك على أساس أنه سيمنع التطبيق من أداء وظيفته.
وقد يكون الحل الأكثر وضوحا هو إعفاء أولئك الذين يتمتعون بحماية جرعتين من اللقاح - أكثر من نصف السكان - على الرغم من أن بعض الأشخاص يمكن إصابتهم حتى بعد التطعيم. تخطط الحكومة للقيام بذلك على أي حال، ولكن ليس حتى منتصف آب/ أغسطس، حيث إن التأخير هو إتاحة الوقت لمزيد من الناس ليتم تطعيمهم.
لكن وزير الصحة السابق، جيريمي هانت، تساءل يوم الخميس عما إذا كان الوقت قد حان "للحكومة للاستماع إلى الرأي العام وإلغاء شرط الحجر لمدة 10 أيام على الفور للأشخاص الذين أخذوا جرعتين من اللقاح".
وحذر من أنه "بخلاف ذلك، فإننا نجازف بفقدان الموافقة الاجتماعية لهذا السلاح المهم للغاية ضد الفيروس"، في إشارة للتطبيق. قد يكون هذا ما يحدث بالفعل.
يبدو أن أحدث البيانات تظهر ارتفاع عدد الإصابات بشكل أسرع من عدد الإخطارات. هذا، ونتائج بعض استطلاعات الرأي العام، تشير إلى أن التطبيق يتم حذفه بهدوء من الهواتف في جميع أنحاء البلاد.
ربما كان الأمر الأسوأ بالنسبة للحكومة، أن أزمة "وباء البنغات" أوضحت حجم المقامرة التي اتخذها جونسون بإلغاء جميع قيود فيروس كورونا تقريبا في إنجلترا - حتى افتتاح الملاهي الليلية - في وقت كانت فيه الإصابات عالية جدا.
وقال البروفيسور بيل، الذي أشار إلى أن ذلك كان نتيجة منطقية لأعداد الحالات الكبيرة: "إن التركيز على'وباء البنغات' هو نوع من الإلهاء.. المقلق حقا هو أن الفيروس أصبح جامحا مرة أخرى".