حقوق وحريات

محررو القدس.. من سجون الاحتلال إلى قهر الإبعاد

"لن يؤدي هذا القرار إلى أي تغير في موقفنا، نحن أبناء القدس وفلسطين ثابتون على موقفنا"- جيتي
"لن يؤدي هذا القرار إلى أي تغير في موقفنا، نحن أبناء القدس وفلسطين ثابتون على موقفنا"- جيتي

يستمر الاحتلال في سياسات البطش بحق أهالي القدس المحتلة دون استثناء، ففي خضم عمليات الهدم والتشريد والاعتقالات والتضييق يقرر إبعاد أربعة أسرى محررين عن مدينتهم لفترات تتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر بحجة أنهم ناشطون في حركة "حماس".


وتعد الممارسة نهجا لدى الاحتلال، إذ اعتقلت قوات الاحتلال عدة سنوات أربعة من نواب ووزراء الحركة عن مدينة القدس المحتلة وأبعدتهم قسرا إلى رام الله؛ وقامت بسحب هوياتهم المقدسية، كما أصدرت خلال السنوات الأخيرة قرارات عدة بإبعاد محررين مقدسيين لعدة أشهر، بحجة "تشكيله خطرا على أمن دولة" الاحتلال.


ورغم أن مثل هذه القرارات تؤثر على حياة المحررين وتحرمهم من التواجد مع عائلاتهم وأطفالهم؛ إلا أنها لا تؤثر على مدى تعلقهم بمدينتهم المقدسة والدفاع عنها، وعلى مدار سنوات من إصدار مثل هذه القرارات أثبتت أنها لا تجدي نفعا أمام تصدي المقدسيين للاحتلال ومخططاته في المدينة.


"إبعاد جزئي"


الإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك هو العقوبة الأبرز في القدس المحتلة، ولكن الإبعاد عن المدينة يعتبر إجراء عنصريا مضاعفا للمقدسيين خاصة المحررين الذين يعتبر الاحتلال أنهم يهددون أمنه، ويضاف إلى ذلك حرمان المقدسيين المحررين من دخول الضفة المحتلة لفترات طويلة وكذلك منعهم من السفر خارج فلسطين.


ووفقا لحقوقيين وقانونيين فإنه فلا يوجد مفهوم قانوني للإبعاد لكن يمكن تصنيفه ضمن ما يسمى بـ "تقييد الحركة"، وهو منع الشخص من التواجد في مكان معين، وأن الاحتلال يتعامل مع القوانين المختلفة بعيدا عن فحواها الأصلي والتي من الطبيعي أن تطبق على المعتقلين الجنائيين.


وفي حديث لـ"عربي21"، قال الناشط المقدسي والمحرر ناصر الهدمي إنه تم إبلاغه من قبل المحامي أثناء تواجده في مركز تحقيق المسكوبية؛ أن ضابط المخابرات الإسرائيلي استدعاه وثلاثة محررين آخرين؛ هم يعقوب أبو عصب وماجد الجعبة وسليم الجعبة، للتواجد أمام ما تسمى "غرفة 4" في المسكوبية.

 

اقرأ أيضا: شهيدة بالقدس واعتقالات بالضفة تطال أسرى محررين (شاهد) 


وأوضح أن أربعتهم توجهوا للاستدعاء في اليوم التالي؛ وتم تسليمهم قرارات مكتوبة؛ وتم إخبارهم بنية إعطائهم قرارات إبعاد عن مناطق معينة بالقسم الشرقي من مدينة القدس؛ ممنوع عليهم التواجد فيها؛ كما سيتم منعهم من التحدث مع أشخاص معينين سيتم تحديدهم لاحقا.


وأضاف:" هم يعتبرون أننا ناشطين في حماس وأن نشاطنا يهدد أمن الاحتلال في مدينة القدس؛ ولذلك هم اتخذوا هذا القرار وكان لمدة ستة أشهر؛ ثم أعطونا مدة 72 ساعة من أجل الاعتراض عليها وقدمنا اعتراضنا فعليا؛ ولكن من الواضح أن نية الاحتلال تكمن في تقييد حركتنا والتعدي عليها في التجول والحديث مع من نشاء".

 

قيود صادمة


وأشار إلى أن المحررين الآن بانتظار الرسالة الثانية التي تحدد لهم الأماكن والشخصيات التي ممنوع عليهم الحديث والتواصل معها، مؤكدا أن هذا لن يفت من عضدهم؛ "لأن ممارسات الاحتلال اعتاد عليها الفلسطينيون جميعا ورغم قسوتها لم يرفع الشعب الفلسطيني الراية البيضاء ولن يرفعها وسيبقى ثابتا على ثوابته ومقدساته وبوصلته للتخلص من الاحتلال المجرم"، حسب تعبيره.


وتابع: "لن يؤدي هذا القرار لأي تغير في موقفنا، نحن أبناء القدس وفلسطين ثابتون على موقفنا حتى دحر آخر جندي من جنود الاحتلال عن آخر شبر من أرض فلسطين".

 

عقوبات لها ما بعدها

 

هذه القرارات التي يصفها المقدسيون بالجائرة، لها ما بعدها؛ فالاحتلال لا يعاقب فقط بل يحاول إنشاء حالة معينة لردع الفلسطينيين سواء في الضفة أو القدس، ويرى أن قرارات الإبعاد هي من أبرز السياسات التي تؤثر على حياتهم.


مركز معلومات "وادي حلوة" قال إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت 375 قرار إبعاد عن القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك خلال العام 2020.


وأوضح المركز في تقرير أصدره يرصد انتهاكات الاحتلال بالمدينة خلال العام المنصرم؛ أن من بين قرارات الإبعاد 315 عن المسجد الأقصى، 15 عن مدينة القدس، 33 عن البلدة القديمة، 4 عن الضفة الغربية، 8 منع سفر، ومن بين مجموعهم 15 فتى، و66 امرأة وشابة.


ويقول رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد، أبو عصب، في حديث لـ"عربي21"، إن الاحتلال سلم مؤخرا المحررين قرارات مفادها أنهم يشكلون خطرا على أمن الكيان وأنهم نشطاء في تنظيم معاد، وأن قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية تفكر بإبعادهم عن القدس لفترات محددة وتقييدهم من التواصل مع مجموعة أشخاص.


وأوضح أن القرار هذه المرة هو الإبعاد عن كافة أحياء القدس عدا الحي السكني الذي يتواجد فيه منزل المحرر، أي أنه ممنوع من التجول داخل مدينته.


واعتبر أن هذه عقوبات ظالمة تطال أسرى محررين أمضوا سنوات طويلة داخل سجون الاحتلال؛ حيث يُستهدف هؤلاء المحررون ليس فقط في قرارات الإبعاد بل عبر قرارات سابقة نفذت في الفترة الماضية مثل مصادرة أموالهم وممتلكاتهم ودراجة نارية ومركبات، وإغلاق حسابات بنكية لهم وحجز بعض الأموال التي تعود حتى لأطفالهم ومقتنيات ومصاغات ذهبية لنسائهم.


وأضاف: "الاحتلال يحاول دائما توجيه رسائل أن أي نشيط في مقاومة الاحتلال سيواجه تعبا وضنكا في حياته بكافة المستويات".

التعليقات (0)